23 ديسمبر، 2024 7:39 ص

جغرافية الثأر الايراني لإغتيال سليماني

جغرافية الثأر الايراني لإغتيال سليماني

القرار الايراني بالرد على عملية اغتيال القائد قاسم سليماني تم اتخاذه واصبح خارج غطاء التفاوض السياسي والوساطة والتي تشير بعض المصادر الايرانية الى انها بدأت مع الساعات الاولى لإعلان وقوع الحادثة، اذ تصدي المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي لإعلان الرد يعطيه صبغة دينية وعدم الاكتفاء بكونه قرارا سياسيا صادرا عن القائد العام للقوات المسلحة. ومن ثم علينا مغادرة هذه النقطة والبحث عن جغرافيا الثأر الايرانية لقاسم السليماني.
لاشك بان لإيران مناطق نفوذ كبيرة وواسعة في اخطر منطقة في العالم ومصدر طاقتها الاساسي والرئيسي، ومن ثم فان اي قرار يتخذه احد اطراف الازمة الامريكية الايرانية لابد له بان يدرك امكانية اتساع جغرافية المواجهة وانها لن تقتصر على طرفي الازمة خصرا وانما ستضع العديد من دول المنطقة تحت طائلة الثأر الايراني وبما فيها العراق اذ ان القائد سليماني تعرض في اشهر سابقة من العام الماضي الى محاولة اغتيال بتفجير على طريق عودته من مواقع القتال مع داعش والتي اتهم فيها بعض افراد الحماية العراقيين المرافقين لموكبه بانهم كانوا وراء تسريب معلومات حول مسار موكبه، هذا الامتداد للنفوذ الايراني في المنطقة سيضعنا اكثر من مسار للثأر الايراني الاول تصدي ايران مباشرة لهذا الرد، والثاني بان يأتي الرد الايراني غير مباشر من خلال التنسيق مع خطوط المقاومة التي تجعل مواقع الاستهداف اوسع، اذ من الخطأ الاعتقاد بان الحدود الايرانية تقتصر على الجغرافية السياسية لإقليم الجمهورية الاسلامية، وانما ستمتد جغرافية الرد الايرانية لتجعل من دول الخليج عموما، واسرائيل بما فيها الوجود الامريكي في المنطقة اهدافا للضربات الايرانية. او ان العملية ستاتي مزدوجة من خلال الجمع بين كلا المسارين، مما يعني اننا سنكون امام سيناريوهات متعددة.
فاذا ما تم النظر الى عملية اغتيال القائد سليماني بانه تجاوز للخطوط الحمراء للازمة الامريكية الايرانية وان حجم الرد لابد ان يكون متناسبا معها، فسنكون امام مواجهة مباشرة بين البلدين ومن ثم ربما سنكون امام حرب محدودة تقتصر على مدى استعداد الولايات المتحدة الامريكية لتقبل الثأر الايراني والتعامل معه على انه عملية تفريغ لشحنة الغضب التي خلفها اغتيال القائد سليماني في نفوس الايرانيين، ومن ثم يمكن ان تقلل الادارة الامريكية من خسائرها المحتملة بعدم الرد عليها وعدم التعامل مع الثأر الايراني على انه اعلان ايراني للحرب على الولايات المتحدة الامريكية.
او نكون امام حرب مفتوحة ومن ثم سيصار الى المسار الثالث من المسارات المتقدمة ( الضربة المزدوجة ) والذي قلنا انه سيكون بمثابة حرب عالمية ثالثة بين الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في المنطقة من جهة ( ومن ضمنهم اسرائيل طبعا ) وبين ايران وحلفاءها في المنطقة ايضا من جهة اخرى، لاسيما وان خطيب الجمعة في طهران اشار الى كل من البحرين والسعودية في خطبته مصنفا لها على انها جزء من منظومة الشيطان الامريكي والظاهر ان الاشار لهما جاءت بعد اعلانهما التاييد للضربات الامريكية في العراق اذ كانت البحرين اول دولة تدعم وتؤيد القصف الامريكي للواء ٥٢
ان هذا السيناريو في حال تحققه فانه سيجعل مصالح عدد من الدول الاوربية والصين في حالة من الخطر مما سيدفعها باتجاه الوساطة او تكون طرفا في الصراع.
واما في حال اكتفاء الجمهورية الاسلامية بالفصائل المسلحة في دول محور المقاومة فربما سيكون الرد ليس بالمستوى الذي تطمح اليه ايران لاسيما في ظل الاوضاع السياسية التي يعاني منها العراق ولبنان، اضافة الى استمرار الصراع في سوريا واليمن.
ان ما يمكن ان يكون مرشحا اكثر من هذه السيناريوهات هو ان يأتي الرد مزدوجا، ومن ثم ستتبنى ايران الثأر لقائدا بصورة مباشرة ويبقى السؤال عن جغرافيا الثأر الايراني وهل انه سيكون في البر او البحر، واعتقد ان ايران ستكون حكيمة جدا في رد الصفعة لأمريكا وانها لن تسمح لامريكا بان تكسب اي نقطة لصالحها على حساب الثأر الايراني، ومن ثم فان اي ضربة الى دول المحور الامريكي وبما فيه اسرائيل ربما ستكون امريكا اول من يدينه الا انها في نفس الوقت ستعمل على احتواء الموقف وتجعلها هكذا ضربة اكثر ارتياحا لانها لم تكن المستهدفة ومن ثم ستعمل على لملمة جراج الدولة المتضررة من الضربة الايرانية وارضاءها.
وهذا لايمنع من وجود رد اخر من خلال فصائل المقاومة في المنطقة وخصوصا العراقية منها . اذ ستجعل هذه الفصائل من خروج القوات الامريكية من العراق هدفا وحيدا تعمل على تحقيقه من خلال ثقلها العسكري على الجغرافية العراقية، وثقلها السياسي على الجغرافية السياسية.