لعل الحديث عن الموقف الإنساني الذي أبداه رئيس نادي “ريال مدريد” الاسباني، حينما أهدى كاس فوز النادي الملكي ببطولة نهائي أوربا، يصبح من غير المناسب إعلاميا،على قاعدة أن الأخبار بضاعة سريعة التلف ولا تحتمل الخزن والتأخير.
بيد أن تلك القاعدة أسوة بجميع القواعد لها شواذ، فمنظومة القيم الإنسانية،ليست بضاعة تعرض على الجمهور فينتقي منها ما يشاء،بل هي مواقف عابرة للحدود والجغرافيا ومقاومة لعوامل الاندثار الطبيعية، فهي لا تفنى على مر الأزمان والدهور، ولا تستطيع معاول الأقدار أن تقتلعها من الأذهان مهما اشتدت،وربما تجاوزت المواقف الإنسانية مراحل كثيرة لرد الجزاء لتصل مرحلة العبودية!، حيث قال احد الشعراء :(وعامل الناس بالإحسان تستعبد قلوبهم….فربما استعبد الإنسان أحسانا).وهنا بيت القصيد لمحاولة رد الموقف لمن أهدى اغلى كأس في مسابقة الأندية الأوربية إلى ضحايا رابطة مشجعي ريال مدريد في مدينة “الدجيل” في محافظة “سامراء” شمال العاصمة “بغداد”، بعدما تعرضوا إلى هجوم مسلح من قبل إرهابيين ينتمون إلى تنظيم “داعش” الإرهابي أثناء تجمعهم في مقر رابطة مشجعي الريال لمتابعة أخبار ناديهم المفضل في إحدى مقاهي المدينة ليؤدي بحياة ويصيب العشرات منهم ، دون ذنب اقترفوه سوى أنهم مجموعة من الشباب اجتمعوا على محبة فريق كرة يقدم عروض جميلة للساحرة المستديرة ترسم البهجة والحبور على محيا وقلوب ملايين العشاق.مجموعة من الشباب العراقيين أسسوا رابطة مشجعي الريال بصدق، على رغم بعد المسافات والثقافات، ليوصلوا رسالة إلى العالم مفادها أن الشباب العراقي خالي من العقد ولن ينكسر رغم جسامة وفداحة الظروف التي يتعرض لها منذ سنين، ولأنهم صادقين والصدق صفة محببة في شرائع الأرض والسماء،فقد كانت رسالتهم مدوية حيث شاهدت ملايين البشرية في أرجاء المعمورة التي شاهدت نهائي أندية أوربا وقفت الحزن والشارات السوداء التي ارتداها اللاعبون واللافتة الكبيرة التي أبنت ضحايا العملية الإرهابية.
حقيقة موقف أنساني كبير، سيما وان الرجل لن ينسيه الفوز إهداء ألكأس إلى الشباب العراقيون الذين قضوا في العملية الإرهابية في أول تصريح بعد المباراة.لقد قدم “فلورنتينو بيريز” درساَ إنسانيا يستحق الثناء والتوقف عنده لمعرفة كيف يفكر وينظر الآخرين إلى الرياضة بصورة عامة والى كرة القدم تحديداَ.موقف كبير يثير فينا تساؤلات واستفهامات من ظلم ذوي القربى لكرتنا ورياضتنا،فعلى الرغم من وفرة المواقع الإدارية لأشقائنا العرب في الاتحاد الدولي والآسيوي ،بيد أننا لم نشهد موقف داعم للرياضة العراقية، سيما ما يتعلق بالحظر المفروض على كرتنا منذ عقود!،ولم نشهد أن نطق احدهم أو نبس ببنت شفه بكلمة علل بها نفوس أشقاءه العراقيون، والطامة الكبرى أن بعضهم يستكثر علينا أن نختار أرضا يستطيع أن يتواجد فيها الجمهور العراقي بسهولة دون اجراءات بيروقراطية وأمنية هدفها الاستفراد بالمنتخب العراقي.السؤال هو متى نمارس الرياضة كمحيط دون عقد السياسة؟كما يمارسها العالم المتحضر.شكرا بيريز فدرسك تجاوز الجغرافيا.