بعد الأسماء الثلاثة الفاشلة التي طرحتها كتلة (الفتح) لتولي منصب رئيس الوزراء، طرحت كتلة (سائرون)، على لسان صالح العراقي أسماء ثلاثة أخرى، بزعم أنها أسماء مرضية من قبل الشارع العراقي، هي كل من: رحيم العكيلي ومصطفى الكاظمي وفائق الشيخ علي.
إن أقل ما يمكن أن يقال عن هذه الشخصيات الثلاثة هو أنها شخصيات إشكالية يستبعد جداً أن تحظى بقبول الأطراف الأخرى في العملية السياسية، هذا فضلاً عن إن بعضها ذو ولاءات مشكوكة، وبعضها جاهر بالعداء لأطراف مؤثرة، وبعضها لا يملك عمقاً سياسياً، وهو أقرب إلى أن يكون ممثلاً كوميدياً من الدرجة الثانية.
إن الواقعية، من جهة، والشعور بالمسؤولية التاريخية والوطنية، من جهة أخرى تقتضيان جدية أكبر من قبل الأطراف جميعاً في مقاربة مسألة رئاسة الوزراء، والكف عن طرح الأسماء بنية مناكفة الطرف الآخر.
أعتقد أن الواقعية تقتضي تحقيق التغيير الحقيقي بطريقة التدرج، لتجنب إراقة المزيد من الدماء، التي يمتلك النظام وأدواته القمعية استعداداً كبيراً للخوض فيها، وعليه يجب أن يتبنى الشعب خياراً دقيقاً كفيلاً بتحقيق أهداف ثورته المجيدة، من جهة، وكفيلاً بإحراج النظام وأحزابه، وبرأيي – وهو رأي طرحه كثيرون قبلي – أن السيد جعفر محمد باقر الصدر خياراً نموذجياً.
فالرجل يمتلك من المؤهلات العلمية، والنزاهة الشخصية، والفكر السياسي الذي عبر عنه في بعض لقاءاته، ما يؤهله لتأدية مهام مرحلة انتقالية تحقق طموح الشارع الناقم على نظام المحاصصة الفاسد. كما إن تاريخه العائلي والسياسي المرتبط بجهات مختلفة في العملية السياسية يجعل من عملية رفضه من قبل أحزاب السلطة أمراً محرجاً، وغير مبرر البتة، وسيجر عليها مزيداً من النقمة الشعبية، ويُسقط عنها آخر ورقة توت يمكن أن تواري عورتها.
من هنا – برأيي – على الشعب أن يركز نضاله على اختيار هذا الشخص، ويخرج من موقفه السلبي، فالأحزاب لا تخسر شيئاً إذا ما مضت في لعبة اختيار الأسماء المرفوضة واستبدالها بأسماء مرفوضة أخرى، فالوقت – كما تفكر – في صالحها، والرهان على تعب المتظاهرين، وزرع الفتن فيما بينهم كان دائماً نصب عينها.
بقي أن ننبه على أن اختيار السيد جعفر لابد أن يكون مشروطاً بتخليه عن تأثيرات حزب الدعوة الذي سبق أن دخل الانتخابات تحت يافطته، والتيار الصدري الذي قد يُحسب عليه الآن.