مضّت شهور عديدة، والعمليّة السياسية في العراق منحرفة عن الجادة، ذات عُقّدْ صَعْبّتُ الحَل، بسبب المناوشات الإعلاميّة المستمرة بين الإطار التنسيقي والسيّد مقتدى الصَّدر، التي جعلّت العلاقة تتسم بالتشنج الحاد جداً.
إلى ليلةِ أمس، حيث اجراء السيّد مقتدى الصدر مكالماتٌ هاتفية مع العديد من قادة الإطار التنسيقي وعلى رأسهم نوري المالكي، ولكن هذا ليس الحل ذو الاطروحة الكاملة، لن يكسر هذا الاتصال حدود التشنج والمناوشات بين الصدر والإطار، بل هنالك مُعظِلّة رئيس الوزراء القادم!.
طرح السيّد مقتدى الصَّدر مرشحٍ توافقي للإطار وهو السيّد جعفر الصَّدر، وعلى ما أعتقد بأن السيّد جعفر أكثر حظوظاً من غيره لضبطِ إيقاع سير العملية السياسية المُعقّدة الآن.
لعدّة أمور واعتبارات للطرفين، بالنسبة لقادة للإطار: فهم متخوفون من الصَّدر وعلى رأسهم المالكي، ومن الأمور التي تُخيف الإطار:
أولاً: السلطة التشريعية والرَّقابية (مجلس النواب) اصحبت بقبضةِ السيّد مقتدى الصَّدر وحلفائه.
ثانياً: ماذا سيفعلُّ بِنا إذا اصبحت بيّده السلطة التنفيذية (رئاسة الوزراء)؟.
ثالثاً: هل سيقدمّنا السيّد مقتدى الصدر قرباناً لمشروعهِ الإصلاحي؟.
رابعاً: هل سيحلُّ هيئة الحّشد الشعبي؟. خامساً: لهذا نحن لا نرضى بصدري “قُح”!.
(الإطار التنسيقي)
بينما السيّد مقتدى الصَّدر صاحب الجماهير الضخمّة التي تطالبهُ بأمرين:
أولاً: إن يمضي قُدُمّاً بمشروعهُ الإصلاحي.
ثانياً: إن يستمر بالتخطيط لتنصيب “الصّدري القُحْ”.
إنْ تغافل السيّد مقتدى الصدر عن مطلب جماهيرهُ المتمثلة بهذين الشرطين فسيخسرهُم لا محالة.
إن أيُّ مشروعٍ يُطرح، فهو يتوقف على القائد الذي تتوفر فيه سمّات الشخصيّة القيادية التي باختيارها تُنجح المشروع، ولن يتوقف المشروع على المشروع نفسه بل على الشخص الذي يقود المشروع، وأن مشروع السيّد مقتدى الصدر “الإصلاحي”، فهو يتوقّف على “الصَّدري القُحْ”.
ومَن هوْ الصَّدري القُح الذي يرضى به الإطار؟ والصَّدري قُح: هو شخصيّة وطنية معتدلة تتوفر فيّها جميع السُمّات القيادية، وأن يكون من صُلْبِ العائلة الصدرية (آل الصدر)، لأن “القُح” هو ابن العائلة فقط لا غيره.
فمّن هو؟، السيّد جعفر الصَّدر، نعم هو الذي سيرضى بهِ الإطار وللأسباب الآتية:
أولاً: السيّد جعفر الصَّدر، (صدرياً) ولكنه ليس (تيارياً){1}.
ثانياً: يحمّل فكر متسامح {2} أبوي شامل للجميع، فتسامحه طال حتى على حزب البعث الذي كان هو وعائلته أحد ضحاياه.
ثالثاً: ليس لديه ميول انتقام، وأن كان كذلك كان الأولى له الانتقام ما بعد السقوط من شخصيّات نصّبت له العداء ولوالده وشخصيّات عديدة من أسرته، وهذا ((ما سيُّريح الإطار)) .
رابعاً: تربطه علاقة طيبّة مع أغلب الأطراف المتشاركة بالإطار التنسيقي. خامساً: مستقل لا يتنمِ إلى أي جهةٍ سياسية. {3}
سادساً: سيضع السيّد مقتدى الصَّدر الإطار التنسيقي باختيارهُ هذا، في موضعٍ محرجٍ جداً، فأنتم يا إطار تدعون انتمائكُمْ و ولائكُمْ للسيّد محمد باقر الصدر[قدس]، هذا ولدهُ فلماذا لا ترضونَ بِهِ؟!.
سابعاً: يكون السيّد مقتدى الصدر إزاء هذا الاختيار، قد ارضا جميع جماهيرهُ التي تُطالب بـ (الصَّدري القُحْ).
ثامناً: باختيار جعفر الصَّدر رئيساً للوزراء ستكون المعادلة السياسية المُعقّدة الصعبّة بين السيّد مقتدى الصدر والإطار قد حُلّتْ.
فسارِعُ يا قادةِ الإطار لحل المعادلة السياسية المعقّدة الصعبّة، لضبطِ إيقاع سير العمليّة السياسية وإصلاحه بعد أن انحرف عن جادته، ويكون ذلك بالاختيار الأمثل هو السيّد جعفر الصَّدر.
بقلم : مقتدى الشميسي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ هنالك فرق بين الصَّدري والتياري: فالصَّدري: هو ذاك الشخص الذي ينتمِ إلى مدرسة آل الصَّدر العلميّة والعقائدية والأخلاقيّة.
إمَّا التياري: فهو ذاك الشخص الذي ينتمِ إلى الكيان السياسي (التيار الصَّدري)، المشارك في العملية السياسية ما بعد 2003م.
فهنالك العديد من الشخصيّات المعروفة هي (صدرية) لكنها ليست (تيارية).
2/ إن السيّد جعفر الصدر يحمل فكر متسامح أبوي شامل طال حتى حزب البعث الذي كان هو وعائلته أحد ضحاياهم.
ويدعو السيّد جعفر الصدر البعض عن ترك المناداة للانتقام من دم والده السيّد محمد باقر الصَّدر، والسير نحو بناء عراق حضاري متمدن.
راجع كتاب (الدين الجديد، الإسلام بنظرية حديثة، مقتدى الشميسي، “موقفه من حزب البعث”) أي سيّد جعفر. 3/أيضاً المصدر السابق، (موقفه من حزب الدعوة).