ما يقوم به البعض ( القشامر ) من أحاديث أمام وسائل الإعلام لن يُجدِ نفعاً ولا يُقدم لقضية المهجرين والنازحين حلاً مؤقتاً أو حلولاً دائميه .. وها نحنُ نعود إلى نفس المشكلة الأولى التي أُبتليت بها محافظتنا وبخاصة مدن الأنبار وهي الحديث بإسم المحافظة لعددٍ من المتخلفين المحسوبين ظلماً عليها ممن يدعي أنه سياسي ونزيه وشريف وغيور وهم في حقيقتهم وباء الأنبار وطاعونها وحمداً لله أنهم جميعاً كُشفوا بعد أن تخفوا لسنين طويلة !
في البدء لا بد من التذكير بأنَّ من نزح من محافظة الأنبار بلغ أكثر من 85% من أعداد السكان ومن المتوقع أن يصل إلى 100% في الأشهر القابلة مع إمتداد وتوسع ساحات القتال وإشتداد حدة المعارك ، وبينّا في مقال سابق خريطة توزيع نازحي المحافظة بإختصار وظهور مواقع جديدة للمخيمات تم إختيارها عشوائياً أو بتخطيط مسبق من الدولة أو مما يُسمى بمنظمات الإغاثة التي تلعبُ دوراً خطيراً جداً في زيادة عدد النازحين وإدامة الهجرة والنزوح من المحافظة ، بمعنى آخر زيادة حدة المعارك والتوترات لآنها الشريان الوحيد الذي يُغذي تلك المنظمات ببقائها في العراق أو في أي دولة أخرى تعاني من حربٍ أو ظروفٍ مماثلة .. مخيم بزيبز الشرقي والرضوانية واللطيفية وكلار والمسيب وصدر اليوسفية ومخيمات في مناطق أخرى أختيرت لها أراضٍ مناسبة جداً لهذه المنظمات واللجان كي تستمر بسرقاتها وتبدأ بتثبيت بقاء النازحين مستقبلاً واللعب بمصيرهم كورقة سياسية أو ورقة تفاوض وضغط للحصول على مكاسب إقتصادية وأمنية وعسكرية وموطأ قدم في المستقبل القريب جداً .. فلكي تبدأ هذه اللجان والمنظمات مهمات التفاوض عليها أن تختار أرضاً بمساحات واسعة تملأها بالنازحين وتُمهد أولى خطواتها بتكليف عدد من وسائل الإعلام بالذهاب إلى تلك المخيمات وتسليط الضوء على ما تعانيه من سوء خدمات وقلة الطعام وإنتشار الأمراض والمخاطر الأمنية وأمور أخرى تجعل المتابعين يعتقدون أنَّ هذه المنظمات تُدافع عن حقوقنا وهو ما يُقصد به العكس تماماً فمنظمات الإغاثة التابعة لدول أجنبية أو مؤسسات مخابراتية معروفة من أولى واجباتها زيادة المعاناة ساعة بعد ساعة وتضمين عملياتها السرية بتوزيع صناديق طعام مُخزية وبطانيات ومواد أخرى وخيم عليها بطبيعة الحال ختم تلك المنظمة .. والنازح ينتظر من يمدُّ له يد العون وليس له الحق أن يسأل عمَّن هو ومن أين أتى بهذه المواد .. فالنازح الجائع يبحث عن طعامٍ يُشبعه وكذلك المريض عن دواءٍ يُشفيه أما النازحين الّذين ينامون في العراء فلا يَسألون أبداً وليس من حقهم من أين أتت تلك الخيمة كي تأويهم أو هذا الكرفان .. فالنازح أسيرُ حربٍ أعزل .. أما من يظهر على وسائل الإعلام من ( الكذابين ) فهو لا يعلم أنَّ العالم كله ينظر إليه ، لكنه ماذا قدم !
وماذا سيقدم إذا كانت جميع لقاءات وتصريحات هؤلاء لا تضع النقاط على الحروف .. لماذا ينقل الإعلام مالا يحق له نقله .. نازحون يمزقون الهوية وآخرون يسبون ويشتمون ونازحات يبكين ويلطمن وجميعنا لم نصل إلى حل ولن نصل إذا ما بدأنا بالخطوات غير السليمة ..هنا لابدَّ لنا من الإتفاق أولاً والإعتراف بأنَّ قواسم النازحين مشتركة وهي نزوحهم جميعاً من مناطق سكنهم وبيوتهم وكلياتهم ودوائرهم ومفارقتهم لذكرياتهم وتأريخهم وجيرانهم وجوامعهم .. الأمرُ الآخر والأخطر أنهم جميعاً يجهلون مصيرهم ومصير ومستقبل عوائلهم وعليه سيتخذ الكثير منهم قرارات بعدم العودة أو إختيار مدن ومناطق أخرى إذا ما أُمنت له دوافع وأسباب عيش كريم وآمن .. ولأنَّ النزوح أصبح واقع حالٍ لديهم إختار النازحون في بداية موجة النزوح من المحافظة أماكن سكن شبه ثابتة في كردستان وبغداد وبعض مدن الجنوب وبدأت تلوح في أفق تخطيطهم وتفكيرهم أنَّ لا عودة إلى مدن الأنبار ومدنها مرةً أخرى وعليهم القبول والرضوخ بما سيحل بهم مستقبلاً في هذه المناطق بعد التغيرات الكبيرة سياسياً وإقتصادياً وأمنياً وديموغرافياً فيها .. فالنازحون في كردستان متخوفون من إعلان الدولة الكردية وما سيتبعه من إجراءات قانونية ضدهم لأنَّ معنى ذلك أنهم لاجئون في دولة أخرى !
وفي بغداد أصبح واضحاً للعيان أنَّ الميليشيات والقوى العسكرية المتنفذة التابعة للكتل والأحزاب السياسية ستُطبق بفكيها القويين على بغداد وما أدراك ما ستقوم به حينئذ .. تبقى لدينا المخيمات المنتشرة بعشوائية في كل مدن العراق لكنها تكثر في المناطق الآمنة الآن والتي قد تصبح غير آمنة مستقبلاً .. الدولة بكل صلاحياتها ووزاراتها ومؤسساتها ودوائرها إستسلمت وأعلنت أنَّ هذا الأمر أكبر من طاقتها ويفوق حجم ما خُطط له .. ما يُسمى بالأمم المتحدة ومنظماتها وعملائها ينتظرون خراباً أعم وأوسع وأكبر كي ينتشروا في العراق أكثر وتزداد هيمنتهم وسيطرتهم على ملايين المواطنين بحجة المساعدات الكاذبة للنازحين !
ماذا علينا أن نفعل !
كما أسلفت نفس الأخطاء السابقة يجب ألا تُكرر, ولا يمثل النازحين أو يتحدث بلسانهم أي مسؤول رسمي من وزراء المحافظة أو أعضاء مجلس النواب أو المحافظة ومسؤوليها الرسميين وأعضاء مجلس المحافظة ونظرائهم من عصابات النفاق والكذب والرياء والسحت فهؤلاء معشر متنقل للضحك على الناس وعلى أحزانهم وثعالب جاهلة لا تُحسن غير التنقل من جحرٍ إلى آخر .. من يتحدث عن النازحين يكون منهم ، في المخيمات أو في خارجها وإذا كان واحدٌ من هؤلاء يدّعي أنه مخلص وشريف ، فليأتِ ويسكن هو وعائلته في أي مخيم يختاره وليجرب الجلوس أياماً بترابها وغبارها وحرها وذلها للعبور من هذه السيطرة إلى الأخرى ومن أخرى إلى أخرى .. النازحون بينهم من يُمثلهم من التخصصات القانونية والإدارية والعلمية والإعلامية وغيرها ممن يُفترض أن يُبادر إلى التحدث بإسمهم أو إجراء إتصالات مع جهات في مناطق النزوح وحتى السفر إلى خارج العراق لإيصال صوت النازحين الحقيقي إلى العالم .. فالبكاء والسب والشتم لا يوصلنا إلى حلول .. على مثقفينا النازحين أن يكتبوا ويبدأوا حواراتهم ونشاطاتهم في مناطق النزوح .. صوت النازحين الواعي المثقف المقتدر المعتدل هو من سيعيدنا إلى بيوتنا وجامعاتنا ومدارسنا .. نحنُ من عليه أن يبدأ الخطوة الأولى .. لا أن ننتظر من تتقافز الشماتة من بين عينيه أو يُخبأ وجهه من الشمس أو يبيع ويشتري بمستقبل مدننا ( الأنبارية ) ممثلاً عنا ..