23 ديسمبر، 2024 4:51 م

جزيرة القرم والحرب العالمية الثالثة

جزيرة القرم والحرب العالمية الثالثة

شهدت جزيرة القرم الحرب العالمية الاولى والثانية ،وكانت مسرحا ومنطلقا للحروب التالية ،التي جرت بين الامبراطوريات الالمانية والروسية والعثمانية والبريطانية والتتار والمغول والفرنسيين  على مدى القرون ،وهي جزيرة استراتيجية تنعم بالحكم الذاتي الخاضع لجمهورية اوكرانيا ،وعاصمتها  سيمفرويبل،وكانت اسوء الصراعات فيها ما سميت ب(حرب القرم) والتي حدثت بين عام 1853-1856بين روسيا والامبراطورية العثمانية وراح ضحيتها اكثر 750الف بين الطرفين ،واليوم تعود جزيرة القرم الى واجهة الاحداث العالمية بتدخل روسيا مجددا فيها وغزوها،بعد هروب الرئيس الاوكراني يانكوفيتش الى روسيا في اكبر مظاهرات شهدتها العاصمة كييف ضد الدكتاتور يانكوفيتيش ،حيث ارسل الرئيس الروسي اكثر من 2000 جندي روسي الى جزيرة القرم وسيطر الجنود على القواعد العسكرية و المطارات والابنية الحكومية فيها ووصفتها حكومة اوكرانيا بانها غزو روسي لبلادها ،في حين حذر الرئيس الامريكي باراك اوباما روسيا قائلا( بان اي تدخل روسي في اوكرانيا سيكون له ثمن  ) ،واضاف في حديثه للصحفيين يوم الجمعة قائلا لهم(“نشعر الآن بقلق عميق من تقارير التحركات العسكرية التي يقوم بها الاتحاد الروسي داخل أوكرانيا. أي خرق لسيادة ووحدة أراضي أوكرانيا ستكون مزعزعة للاستقرار بشكل كبير. الولايات المتحدة ستقف مع المجتمع الدولي في تأكيد أنه ستكون هناك تكلفة لأي تدخل عسكري في أوكرانيا”.)،في وقت وافق البرلمان الروسي على التدخل العسكري في اوكرانيا وبالتحديد في جزيرة القرم ،التي تعتبرها روسيا موقعا استيراتيجيا عسكريا واقتصاديا لايمكن التغاضي عنه ،مع رفض دولي وغربي شديد ضد هذا التدخل الروسي في الشؤون الاوكرانية الداخلية وفي مقدمة الدول الغربية فرنسا وبريطانيا والمانيا ،فهل تشهد جزيرة القرم الاستيراتيجية منطلقا جديدا لحرب عالمية ثالثة ،كما بشر بها هنري كيسنجر قبل عام او اكثر ،هنا تحليل لما بعد الغزو الروسي لجزيرة القرم واحتلالها باكثر من 6000 جندي روسي ،مما يهدد الامن الوطني الاوكراني ،اولا ويهدد المصالح الغربية والامريكية ،وهل لهذا الغزو الروسي ابعادا اخرى وتداعيات على منطقة الشرق الاوسط ،وهل يمكننا اعتبار الغزو الروسي لجزيرة القرم (فخا امريكيا )، لروسيا كما نصبته من قبل للعراق ابان احداث الكويت ،وهل سنشهد نجاح هذا السيناريو مع موسكو، كما نجح مع بغداد ،وكيف سيكون شكل منطقتنا والعالم ،بعد الغزو الروسي لجزيرة القرم واوكرانيا عموما ،وكيف سيكون رد الدول الغربية وامريكا ،بعد الغزو الروسي هذا ،وهل سنشهد حربا عالمية اخرى ،في ظل التغيير الامريكي لسيناريوهاتها في المنطقة العربية ،ابتداء المشهد الامريكي في المنطقة العربية اصبح واضحا ،ويشير بوضوح الى تبدل سياسي في احداث العراق وسوريا ،بحيث تلعب واشنطن على الوتر الطائفي ،فهي تدعم جميع التيارات الاسلاموية في كل من سوريا والعراق ،وتدعي ولو (اعلاميا فقط) دعم الجيش الحر والمعارضة الاسلامية المعتدلة بالاسلحة والصواريخ وغيرها دون ان نلمس شيئا على الارض،فهي تمسك العصا هناك من الوسط لاضعاف الطرفين النظام والمعارضة معا ،بحجج واهية اسقطتها الاحداث على الارض وفضحها الاعلام العربي والعالمي والحكومات الاقليمية ،منها خوف ادارة اوباما من وقوع السلطة بيد داعش واخواتها كما تزعم دائما ،لذر الرماد في العيون امام العالم ،وهي من صنع داعش ومشتقاتها في المنطقة ،وفي العراق تدعم حكومة المالكي بالصواريخ والاسلحة والطائرات والدعم الاعلامي الدولي للاحزاب الاسلاموية الحاكمة في السلطة بالعراق ،لاستخدامها ضد المحافظات المنتفضة في الانبار ونينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين  ،وما القتال الدائر في هذه المحافظات الا دليلي على خطة ادارة اوباما لاشعال الحرب الطائفية ،التي فشل سلفه المجرم بوش في اشعالها سنة 2005-و2006 و2007وهكذا ،سيفشل مخطط اشعال حرب اهلية طائفية في العراق وابقاء الحرب الطائفية التي تقودها حكومة المالكي ضد اهل المحافظات المنتفضة ضدها ،هنا يبرز سيناريو ادارة اوباما على السطح ولكن في مكان اخر هو اوكرانيا وتحديدا في جزيرة القرم التي شهد الحروب العالمية ،والتي من المرجح ان روسيا قد وقعت في الفخ الامريكي في الجزيرة التي تعتبرها روسيا مسأة حياة او موت لانها العصب الاقتصادي والعمود الفقري العسكري لروسيا في هذه الجزيرة ،الان يشهد مجلس الامن مداولات ومشاورات للوصول الى نقاط التقاء مع روسيا لحل الازمة في اوكرانيا ،الا ان روسيا استبقت قرار من مجلس الامن وذهبت الى تشريع قانون من البرلمان الروسي يسمح بالتدخل العسكري في الجزيرة الاستيراتيجية ،بالرغم من تحذير اوباما وبريطانيا ،وارسال هذا التحذير على شكل تهديد مبطن حيمنا قال اوباما ان التدخل الروسي في اوكرانيا له (ثمن )،فماهو الثمن ياترى  الذي يريده الغرب واوباما من تدخل روسيا في اوكرانيا ،اليس الحرب التي تلوح بها امريكا منذ سنتين ،بعد ان ضمنت حياد ايران واتفاقها معها بشان النووي العسكري الايراني ،وابرام صفقة معها حول سوريا ،هو تقليل الدعم للنظام السوري ،وابقاء بشار الاسد لحين الانتخابات السورية القادمة ،المشهد في القرم واكرانيا ،مايزال غامضا للاخرين ،ولكنه مرشح للتصعيد في الايام القادمة ،في ظل تعنت وتدخل روسي مباشر وعلني ،دون الالتفات الى الاصوات التحذيرية لامريكا وبريطانيا والمانيا،اننا سنشهد تصعيدا خطيرا بعد تحذيرات امريكا والغرب لروسيا ،ربما تنطلق بعدها الحرب العالمية الثالثة التي تنتظرها امريكا، بعد ضمان تفكيك منطقة الشرق الاوسط على الاسس الطائفية، واقتتال اهلها مع بعضهم البعض واشغالها عن اي تاثير اقليمي، وابقائها ضعيفة منهكة غيرقادرة على الرد ،حقيقة جزيرة القرم ستنطلق منها حربا عالمية اخرى ،وهذا ما تريده امريكا ،فمن سيكون الخاسر فيها ،وكيف سيكون شكل العالم ،بعدها نتظر قليلا لكي تتوضح الصورة اكثر ..انها الحرب العالمية الثالثة التي ستنطلق ثانية من جزيرة القرم الاستيراتيجية ….