23 ديسمبر، 2024 12:58 ص

جزر الواق واق..ومدن الأحلام الطوباوية!!

جزر الواق واق..ومدن الأحلام الطوباوية!!

ذكرني الدكتور طه جزاع ، زميل الزمن الجميل ، بالحلم الذي لم يحققه حتى الآن، وهو أن تحط رحاله هذه المرة في جزر الواق واق ، ربما ظنا منه أن يجد فيلسوفا آخر في الزمن الطوباوي ، أو روائيا يتحاور معه ، وقد تتحقق نبوءته في دنيا أكثر جمالية واكثر تخيلا في أن يجد الإنسان ضالته في هذه الدنيا ، بجزيرة أقرب الى أن تكون (جزيرة الأحلام)، او على شاكلة (جمهورية أفلاطون) ، التي لم يعد لها (دستور) حتى الان ، وبقيت حلما طوباويا لم تجد لها (مشروعية البقاء) على أرض الواقع.. ولا أدري هل يحقق زميلنا الدكتور طه جزاع حلمه هذا، كما نحلم نحن ومعنا الكثيرون، أم أن تلك الأمنية الجميلة تبقى حلما سرمديا للكثيرين على كل حال!!

ولأن جزر الواق واق جميلة وطبيعتها ساحرة خلابة ، كما تقول الروايات ،فقد هيمنت عليها إمرأة فائقة الجمال ، وتحت إمرتها قوة من (مكافحة الارهاب) قوامها (4000) إمرأة يقمن بخدمتها ، بعضهن يرتدين (الشورتات القصيرة) وآخريات (عاريات)، والجزر الزرقاء ، مليئة بالذهب والتبر ، وكل من فيها يتزين بالذهب ، بل ذهب البعض أبعد من هذا ، وقال أنه حتى حيوانات الواق واق تلبس الذهب (ماشاء الله)..موتوا أيها الرجال بغيضكم، فلن يكون بمقدوركم الوصول اليها، الا بـ (دعوة خاصة) ، ويقال أن الطلب على العراقيين هو الأكثر ، شرط أن يثبتوا (حسن السلوك) ، ولم يحاكموا بتهم الإرهاب، ويفضل من يمنح (الفيزة) أن يتخلى عن جنسيته العراقية ، لكي يكون بمقدوره إختيار من يشاء من حسناوات تلك الجزر، ويقضي معهن رحلة العمر بلا (منغصات) ، وأن بمقدوره أن يتزوج أكثر من أربعة من بنات تلك الجزر ، وحسب مهاراته الجسمانية وجاذبية شخصيته!!

وجزر الواق واق ، كما تذكر كتب التراث هي مجموعة جزر قديمة ، ولا يمكن تحديد إن كانت حقيقة أم خيالا، ولا يوجد دليل يُثبت وجودها على كوكب الأرض، برغم ان بعض كتب الجغرافيا أشارت إلى أنَّ موقعها هو في بحر الصين أو بحر الهند!!

وقيل أن الواق واق هو إسم أطلقه العرب على موقعين مختلفين..البلد الأول في الشرق الأقصى، على الشاطئ الشرقيّ من قارة آسيا، وتحديداً شمالي الصين، وقد زعم بعض المسستشرقين أنَّ الموقع لم يكن على الشاطئ الشرقي بل كان جزر اليابان ذاتها، بينما ذكر أن موقعها الثاني في جزيرة مدغشقر الواقعة في قارة أفريقيا، بالإستناد على خريطة منسوبة إلى الإدريسي!!

وهناك من يشير الى أن تسمية الواق واق تُعزى إلى وجود شجرة في تلك البلاد، وتمتلك الشجرة ثماراً على هيئة نساء معلّقات بالشجرة من شعرهن، وإذا ما أُدركت يُسمع منها صوت (واق واق)، وهذا الصوت يفهمه أهل تلك الجزر ويتطيرون منه، كما أخبر موسى السيرافيّ أنَّه دخل هذه البلاد وقد ملكتها إمرأة.

وجزر الواق واق ذكرها إبن عبدالمنعم الحميري في كتابه “الروض المعطار في خبر الأقطار”، كما ذكرت في مقدمة إبن خلدون، وذكرت أيضًا في كتاب “المستطرف في كل فن مستظرف” لمحمد بن أحمد بن منصور الإبشيهي. وفي عام 1145 قام أبو عبدالله برسم خارطة حدد فيها موقع جزر الواق واق، حيث رسم موقعها بأنه بعد أرض سفالا. كما ذكرت الكاتبة حياة الياقوت في كتابها “أليس في بلاد الواق واق” بأن أليس لم تسكن في بلاد العجائب، بل في بلاد الواق واق. أمّا الكاتب محمد محمود الزبيري فقد عنون روايته باسمها وهي (مأساة واق الواق)، وتعتبر هذه الرواية من الروايات اليمنيّة التقليديّة التي تعالج قضايا اجتماعيّة ودينيّة.

ومع كل ماذكر ، يبدو أن حلم أستاذ الفلسفة ورفيق أفلاطون الدكتور طه جزاع ،وزملاءه من (العشرة المبشرة بالجنة) ممن يتناول معهم (الباقلاء بالدهن الحر) و(القوزي المحمر) و(كبة البغدادي ) و(كباب السليمانية) و(لبن أربيل) ، بأن تطأ قدماه جزر الواق واق يبقى حلما بعيد المنال، بالرغم من أن زميله الاستاذ زيد الحلي لم يوجه له (الدعوة) ، كما يبدو هذه المرة في رحلته الاخيرة ، لأسباب قال عنها مراقبون، أنها (غير معروفة)، وقد يعقد (إتفاقية نشر) جديدة هناك ، أو يقيم (مكتب للدعاية والإعلان) ، ويوكل أمر إدارته الى إحدى فاتنات كردستان، وبدون علم الزميل العزيز الدكتور طه جزاع !!

ومع أن جزر الواق واق بقيت حكايات من نسج الخيال، في روايات التراث العربي، على شاكلة حكايات (الف ليلة وليلة)، فأن الدكتور طه جزاع لايدرك أنه يعيش حلم الحقيقة حاليا على أرض الواقع في العراق ، كما يبدو ، فقد تكون بلاده هي (جزر الواق واق) التي يحلم بها، ففي بلده يجد المرء كل شيء متوفر ، والأمور عال العال، والمولات والفنادق وأماكن السهر الحالية ولياليها الحمراء ونوادي اللهو البريء ، قد حققت للعراقيين في أن يجدوا بعض مبتغاهم على أرض الواقع ، وليس كما يحلم الآخرون، وهنا يكون (مكمن السعادة) بأن تكون (جزر الأحلام) هنا على أرض العراق.. وبدلا من أن يضطر زميلنا العزيز الدكتور طه جزاع لدفع مبالغ طائلة للسفر الى جزر الواق واق، التي لم تكن سوى (روايات في الخيال) ولم يجد أحد لها موطئا على أرض الواقع في يوم ما حتى الان.. وبخاصة أن وزارة التجارة قد بشرت العراقيين قبل فترة ، بأنها ستقدم لهم أكلات رائعة في رمضان المقبل ، وهي قد إستوردت للفقراء وعباد الله المغلوب على أمرهم ، وممن لم يحصلوا على الحصة التموينية منذ ستة أشهر ماضية، أنها قد إستوردت لهم مبتغاهم وهو (العدس) ومن مناشيء عالمية معروفة، كي لايقال ان وزارة التجارة قد جلبت العدس التالف ، على شاكلة الرز التالف والحنطة التالفة، وتتهمها لجان النزاهة بأن العدس الذي ستوفره هذا العام لايصلح حتى للإستخدام الحيواني!!

حقا أننا في العراق ، نعيش عصور ألف ليلة وليلة ، بكل قصصها المعروفة، ولكن بـ (المقلوب) .. أما جزر الواق واق ، فتبقى روايات من نسج الخيال..ولن يكون بمقدورنا رؤيتها الا بعد قرون من الزمان ، بل قد لانتمكن من رؤيتها حتى في الدنيا الآخرة، كما يبدو..وتبقى رحمة رب العالمين واسعة ..ونعم بالله ..وعليه توكلنا وأليه ننيب!!