23 ديسمبر، 2024 3:50 م

جريمة (أبو عزرائيل) وجريمة داعش بحرق عناصر الحشد الشعبي اشقاء

جريمة (أبو عزرائيل) وجريمة داعش بحرق عناصر الحشد الشعبي اشقاء

أصدر تنظيم الدولة الإرهابي في الإثنين, 31 آب / 2015 مقطع فيديو يظهر إعدام أربعة عناصر من «الحشد الشعبي»، ردا على قيام أبي عزرائيل، القيادي في الحشد، بإحراق عنصر من عناصر داعش حسب ادعائه والشريط كان بعنوان «فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به»، وجاءت طريقة إحراق عناصر “الحشد الشعبي” بمنظر مؤلم وقاسي على القلب، مماثلة لما قام به القيادي في الحشد أيوب فالح الربيعي “أبو عزرائيل”، وقد علّق مقاتلو التنظيم عناصر “الحشد الشعبي” في جنازير مربوطة بعمود حديدي أفقي، بحيث كانت رؤوسهم وأجسادهم من الأمام قريبة من الأرض التي ملئت بمادة البنزين القابلة للاشتعال، وفي نهاية الإصدار، ظهرت جثث العناصر الأربعة وهي متفحمة.( لا حول ولا قوة الا بالله)
لا أحد يختلف عن ان داعش صناعة ارهابية اقليمية دولية، لكن داعش؛ كانت نتيجة لعملية سياسية طائفية، مارس غالبية قادتها شتى انواع التطرف والارهاب، تحت عنوان(الاحزاب الاسلامية)، وما ان استلموا السلطة في العراق حتى غاب الاسلام تماما، وكانت غالبية احزاب الدولة بخاصة ذات الطبيعة (الاسلامية) هي وراء هذا الخراب والدمار الذي حل بالعراق وسعى الجميع من( الاسلاميين) من كلا الطرفين لإقامة دويلات طائفية على هواهم، لهم اذرع عسكرية، والميليشيات وداعش وجهان لعملة واحدة.
كل العراقيين كانوا يتمنون لو تم مواجهة داعش ومن اتى بداعش، مثلما ينبغي محاسبة الميليشيات التي كانت النظير المشابه لداعش، فلولا الميليشيات وارهابها وبطشها بالعراقيين حتى من ابناء طائفتهم ماوجدت داعش ولا كان بمقدورها ان يكون لها موطئ قدم على ارض العراق، وكان بمقدور قواتنا المسلحة التي لو صمدت وقاتلت وفقا للمصلحة العراقية العليا لما تجرأت داعش على احتلال محافظات عراقية.
جريمة بربرية:
أن ديننا الاسلام علمنا نحترم الانسان ميتا أو حياً ((ومن وصايا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لولديه الحسن والحسين (ع) قوله: إني سمعت رسول الله (ص)، يقول: إياكم والمثلة، ولو بالكلب العقور))، وان نحترم القوانين الدولية بما يخص التعامل مع الجثث والأسرى، وجريمة الحريق العمد تعد من الجرائم الخطيرة في حد ذاتها فضلاً عن أنها تنبئ عن خطورة فاعلها، الذي يلجأ إلى مباغتة المجني عليه باستخدام المواد الحارقة أو القابلة للاشتعال لإلحاق الضرر الجسيم بحياة الأشخاص وأموالهم، ويتعرض كل من يرتكب هذه الأفعال أو يشارك فيها بأي صورة سواء بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة للعقوبات المقررة، فقد نص قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 وتعديلاته بالمواد (406/1/ج و406/2/ب وكذلك المادة 342/4) منه على تجريم إشعال الحريق عمداً بالأشخاص، وحددت عقابا على ذلك بحسب الفعل الذي يتم به إشعال الحريق والضرر الناشئ عنه، اي تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر، فكيف اذا تم حرق انسان بوحشية ومع سبق الإصرار والترصد؟
ومن متابعة جريمة أيوب الربيعي فنجد ان جريمته مكتملة الأركان بركنها المادي والمعنوي، ويتم استخلاص القصد الجنائي من ظروف الواقعة وملابساتها، وتتحقق بمجرد وضع الجاني النار عمداً لإحراق المجنى عليه.
وأن العمد والوحشية في جريمة أيوب الربيعي، هو توجهه اختيارا ومع سبق الإصرار والترصد إلى تعليقه ووضع النار بجسد المجنى عليه بعد وبعدها تقطيعه بسيف على طريقة الشاورمة ويردد عبارة إِلا (كص)، أياً كان الباعث عليه وكما يدعي انه داعشي، وهو بذلك الغى الولاية العامة للقضاء العراقي ومنح نفسه سلطة اصدار احكام الإعدام وهي سلطة لا يملكها الا القضاء، وارتكب جريمة مخالفة للدين والشرع والأعراف السماوية وادى الى ان يقع ضحيتها اربع مغدورين أبرياء كنتيجة للفعل ورد الفعل، وهذه الجرائم يجب ان يتم محاسبة مرتكبيها اذا اردنا ان نحيا بظل دولة القانون، وعلى الحكومة ان تقوم فورا بإدانة تلك الجرائم وإلقاء القبض علي مرتكبيها وتسليمهم للقضاء لتنصب العدالة موازينها، حيث ان السكوت والتغافل المتعمد عن تلك الجرائم، يؤسس الى عمليات قتل خارج القانون، وتستوجب وقفة جادة من مفوضية حقوق الانسان العراقية والمراجع السياسية وبخاصة الدينية؛ لا ان نقوم باستقبالهم وكأنهم ابطال حمو العراق؛ لان البلدان لا يحميها مرتكبو جرائم  حرق الأشخاص حرقا وتقطيعهم وكأنهم شاورمة،  خصوصا ان الامام علي عليه السلام كان يوصي أبنائه بالرفق بقاتله بضربة واحدة وعدم التمثيل بجثته، وهذه الجرائم اقل ما توصف بانها خروج عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وسبق للمرجعية الدينية في النجف الاشرف، ان استنكرت جرائم مماثلة لها.
ان البحث والتحري عن تلك الجرائم(جرائم داعش وجريمة أيوب الربيعي) أسفر عن أنها ارتكبت بغرض إرهابي لان عمليات حرق الأشخاص لا يمكن إعطائها غير الاتجاه الإرهابي وخصوصا بعد الاطلاع على اعترافات أيوب الربيعي في فيديو كي يعاتب الرجل الذي نشر الفيديو وهو يقول له كيف انا اقطع هذا الرجل من سنة العراق، انه داعشي، وهذا اعتراف بشع مضمونه اصدار ادانات اعتباطية بحق الأشخاص وإصرار على ان تنصيب نفسه قاضيا لإعدام الناس خارج القانون بطريقة تسيء لديننا الإسلامي وتسيء للحشد الشعبي وتسيء لدولة العراق، وإن قانون مكافحة الإرهاب المرقم 13 لسنة 2005 يطال مرتبي هكذا جرائم ولا يمكن إعطاء تبريرات لحرق الأشخاص بانه داعشي او إرهابي وما شاكل ذلك من تبريرات وردت على لسان أيوب الربيعي، لان في ذلك تجاوز على نصوص الدستور وفيه الغاء لنصوص القوانين العقابية، واسقاط للتعاليم والاطر الإسلامية لديننا الحنيف.
جرائم أيوب الربيعي ومن يشاركه وداعش أشقاء، أين منظمات حقوق الانسان؟
مافعلته داعش الإرهابي وما فعله ايوب الربيعي من حرق للأشخاص ليس بجديد وهو تصرف موجود منذ بداية دخول داعش الى العراق، ولكن الجديد هذه المرة هو كشف الجريمة عبر تصويرها وإيصالها للعالم عبر وسائل يديرها مجهولون وهي نفس الالة الاعلامية التي يصدرها داعش ربما ليس بنفس الاشخاص لكن بنفس الفكر الاجرامي، والجديد هو القتل والاشهار به.
ولم يعد القتل شنقا أو نحرا أو حرقا على ما يبدو؛ لتصفية الخصوم والأعداء، فبعد حرق تنظيم داعش الإرهابي  الطيار الأردني معاذ الكساسبة، استخدم أيوب الربيعي نفس الأسلوب، وعادت بعدها داعش وحرقت بنفس الطريقة أربعة مغدورين من الحشد الشعبي وبمشاهد مؤلمة سادية، وجرائم أيوب الربيعي ومن يسانده باتت تراكمية تشبه جرائم شقيقته داعش وأصبح التعبير عن الجريمة أمراً مفزعا ووحشيا، وضرورة بذل جهد لفضحه وتعريته من كافة الجهات السياسية والحكومية والدينية، وسكوت الحكومة ومفوضية حقوق الانسان (التي تتعامل بمعايير مزدوجة عندما ادانت وطالبت إحالة ملف تجنيد داعش للأطفال الى مجلس الامن لكن لم تفعل عندما ظهرت فديوهات لتجنيد الأطفال للقتال من قبل المليشيات) والمراجع الدينية والسياسية والمجتمع الدولي عن تلك الجرائم يعتبر مشاركاً في الجريمة، فعند حرق داعش للطيار(معاذ الكساسبة) طبلت ونشرت كافة وسائل الاعلام العربية والدولية الخبر بعين واحدة، وهذه لحسابات سياسية فجرائم الحرب مسموحة لجهات ومستنكرة ومرفوضة لجهات أخرى.
لا شك أن حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً، جريمة اقشعرت لها جميع الأبدان في كل أنحاء العالم، ووصف المرجع الاعلى السيستاني الجمعة، 6 شباط، 2015 (اعدام تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” للطيار الاردني حيا بانه جريمة ترويع وحشية تتطلب تكاتف جهود جميع دول المنطقة… ) ورغم تكرار هذه الجريمة كل يوم في دول كثيرة: بورما وأفريقيا الوسطى وسوريا في ظل تجاهل إعلامي متعمد.
وأن آثار هذه الجرائم وثقت على بعض صفحات التواصل الاجتماعي ووجدنا الكثير من يتباهي ويبرر ارتكاب أبو عزرائيل لجريمة حرق الجثث، اننا كنا نعيب على داعش بعد حرقه الكساسبة ومنهم من انتقدها، ومن بعض التعليقات التي كتبت(تعيبون على داعش الاٍرهاب والاجرام وأنتم أشد فتكا وإجراما ووحشية وقسوة)، وكنا نعيب على داعش انه يحرق الناس بمونتاج عالي وبكاميرات الــ HD، ويبدو أن فعل حرق الخصوم لم يعد حكرا على تنظيم الدولة الإرهابي، وما شاء الله طلع أيوب الربيعي وغيره لديهم نفس المواهب وبطريقة الكص(الشاورمة).
اننا نريد معرفة الطرق التي تربت عليها هذه النفوس التي تستمتع بحرق شخص وهو حي وبعدها تقطع اوصاله، ويبدو أن فقه التوحش له نسختان لكنهما يشتركان في المضمون والتنفيذ.
أن دستور البلاد الذي يسوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات يضمن للجميع حقوقهم كاملة غير منقوصة، ويمنع المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف من قبل أية جهة كانت خاصة أو عامة، ولا يسمح بمعاملة الغير تحت أية ذريعة معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطه بالكرامة الإنسانية، بل يعتبر ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.
المشكلة ليست في الحرق ولكن المشكلة هو السكوت القاتل للحكومة العراقية ومفوضية حقوق الانسان العراقية والمراجع السياسية والدينية والدول والمنظمات والمفتين المزيفين التي عملت ضجة إعلامية كالجبال عندما احرق الطيار الأردني، والان لا حس لهم من جريمة أيوب الربيعي وجريمة داعش، وكأن المحروق الان ليس إنسان، ولا حتى حيوان، لأنه ان كان حيوان سنسمع الغرب يصرخ تحت قانون الرحمة وحق الحيوان، نعم نفاق ما بعده نفاق.
ويعتقد الغالبية بان السبب الرئيسي في هذه الجرائم لا يمكن حصره، ولكن يمكن التنبؤ به، انه الفهم الخاطئ للدين، وعدم التبصر به، وعدم اتباع الحق ومعرفته، إذ “الحق لا يعرف بالرجال بل اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله” كما قال الإمام علي “عليه السلام”.