23 ديسمبر، 2024 10:58 ص

– كانو يجلسون في الزوايا الرطبة, وفي المقاهي القديمة, يشربون الشاي المحروق, بكثرة, على طريقة الـ (الواصل). يبحثون بنهمٍ عن قراء الصحف أو غيرهم, ليبسطو أمامهم نصوصهم الثقيلة !, وينتظرون ردودهم. لأشهر. والتي غالباً ماتكون سلبية. يتهمون الناس بالبرود, وبإنحدار الذائقة, وقلة الوعي بالآداب العظيمة, إلى أن مَنَّ عليهم شاب فاشل- حسب إشتراطاتهم- لايتجاوز عمره الثانية والثلاثين, لم يكمل تعلميه الرسمي, لا يهتم للفتحة, ولايحترم الهمزة, بعالم مليء بالقراء المتحفزين للإعجاب بكل شيء. دخلوه سريعاً, وهم يرتدون معاطفهم القديمة, وأحذيتهم البالية, والتي لم تعد صالحة للرَكل. لم يكونو لوحدهم, ضربهم عالمهُ بخلاطه الذي يستوعب الجميع. فباتو يشتموه, ويلعنوه, ولكن لا يغادروه, لسببٍ يجهلوه. تجذبهم روح لم تسكنهم, تسمى روح العصر, والتي هي المناخ الفكري المميز لثقافة حقبة معينة من الزمن, والمؤثر عليها, حسب تعريف الفيلسوف الألماني يوهان غوتفيرد هيردر. كل همهم ان لا يفقدو لايكاً لإحدى المعجبات المخمليات.

– لاتعني الشهرة، إمتلاك سر القدرة. بل قد تعني إمتلاك نافذة أوسع على العالم. وفي حالات ليست بالكثيرة تكون متأتية من النبوغ في أمر ما. أمر ما، وواحد في الغالب !.
لاتعني إمكانية أن نطلق الفتاوى (الباتة) في كل شيء، حتى وان كان هناك المئات من المؤيدين لما نقول. هذا إذا أردنا البقاء في عالم الأفكار، ولم نغادره لعالم آخر.

– وسائل التواصل وجدت لكسر إحتكار الكلمة، سيصرخ البعض لأنك تتكلم. يستشهدون بقول لفلان، وللكاتب علان، والذي يريد ان يتكلم، ولكن مثلهم، لوحده فقط. إشتم، إبصق، إحتج، ثرثر، من دون مراعاة، لـ( كلاوات) الأدب.
إذا لم تكن، سياسي ولا من المشمولين بحماية الأرباب، ولاثري، فبالتأكيد انك تنمتي للجماعة الأكبر “جماعة الضحايا” التي ينال من دمائها الجميع، بما فيهم محتكري القول. تكلم ولاتدع لهم الجو. أكتب عشرات المنشورات التافهة يومياً. هذه لغة جديدة للإحتجاج، سيصرخون منها كثيراً، ويعولون أيضاً.
كن موجودا،ً مثلهم، كَنِّد, فوسائل التواصل للمُسّكَتين، وليغادرها من كان كبيراً.

أيها المُتزاعجين: هذه الوسائل ليست لكم, إذهبو لنشر خزعبلاتكم في جريدة الثورة.