في ناحية جرف الصخر، سطر يوم أمس الأول أبطال العراق ملحمة جديدة من ملاحم التحرير السامية، بحيث أعلنت وسائل إعلام ومواقع تابعة للعدو، أو محسوبة عليه هزيمته فيها، قبل أن تعلنها وسائل أعلام العراق المنتصر.. حتى أن (الخليفة الخرنگعي) أبو بكر البغدادي قد بحَّ صوته من الصراخ في خطبته يوم (الجمعة)، وما بعد هذه الخطبة بساعات أيضاً، وهو يحاول عبثاً إيقاف هروب وإستسلام أتباعه في هذه المعركة الهامة والخطيرة، لكن نباحه لم يمنع من هروب الداعشيين، أو إستسلام مئة (كلب منهم) لقواتنا الأمنية وأبطال الحشد الشعبي.. فضلاً عن قتل عشرات الأوباش الذين ملأت جثثهم العفنة أرض المعركة، إضافة الى تدمير حوالي ثلاثين عجلة وآلية داعشية!!
أحد الزملاء قال معقباً على ما ذكرته في حديثي أمس مع هيئة التحرير عن معاني هذا النصر الكبير، من الناحية اللوجستية، والفنية، والمعنوية، والذي أعتبرته أول نصر عراقي تام تحققه قواتنا العسكرية والمدنية في حربها ضد داعش: بأن هذا النصر- والقول هنا لزميلي- ليس النصر الأول الذي يتحقق في هذه الحرب، إنما سبقه النصر الكبير في آمرلي، والضلوعية، وغيرهما!!
وجوابي كان على هذا الرأي بالقول: نعم، فالنصر الذي تحقق في آمرلي هو نصرٌ عظيم، يرتقي لمستوى الإنتصارات البليغة التي تستحق أن تدرَّس في أرقى الكليات الحربية العالمية، ومعه معارك الصمود في الضلوعية، فهي الأخرى مفخرة من مفاخر التلاحم الشعبي الوطني، وملحمة رائعة من ملاحم الصمود الطويل، لكن الذي عنيته في نصر جيشنا الكبير بجرف الصخر يوم الجمعة هو نصرٌ مختلف عما يقصده زميلي العزيز، فمعركة جرف الصخر، كان فيها الجيش العراقي وأبطال بدر وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وأبطال سرايا السلام والمتطوعون الأشاوس هم الذين يصولون ويهجمون على فلول العدو، بغية تحرير الأرض والموقع من دنس المحتلين الأشرار.. بمعنى أن جيشنا كان المهاجم، والعدو هو الذي يدافع، في حين أن أهلنا في معركة آمرلي كانوا يدافعون عن مدينتهم، والدواعش كانوا يهاجمونها.
لذا فإن العملية تختلف بين جيش يبادر الى خوض معركة لتحرير أرضه، وجيش يضطر لخوض معركة دفاعية، هي بالنسبة له معركة حياة أو موت!!
لقد كانت معركة يوم الجمعة في جرف الصخر تعني الكثير، فهي تعني: إننا أستوعبنا زخم العدو، وتمكنت دفاعاتنا من إيقاف تقدمه، وتجميده عند حدود معينة، فضلاً عن إبطال وإسقاط كل ما لديه من قوة انفجارية هجومية تدفعه للهجوم على مواقعنا مرة أخرى. وبعد هاتين الصفحتين المهمتين من حربنا مع أوغاد داعش، بدأنا خطوات التحرير، والزحف الطاهر نحو إسترجاع ما فقدناه في غفلة منا، ومن الزمن، وبسبب جبن بعض القيادات الهشة، فضلاً عن خيانات النجيفي (المحافظ)، ومن كان على شاكلته في محافظات الموصل وصلاح الدين والأنبار. لذلك كان إصرارنا على إسترجاع جرف الصخر قوياً، وعنادنا في التقدم نحوها شديداً. فناحية جرف الصخر في الحسابات والأهمية الستراتيجية تعد بمثابة الحلقة الأهم والأعقد في شبكة طرق التواصل بين بغداد والسعودية وكربلاء والأنبار، وهي الصفحة الأبرز في كتاب التحرير والخلاص من كابوس الإرهاب البغيض.. وحين ينجح أبطالنا الأشاوس من رجال المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي في تحقيق النصر المطلوب في ناحية جرف الصخر، فهذا يعني إن هجومنا التحريري الأول قد نجح بإمتياز، وإن الخطوات اللاحقة لن تكون بتاتاً أصعب من الخطوة الأولى، حتى لو كان بينها خطوة تحرير الموصل.. أما لو كان العكس قد حدث لاسمح الله، فقطعاً ستكون النتائج خطيرة علينا – جيشاً وشعباً وقيادة – !!
من هنا أعتبرتُ تحرير ناحية جرف الصخر، أول نصر ستراتيجي لنا، وأهم نصر يحققه جيشنا شراكة مع أبطال الحشد الشعبي على الإرهاب الداعشي.
لا سيما وإن الهجوم الصاعق الذي نفذته قواتنا الأمنية المشتركة فجر يوم الجمعة ودخولها منطقة الفاضلية عبر الجسر الرابط بين منطقة كراغول والفاضلية – وهي منطقة صعبة ومعقدة عسكرياً وفنياً – حتى بعد أن سبقته قواتنا بقصف مدفعي مكثف إمتد منذ الساعة الثالثة حتى الساعة السادسة صباحاً – أي ساعة الهجوم – يعتبر في القياسات العسكرية دليلاً أكيداً على قوة المهاجم، ودليلاً على ثقته بنفسه، وإمكانياته، وثقته بالنصر أيضاً.. وهذا ما كنا نفتقد اليه في الصفحات التعرضية السابقة على منطقة جرف الصخر، والتي فشلنا في أغلبها!!
ختاماً دعوني أتقدم بالتهنئة، وقبلها بالتحية لكل جندي وضابط، ولكل مقاتل بطل شارك وساهم بصناعة هذا النصر العظيم الذي سيكون له تأثير كبيرعلى نتائج حربنا مع الإرهاب عموماً، ومع داعش خصوصاً..
إن إنتصارنا في جرف الصخر، يمثل برأيي جرف إنتصارنا الكلي الحاسم، ومقدمة لتحرير كل الأرض العراقية المقدسة من دنس داعش، ومن جيفة داعش.. ومن نذالة (جماعة داعش في العراق)!!
وقسماً بطف الحسين، وعاشوراء الجرح الكربلائي، أقولها بكل ثقة وإصرار إن أيام الغزاة باتت معدودة، ما دام في العراق عشاق للوطن الجميل، وفيه إستشهاديون يذودون ببسالة عن راية الحرية الحسينية.. وها نحن قادمون..