18 ديسمبر، 2024 5:45 م

اليوم ، سأحاول دخول عش الدبابير عن سابق قصد و إضمار ، سأتحدث عن المواقع السياسية العربية و سأحاول المشى على آخر أصابعى كما يقال لان الحديث فى هذا المجال ليس مطلوبا و ليس مناسبا و ربما ضرره أكثر من نفعه ، ربما فرح الكثيرون فى وطننا العربى من الذين عانوا الويلات و لا يزالون بسبب سيادة الرقيب و مقص الرقيب و أيادى الرقيب الذى تتسلم المقال من هنا و تعبث فيه ليصبح مجرد كلمات مبعثرة و مفردات غير صالحة للقراءة أو المتابعة ، فرح هؤلاء عندما هلت بشائر الاعلام الفضائى بكل عناوينه و من بينها طبعا المواقع السياسية بحيث وجد الكتاب الفرصة النادرة و التى انتظروها طويلا للتنفيس و التعبير عن حريتهم المفقودة فى زمن انظمة الاستبداد العربية التى فقدنا البعض منها اثر هبوب ما يسمى عنادا بالربيع العربى ، ظن البعض و بعض الظن إثم أن عهد سيادة الرقيب المبجل قد ولى و انتهى و أن حرية التعبير ستجد طريقها الى النفوس و أنه لا خوف بعد اليوم لكن الحقيقة مرة و صادمة و مؤلمة .

أى نعم ، هناك مواقع سياسية ” مفتوحة ” للعموم و لكل من له رأى و من له ما يدلى به فى خصوص القضايا و الاحداث العربية ، هذا فى الظاهر طبعا و هذا يغرى فى الظاهر طبعا ، لكن الحقيقة مخالفة و عجيبة و مؤلمة و صادمة أيضا ، بطبيعة الحال كل هذه المواقع تزين مظهرها الخارجى ببعض المغريات مثل أنها مفتوحة للرأى و الرأى الاخر ، مثل أنها تقبل الاختلاف فى الرأى ، مثل أنها مفتوحة لكل الاقلام العربية ، مثل أنها تناصر الكلمة الحرة و حرية التعبير ، مثل أنها لا تجامل و لا تعادى ، مثل أنها صوت الامة العربية ، فهمتم أنها مجرد شعارات رنانة شبيهة بخطب الزعماء العرب و ببيانات الجامعة العربية سيئة الصيت ، فهمتم طبعا أن مقص السيد الرقيب لم يرحل و عين الرقيب لم تغفل و تاريخ الرقيب لا يزال يملأ الساحة ، جرب ، جرب فقط ، أن تخالف المألوف و أن تعاكس الرأى السائد و أن تقف فى الصف أو الجانب الاخر من باب أن لكم دينكم و لى دينى أو من باب أن الامة ليست قطيعا و الرأى الحر ليس سجينا ..قلت جرب ..جرب فقط .

أليس سهلا للمواقع أن تغير اليافطة و أن لا تبيع الاوهام من باب من غشنا فليس منا ، من السهل أن يكتب كل موقع أنه يرفض الرأى الفلانى و الاتجاه الفلانى و يعلق هذه المحاذير للعموم و لكل الذين ظنوا فى وقت من الاوقات أن الزمن قد تغير و أن يد الرقيب الاثمة قد رحلت الى الابد ، ألم يفهم أصحاب المواقع و مؤسسوها أن هذا الكبت و الرفض للرأى المخالف لم يعد مقبولا فى زمن العولمة الاعلامية و أن الامم لن تتقدم بمثل هؤلاء ” الرقباء ” على الفكر المخالف ، لقد عشنا زمن السيد الرقيب طيب الله ثراه و خلنا أن من اتوا بعده قد أخذوا العظة السديدة التى ستجعلهم يبحثون عن أصحاب الرأى المخالف حتى يتولوا الدفاع عن فكرهم مهما كان مختلفا و حادا و رافضا للسائد ،لقد ذهبت بنا حسن النية أن حلمنا بنشر مقال دون أن يتم رفضه بعد أن تجنبنا كل محاذير النشر الاخلاقية و القانونية أو دون أن نواجه بصمت الرقيب حتى لو طالبناه من باب الادب بأى توضيح حول أسباب المنع ، لكن من الواضح أن الكلمة الحرة المخالفة لن تجد طريقها قريبا فى كل مساحات الرأى المفتوحة ، نحن نعلم أن هناك قنوات فضائية عربية مشفرة و يظهر و الله أعلم أن هناك مواقع عربية مشفرة أيضا ممنوعة على كل الذين ابتلوا بمعارضة السائد و البحث عن تنوير الامة و الدفع نحو حراك فكرى مجتمعى متطور ، لذلك نحذر البعض الذين يبحثون عن ” فتح ” هذه المواقع الاعلامية المشفرة و نقول جرب ..فقط جرب …