يروى في ارشيف الدنيا …..
اعلن الشاه اسماعيل الصفوي رحمه الله المذهب الشيعي مذهبا رسميا لايران على الرغم من وجود مدن رئيسة مثل تبريز وغيرخا كانت تدين بالمءهب السني مما ولد مفره شديدة ورد فعل عنيف من سكان تلك المناطق .على اثرها قرب الشاه القزل باش الاتراك وهم من علوية المذهب ونصبهم في قيادات الجيش واستمالهم لصالحه مستفيدا من علاقة النفرة الشديدة بينهم وبين الدولة العثمانية انذاك بسبب سياسات مالية وادارية اعتبروها مجحفة بحقهم .مما دفع بهم الى احداث اضطرابات قويةكبيرة في الاناضول فجابهت الدولة العثمانية تلك الاضطرابات بالقمع والقسوة المفرطه ..كل هذا وغيره ادى بالشاه اسماعيل الصفوي الى استمالتهم والقضاء على معارضيه وفرض المذهب الشيعي والخلاص من دولة اق قويونلو ليكون على تماس جغرافي وسياسي مباشر مع بني عثمان.وأضحت الدويلات الكردية والقبائل التركية في جبال طوروس الصغرى والأقليات المسيحية في أرمينيا كلها من ممتلكات الشاه حسب ادعائهم حتى احتل بغداد عام 1508 وزعموا انهم هدموا ما كان فيها من قبور أئمة سنة وذبح جماعة من علمائهم فسرت شائعة في البلاد التركية بأن مذبحة عظيمة أصابت السنة ببغداد على يد الصفويين.العلاقات العثمانية الصفوية في هذه الفترة اتسمت بالفتور ولم يقترب سفير ايراني لتقديم التهاني والتبريكات الى السلطان سليم تنظيم هدنه اسوة ببقية السفراء حينها..مما فاقم التوتر بينهم وتوقع الكثير حدوث حرب بين الطرفين في اقرب وقت خصوصا بعد تحرك اسماعيل الصفوي بابتعاث وفد كبير الى مصر ومقابلة قانصوه الغوري سلطان مصر وطلبه التحالف معه في تلك الحرب ضد سليم الاول وهذا بدوره طلب التحالف مع المماليك غير انهم اثروا عدم التدخل في تلك الحرب.كل هذه الظروف ادت الى نشوب تحشيدات وتعبئة الى ان تحققت معركة كبيرة بين الشاه اسماعيل والسلطان سليم ياوز الاول كانت كفتها لصالح العثمانيين واحتلال مدينة تبريز عاصمة الدولة الصفويه ذات المذهب السني.واضطر الصفويين لعقد اتفاقية قصر شيرين التي ترسم الهلاقة الفارسية العثمانية جغرافيا ومءهبيا.وبعد الدراسة والتحليل لهذه الرواية نستنتج مايلي:
١- ان رسم السياسات بين هذه الامم تلونه الصبغة التوسعية والاهواء الشخصية .
٢-ان العثمانيين والفرس جزء من خارطة الشرق الاوسط ولديهم امتداد قيمي ومذهبي كبير ونفوذ جغرافي وبشري في المنطقة العربية.
٣-التمدد الفارسي العثماني في المنطقة العربية يأخذ صيغة الصراع والنفوذ والسيطرة ويكون على شكل مد وجزر حسب التفاهمات والتحالفات في كل زمان.
٤-كلا الطرفين تعامل مع العرب على اساس منطقة ضغط على الطرف الاخر من اجل دعم نفوذه واضعاف الاخر.
٥-الفرس والصفويون بالذات دعموا المذهب الشيعي واستغلوا عرب الشرق العربي لاضعاف الدولة العثمانية السنية التي بدورها اعتنقت المذهب مرجعا لها.
٦-العراق في هذا الصراع الفارسي العثماني لم يستقر يوما وليس من صالح اي منهما نشوء دولة قوية تحد من خططهم التوسعية في المنطقة ولحد اللحظة.٧-اتفاقية سايكس بيكوا اسست لبناء دولة وطنية على اساس قومي وقضمت اجزاء كبيرة من نفوذ الدولة السنية العثمانية من خلا الترويج لفكرة الاحتلال والتبعية ورفع شعار الاستقلال .٨-امريكا والغرب حتى وان حاولوا السيطرة العسكرية على ايران او تركيا فانها ستكون مؤقت ولن تستطيع التمدد اجتماعيا وسترضخ للتفاوض مجددا على اماكن النفوذ في جزيرة العرب والخليج واسيا الوسطى.وبناء على ما اسس في السطور السابقة فان السياسات العربية وحكام العرب اذا كانت لديهم الرغبة بالسلام والامن ان تلتزم كفة الحياد وتبني لها سياسة خارجية متوازنة مع كلتا القوى التركية والايرانية وتاخذ بنظر الاعتبار المشتركات الجغرافية والسكانية والمذهبية.اما سياسة التصدي والاصطدام والمجابهة بين العرب السنة والايرانين من جهة والعرب الشيعىة والاتراك من حهة اخرى يخلق صراعات داخلية كبيرة تفكك عمق المجتمع وتشتت اواصره وتلغي جغرافيته الحالية الى كنتونات قبلية ومذهبية ونعود الى المربع الاول وهو (عرب بلا هوية)