22 ديسمبر، 2024 7:18 م

جذور الإصرار الصهيوني في الإساءة الى الحبيب محمد

جذور الإصرار الصهيوني في الإساءة الى الحبيب محمد

الإصرار المتواصل في الاساءة لشخصية نبي الرحمة حبيب رب العالمين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن وليد الصدفة أو جاء بدفع دافع أو أنه بدأ في العقود الأخيرة بل له جذوره العميقة والطويلة وتم التخطيط له من قبل البعثة النبوية أو حتى قبل ولادة الرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه المنتجبين، في عام الفيل 570 ميلادي بمئات السنين ولهذا السبب تم صلب سيدنا المسيح عليه السلام من قبل اليهود لأنه جاء ببشرى ولادة ورسالة خاتم المرسلين لإنقاذ البشرية من الضلالة والجهالة والظلام والشرك والعبودية لغير الله سبحانه وتعالى.

يسعى بني صهيون ومن يدور في فلكهم من قوى الشر والجهالة والضلالة والاستعمار والاستحمار ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا بين الحين والآخر الى الاساءة بأي صورة من الصور لخير خلق الله وسيدهم بتلفيق الروايات والقصص عنه حتى جاءت ولادته المباركة والميمونة ومن ثم حل مبعثه المنقذ للبشرية ليكون دافعاً وحافزاً جديداً لاستهدافه (ص) ولكن بمساعدة عرب الجاهلية والشرك والفرعنة والطغيان وتلتقي معها بسهام حقدها خوفاً على سلطتها وسطوتها على الناس .

استعرضت في مقال قديم لي تحت عنوان “استهداف نبي الرحمة من الراهب بحيرى حتى براءة المسلمين”، وبايجاز الافعال الشنيعة والماكرة التي أقدم عليها محور الشر الصهيوني – العربي لإستهداف رسول المحبة والمودة والعزة والكرامة محمد (ص) وكيف انهم لم ولن يتوانوا في فعل كل مسئ وماكر في هذا المجال منذ بدأ الرسالة النبوية الشريفة وحتى هذه الايام ، ولكن دون أن أذكر محاولات الاغتيال التي بلغت حوالي العشرين واستهدفت حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذاته قبل ليلة المبيت وبعدها وحتى آخر لحظة من حياته المباركة وهو ما يؤكد تماسك هذا المحور وإصراره المتزايد على محاربة دين الله سبحانه وتعالى بكل شكل من الاشكال حتى وإن كان بقتل من جاء بالرسالة (ص) أومحو ما جاء به في القرآن الكريم متجاهلين قوله تعالى “إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ – الحجر: 9”.

لو كان المسلمون متمسكون بما جاء به رسول الهداية والبشارة محمد المصطفى (ص) وعملوا بما أوصاهم به لما وصل بنا اليوم هذا المبلغ القبيح ليتمكن كل من سوّلت له نفسه الدنيئة على المساس بمقدساتنا والاساءة لرسولنا العظيم (ص) أو لأهل بيته عليهم السلام لولا أنهم قد أنكروا وصيته (ص) تلك التي أكد فيها مراراً “إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا”، لما بلغنا ما بلغنا عليه اليوم، فأنكروا كل ذلك عليه وعلى أهل بيته الكرام العظام وعلى المسلمين جميعاً وأضحى غالبية المسلمين مبتعدين كل البعد عن المسير القويم للرسالة المحمدية الاصيلة.

كان من يدعي الاسلام والقيادة الاسلامية أول من أتهم النبي المصطفى (ص) بالهذي والهجر رغم قوله تعالى “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى- النجم:3و4” وهو على فراش الموت في 28 صفر عام 11 للهجرة (666م) ليعيدوا بكل وقاحة ودون إستحياء اتهامات وإساءات آبائهم الجهلة والكفرة والمنافقين وأبناء عمومتهم يهود بني قريضة وبني القنيقاع بالسحر وهو ما أخذت كتبهم المعتبرة مثل الصحاح “البخاري ومسلم” وغيرها من التأكيد عليها كرواية سحر النبي (ص) علی يد يهودي ثلاثة أشهر (رواه البخاري كتاب بدء الخلق/ باب صفة ابليس وجنوده// كتاب الطب/ باب هل يستخرج السحر/ ح3268// صحيح مسلم/ كتاب السلام/ باب السحر ح2189)، رغم ما جاء في القرآن الكريم من نعت للسحر والسحرة وبطلانه وتزكية الصادق الأمين محمد (ص) مما نعتوه به حيث قوله تعالى”وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين – الأحقاف:7″.

هرعوا الى “سقيفة بني ساعدة” في يوم “رزية الخميس” بقبضة حديدية لينصبوا أنفسهم “خلفاء” على رؤوس ورقاب الصحابة والمسلمين تحت يافطة أنه “لا يجوز أن يجمع الهاشميون النبوة والخلافة معا” وسنوا سنة “الانتخاب” النفاقية بدلاً من التنصيب الألهي الذي أقره الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه المجيد “إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ رَاكِعُونَ – المائدة:55” وشكلوا جبهة طويلة وعريضة من بطون قريش وممن والاها وهم أعداء الرسول السابقين، ومن المنافقين، ومن المرتزقة من الأعراب، ومن طلاب الدنيا بدعم مالي من يهود المدينة في ذلك الزمان لشق صفوف المسلمين الموحدة وبث النفاق والفرقة فيما بينهم.

لم يكتفوا بذلك بل تطاولوا أكثر فأبعدوا القرآن الكر الناطق وصاحب الحق والوصي بعد النبي دون فصل أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام من تركة النبي (ص) في إمامة الأمة وهدايتها رغم أقواله (ص) المتكررة بهذا الخصوص والتي وثقته كتب العامة قبل الخاصة ومنها قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: “مَن ناصبَ عليّاً الخلافةَ بعدي فهو كافر، وقد حاربَ اللهَ ورسولَه، ومَن شكّ في عليٍّ فهو كافر” – جاء في كتاب (مناقب عليّ بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي:46/ ح 68)، وكذلك ما روي عن الخليفة الثاني ومؤسس “السقيفة” عمر بن الخطّاب قوله: لمّا عَقَدَ (ص) عَقْد المؤاخاة بين أصحابه قال: “هذا عليٌّ أخي في الدنيا والآخرة، وخليفتي في أهلي، ووصيّي في أُمّتي، ووارث علمي، وقاضي دَيني…”- رواه الكشفي الحنفي الترمذي في”المناقب المرتضوية”، وعلي الهمداني في”مودّة القربى:60″، والسمهودي الشافعي في”تاريخ المدينة 191:1″.

روايات وأحاديث كثيرة لا يسع لهذا المقال استعراضها جميعاً حيث سنذكرها تدريجياً في مقالات اخرى، كان تركها سبب في تجري أعداء الله سبحانه وتعالى ورسوله (ص) من يهود وعرب جاهلية بنصب العداء للإسلام و المسلمين وزرع بذور الفرقة والنفاق بينهم ودفعهم نحو الاقتتال الطائفي وتصوير الاسلام دين المحبة والرأفة والمودة والسلام بأنه دين الدموية والارهاب والاستباحة والقتل والتشنيع وهو ما كانوا يصبون اليه منذ بزوغ شمس الاسم في الجزيرة العربية وحتى يومنا هذا حيث ساعدتهم على فعلتهم الشنيعة هذه الروايات المجعولة والاحاديث المدسوسة بعد أن عمدوا الى منع الصحابة النخبة من نقل ما هو صحيح عن الرسول (ص) وحرق كل ما كتبوه وجمعوه طيلة حوالي قرنين من الزمن بعد رحيل نبي الرحمة، فيما جاءت فتاوى وعاظ السلاطين الذين يبيعون ذممهم بأبخس ثمن وسيلة جديدة لتفعيل الشقاق بين صفوف المسلمين ومنح الفرصة كي يتجرأ ذوي النفوس البخيسة والرخيصة والمنحطة على المساس بنبي الرحمة (ص) ويفلتون من عقابهم تحت يافطة “حرية التعبير” الملونة التي تعمي القلوب قبل الأبصار.

اليوم فيما يحتفل العالم الاسلامي بميلاد هذه الشخصية العبقرية الفريدة باعتراف كبار الفلاسفة وعقلاء المجتمع البشري الأجنبي قبل العربي والمسيحي والهندوسي قبل المسلم والغربي قبل الشرقي وذكرى مولد حفيده السادس من الأئمة الهداة الامام جعفر بن محمد الصادق (ع)، تطل علينا أنباء تطاول جديد وإساءة بشعة على كرامة وشخصية رسولنا المصطفى الأمين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه المنتجبين، وفي مركز التشدق بالحرية واحترام حقوق الانسان، لكن الحقيقة انها مركز الحقد والعداء للإسلام والمسلمين وهي فرنسا حيث الرسوم المسيئة التي أقدمت صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية بإعادة نشرها، ثم كلام الرئيس الفرنسي الفاسق الفاجر، معيداً للذاكرة ما أقدمت عليه بلجيكيا عام 2013 بعرض فيلم بعنوان “النبي البريء” على شاكلة اللعبة الصهيونية فيلم “براءة المسلمين” أعده شخص باكستاني ملحد وساقط يدعى “عمران فيراسات” تناول فيه قصة النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم على أنه متعطش للدماء ومحب للنساء.

هل ستكون ردة فعل المسلمين بكبار علمائهم ومفكريهم ومثقفيهم وقادتهم وحكامهم وحكوماتهم كما في السابق كأن لم يكن شيئاً مذكوراً أم ستعصف العاصفة وسينقلب السحر على الساحر ويضعون حداً لكل هذه الاساءة والتطاول على المقدسات الاسلامية واستهداف شخصية الرسول (ص) وسيعلنون عن غضبهم وإستيائهم وينزلون الى الشوارع ويحظرون المنتوجات والبضائع البلجيكية والاسبانية متمسكين بقوله تعالى ” تَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ …- المائدة:82″ على أقل تقدير؟، أم أن الاعلان عن غضبهم وسخطهم وإبداء ردود الافعال الساخطة مكنون لمصالحهم الشخصية كما كانت ردة فعل آل سعود ومن لف لفهم من الأنظمة القمعية الموروثية التي تلتزم حتى يومنا هذا الصمت حيال كل هذا التجريء على مقدساتنا وعقائدنا؟؟!!.
[email protected]