19 ديسمبر، 2024 9:55 ص

اكثر ما يقلقني ،هو احد اجدادي الموغل بالقدم ، الذي مايزال يشاطرني المنزل ، في الصباح ، يتناول فطوره بشراهة ، ويصفف صلعته العريضة ، ببقايا دهون يجدها فوق رفوف المطبخ ، ثم يخرج ليرجمه الصغار بجرعات مركزة من الحجارة ، فيعود معاقرا قيلولته التي يهش بها غضبه الشاسع ، وقبل ان يعود لسريره الصلب ليلا ، يلج غرفتي ، باحثا في خزانة ملابسنا القديمة عن حلم يغلق به يومه ، دون ان يكترث لوجود زوجتي المسكونه بالملل ، وهي تدعك وجهه بنصف ليمونة صفراء ، كانت تنظف فيها بشرتها من اصباغ المكياج ، لتبني فيه سياجا من الألام ، فيتراجع مهرولا لفناء المطبخ الملتهب بروائح المسموطة والبصل الأخضر مهددا بأحراق المنزل ، وعندما نتضايق من عفونة اعوامه البالية ، نقوم برش قنينة عطور فاخرة على جلبابه الوحيد ، خوفا ان يفتضح امرنا امام الجيران ، ويتهمونا بحيازة اشياء ممنوعة ، وحين نيأس من اقناعه بالأنصراف ، نشكو امرنا لله تعالى ، الذي يأتي حالا ، على رأس مفرزة مدججة بالحبال والمطارق الحديدية والعصي المكهربة ، وسيارات النجدة ، والكلاب البوليسية ، ليقبضوا روحه النزقة ، فيطلبون منا اخلاء المنزل ، واطفاء قنينة الغاز ، فنتنحى على بعد امتار قليلة من المنزل ، لنستطيع ان نسمع الصفعات واصطكاك اواني الفافون واصوات المطارق ، وصياح الملائكة :- اخرج ، اخرج ايها الأعور لكن دون جدوى ، اذ يأبى الذهاب الى مثواه الأخير في مدافن المدينة ، فتبوء جميع محاولاتنا بالفشل الذريع ، اذ يخرج لنا مبتسما ، من غرفة الخطار ، ويطلب من ابنتي الصغيرة قرص اسبرين ونصف قدح من الماء البارد ، وصحن من حلوى التمر المحشى باللوز ، ويجلس بخيلاء ، امام تلفزيون الصالة ، ليستمع لبعض اغاني اليسا و ناسي عجرم ، والحلقة الأخيرة من برنامج عرب ايدن ، مستنشقا دخان غليونه بنشوة ، تاركا ضجرنا وراء ظهره .

أحدث المقالات

أحدث المقالات