22 ديسمبر، 2024 2:16 م

جدل في فرنسا حول مشروع قانون مكافحة الإرهاب

جدل في فرنسا حول مشروع قانون مكافحة الإرهاب

بعد المصادقة عليه أخيرا، تكون الجمعية الوطنية في فرنسا قد أنهت الجدل السياسي والحقوقي، الذي أثير حول مشروع قانون حول الاستخبارات الأمنية ومكافحة الإرهاب، على اعتبار أن بعض نصوصه تتعارض مع قانون الحريات العامة المنصوص عليه في دستور البلاد.

رقابة وتعقب وإقامة جبرية
مشروع القانون، الذي يحتوي على 19 بندا، ينص على إمكانية تمديد تدابير المراقبة الفردية (الإقامة الجبرية) إلى سنتين، بعد الخروج من السجن بالمقارنة مع سنة واحدة حاليا للأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن ثلاث سنوات على أقل تقدير مع النفاذ بتهم الإرهاب.
ويمنح هذا المشروع القانون كذلك للمحكمة الفرنسية حق اتخاذ تدابير قضائية بحق الخارجين من السجن إذا كانوا يشكلون “خطرا كبيرا” بتكرار فعلتهم، من بينها اتخاذ مقر إقامة في مكان معين أو الخضوع لـ”رعاية صحية”، وذلك لفترة تصل إلى خمس سنوات بعد قضاء عقوبتهم، ومن بين البنود الأخرى التي يتضمنها مشروع القانون الجديد، الذي يأتي في وقت أصبحت فيه قضايا الأمن تشكل أولوية لغالبية الفرنسيين حسب استطلاع للرأي، منع لأي شخص يمثل خطرا على الأمن العام الظهور في مكان تنظم فيه مظاهرة ثقافية أو رياضية أو في أي تجمع يمكن أن يتعرض إلى خطر إرهابي”.
ويتيح هذا القانون في شقه الآخر المتعلق بالاستخبارات الأمنية الفرنسية إمكانية توسيع استخدام هذه الأخيرة للخوارزميات لتعقب المتطرفين عبر الإنترنت، وهي طريقة تجري تجربتها بالفعل منذ العام 2017 لمراقبة تطبيقات المراسلة كـ”واتساب” و”سيغنال” و”تيليغرام”وغيرها من التطبيقات. غير أن هذه التطبيقات المشفرة لا تتيح قراءة المحتوى. و هي موضع جدل بين الحكومات و الشركات المطورة؛ و هي نقاشات مفتوحة على كل الاحتمالات.
ويؤكد خبراء مكافحة الإرهاب في فرنسا، أن استخدام الخوارزميات لتحديد الإرهابيين على المنصات الاجتماعية، أمر مهم بعد تكييف آليات المراقبة الرقمية من خلال التركيز على “تويتر” و”فيسبوك” و”سنابشات” والوسائط البديلة الأخرى، على اعتبار أن الإرهابيين والمتطرفين يفضلون التواصل عبر خدمات الإنترنت بدلا من المكالمات الهاتفية والرسائل التقليدية.

الداخلية الفرنسية.. شرح وتوضيح
ويرى وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانيان، وفق ما جاء في فرانس 24 أن الهدف من استخدام هذه التقنية هو الكشف عن كل الأشخاص الذين يميلون إلى التطرف الديني أو أولئك الذين يخططون ربما للقيام بأعمال عنيفة، فضلا عن متابعة تصرفاتهم، مشيرا أثناء تقديمه لمشروع القانون أمام مجلس الوزراء الفرنسي، إلى أن هذه التقنية، التي سمحت، حسب الوزير الفرنسي، للشرطة بإحباط مخططين إرهابيين منذ 2017 في فرنسا، سيتم تمديدها شهرين بعدما كانت مسموحة لشهر واحد فقط، كما سيسمح القانون الجديد بالاحتفاظ على معلومات وبيانات الأشخاص لمدة خمس سنوات.
وجوابا على ما إذا كانت هذه التقنية تتعارض مع قانون الحريات العامة الذي يقره الدستور الفرنسي بحسب نفس المصدر، قال الوزير الفرنسي “كل الشركات تستخدم تقنية “الخوارزمية”، لماذا إذن الدولة لا تستطيع القيام بذلك هي أيضا؟”، وأضاف موضحا “في حال شاهد شخص ما مثلا عدة مرات شريط فيديو يظهر عملية قطع الرؤوس على الإنترنت أو على مواقع التواصل الاجتماعي ومحتويات أخرى ذات طابع إرهابي، فالمديرية العامة للأمن الداخلي ستطلب الإذن من ثلاثة أشخاص، من بينهم ممثل اللجنة الوطنية للإعلام الآلي والحريات في فرنسا، من أجل كشف هوية هذا الشخص”.

حادثة طعن شرطية
ويرتبط إقرار هذا المشروع القانون، الذي يأتي قبل عام واحد فقط من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع تنظيمها في ماي/أيار 2022، بحادثة الطعن التي تعرضت لها الشرطية الفرنسية ستيفاني مونفيتور في بهو مقر للشرطة بمدينة رامبوييه، بضواحي مدينة باريس على يد المدعو جمال قرشان، وهو متطرف تونسي يبلغ من العمر 36 عاما.
رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس، بحسب وكالة أ ف ب، أقام بهذه المناسبة، حفل تكريم وطني في مدينة رامبوييه الواقعة قرب العاصمة باريس، للشرطية الضحية ستيفاني مونفيتور، التي منحها وسام الشرف مشددا، في كلمة له، على ضرورة اليقظة للتصدي للتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي.
من جانبه علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والذي كان حينها، نقلا عن فرانس 24، في العاصمة التشادية نجامينا لحضور مراسم تشييع الرئيس التشادي إدريس ديبي، في تغريدة على مقتل الشرطية وكتب قائلا: “في المعركة ضد الإرهاب الإسلامي، لن نتنازل عن أي شيء”.
وأضاف الرئيس الفرنسي بحسب ذات المصدر: “إنها شرطية، ستيفاني قتلت في دائرة شرطة رامبوييه، على أراضي إيفلين التي سبق أن شهدت أحداثا أليمة”، في إشارة إلى قطع رأس المدرس صامويل باتي سنة 2020 وقتل شرطيين في حزيران/يونيو 2016 في الضاحية نفسها من المنطقة الباريسية.