23 ديسمبر، 2024 5:06 ص

جدلية عودة الروح ..بعد الموت …في الديانات السماوية

جدلية عودة الروح ..بعد الموت …في الديانات السماوية

الرحلة التفسيرية في مفهوم عودة الروح معقدة ، مثلَ ظاهرة الأديان المعقدة، والايمان بها بحاجة الى دليل..وخاصة في تفضيل دين على أخر ومذهب على أخر .. وغالبة الاديان وَهَمٍ ،والمذاهب صناعة بشرية وهذا كثيرا ما غذى ويغذي التطرف الديني والمذهبي والطائفي ..الذي نعيش فصوله المدمرة اليوم على يد الجماعات الدينية التي تدعي أمتلاكها الحقيقة الدينية كاملةً وهي لا تملك الا النقيض..فالمحاورة العلمية فيها يعتبرها الفقهاء تعني الكفر والألحاد ، وهو خطأ كبير.نحن بحاجة اليوم لان نعرف حقيقة النص الديني ومصدره تأويلاً وليس تفسيرا لغوياً خاطئاً ..بعد ان نشأت اللغة في اوقات متلاحقة خضعت فيها للتطوير والتغيير في مفرداتها حتى اسقرت نسبياً الى المجرد ولا زالت في طور التغيير،أملا بأن يتخلص المجتمع العربي من أقاويل المفسرين في النص والتي غلفت الحقيقة بباطل مقصود..ادى الى التعتيم عن الحقيقة …كما في الكتب الفقهية اليوم .
جدلية فلسفة عودة الروح بعد الموت في الديانات السماوية الثلاث بحاجة الى دراسات معمقة تتميز بالحيادية والموضوعية وخاصة من لا يقارن لا يعرف الحقيقة ..بعد ان أصبحت الحقيقة تتطلب منا بفصل الذات عن الدين . ففي اعتقاد قدماء المصريين ، ان عودة الحياة مرة اخرى بعد الموت لها معتقد خاص يأذن لها بالعودة ..ولكن من يأذن لها..وكيف ؟..لا نص ثابت فيه..بل كانوا يعتقدون ان الروح غير النفس..فالنفس هي التي تموت وتبقى الروح حية هكذا كتبوا في بردياتهم القديمة…. وهذا ما أورده القرآن الكريم ايضاً حين قال تعالى :”كل نفسٍ ذائقة الموت “آل عمران 185″ولم يقل كل روحٍ..لان النفس” قضاء مُدرك والروح وجود غير مدرك” ، والفرق بينهما كبير.لذا كانوا يدفنون مع الميت مسلتزمات العودة من طعام وشراب ..عدها البعض جزء من معتقداتهم السحرية المعروفة عندهم..لكنهم لم يعطونا أدلة علمية على ما يعتقدون ..مجرد حدس وتخمين.
وفي الحضارة العراقية القديمة كان المعتقد الديني وهمياً ولا عودة للروح بعد الممات..فالعراقيون القدماء لا دين لهم معين ،لابل استطيع ان اقول ان لادين لهم بالمطلق رغم ورود الشرائع عندهم في زمن متقدم كشريعة آور نمو السومرية وشريعة حمورابي البابلية.. ولا يؤمنون بحياة اخرى بعد الموت سوى التصورات..من هنا اتجه فكرهم نحو شرائع القوانين الدنيوية ..فكان الابداع الحضاري بدلا من المخاصمات الدينية ..سرُ للتقدم أدركه العراقيون من زمن متقدم لذا ظل الفكر العراقي من اكثر الافكار في الشرق القديم ربطاً للظاهرة الفكرية بعد ان توفرت له جو الحرية والامان…والعدل ولا زال الفكر العراقي يربط الظاهرة ربطاً بحاجة الى تحقيق ومحط تنافس شديد من الشعوب المجاورة للعراق..
ويشير الدكتورالباحث هاشم نعمة الى نقطة جوهرية حين يقول : ان المؤرخ المسعودي يشيران دارس الأديان الذي يتبنى المنهج المقارن ان ينتبه الى ما يمكن ان يكون كامناً في الكثير من اوجه الاختلاف من تنافر،لأن الكثير من عناصر التماثل الظاهرة تحمل دلالات تباين داخلي وخاصة في القضايا المبهمة والمعقدة الوصل للحقيقة كما في عودة الروح والفرق بينها وبين النفس .
وفي عهد حمورابي(ت1790 ق.م) عندما كتبت القوانين وسلمها للآله المجهول”آله الشمس الوهمي”..اصبح الفكر مطلقا لكنه ربط القانون بظاهرة صحية زادت من قيمته معرفياً هي العدالة..لتحقيق العدل بين المواطنين..فكان أهتمامهم بحياة الأنسان أفضل من الأهتمام بأخرته والعودة للحياة ..هنا كان سر التقدم..والحرية ..وحقوق الانسان..عند العراقيين.لأن النص بالعقاب على الخالي والمليان يعقد النفس ويوقفها عن التفكير..
أما المسيحية فتعتقد بعودة المسيح بعد ان صلبوه ..لكن القرآن ينفي هذا التوجه ، لأنه اصلا هو لم يمت وانما رفع الى السماء.. ،النساء 157-158 ) ..وتشاركهم في الرأي فرق الشيعة الأمامية من المسلمين حين تعتقد بظهور المهدي بن الحسن العسكري “أخفيت ولادته.. وكتبت غيبته في 304 للهجرة “..ألأمام الثاني عشر بعد غيبة طويلة والذي سيظهر في اخر الزمان ليملأ الارض عدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا..وكأن لا احد يستطيع تحقيق العدالة الا بظهوره..فلسفة مسيحية اسلامية قديمة ميتة تتنافى وروح الاسلام في العدل والتغيير..أبتكرها الفقهاء لتثبيت حقوق لهم لا يستحقونها في مراتب السلطة و الدين.
اعتقاد سطحي ووهمي عند الطرفين ..لا يستند على دليل..بنص انجيلي او قرآني .. لكن الفرق الشيعية حسب نظرية ولاية الفقيه عندهم تعتقد بالعودة ..”ليملأ الأرض عدلاً بعد ان مُلئت ظلماًُ وجوراً ” نظرية مستحيلة التحقيق خاصة في ظل من يؤمنون بها وهماً لا صدقاً ..لانهم لوكانوا يؤمنون بالانسان وحقوقه لانتجوا دولة تحميه من الشرور كما في دولة العراق الحالية الباطلة مثالاً في التطبيق..لذا ادرك بعض الفقهاء ومنهم المرحوم الصدرالأول مؤسس حزب الدعوة الذي خانوه خلفاؤه في الأرث الديني للحقيقة ..فاراد العودة للاصول والتخلص من عصرالنصوص..”انظر كتاب الفقيه والسلطان لوجيه كوثراني..ص16.وكتاب المعالم الجديدة للاصول للصدر،ص54 .
ان صورة هذا الاعتقاد عند الأثنين “المسيحية والاسلام الشيعي ..تتنافى وقول القرآن الكريم .. :” ونُفخَ في الصورِ فصُعقَ من في السماواتِ ومن في الأرضِ الا ما شاءَ الله ثم نُفخَ فيه أخرى فأذا هم قيامُ ينظرون ،الزمر آية 68″
يقول العلماء في نظرية العقل والقياس ” لا سعادة حقيقية من دون التمسك بالقداسة،ولا قداسة حقيقية من دون التمسك بوصايا الله للانبياء والرسل..ولا وصايا ان لم تحقق للانسان العدالة بأيمان..” منطق فلسفي رائع..وكلام جميل ، ولكن هل التزموا وحققوا ما جاءت به الوصايا ؟ اقول وبثقة ..لا..؟..لأنهم لم يلتزموا بما فرضته الحياة عليهم من قيم ومُثل ومبادىء وأيمان. ليس المهم ان يكون الايمان دينيا..بل المهم ان يكون انسانيا لكل بني الانسان..فالوحي لا يناقض العقل ولا يناقض الحقيقة التي هي أثبات الشيء بيقين..لكن يبدو ان اصحاب الديانات السماوية ما زالوا وهميين في الاعتقاد والعقيدة لنقضهم نظرية التطبيق..في العدل والقانون..؟
علينا ان نصحى من رقادنا الأبدي فلا يمكن للرسل والانبياء ان يشتركوا مع الله في معرفة المصير …معرفة نتائج النص في الأيمان الا بالتطبيق، لان الانبياء جميعا لا يعلمون الغيب ولم يكونوا معصومين من الخطأ في القول والتطبيق..،يقول الحق :” لو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسني السوء ،الأعراف 188 ” ويقول الحق في العصمة “يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس..المائدة 67″ فالعصمة في الرسالة وليس في الرسول…فقيامنا وقيامهم ضمان اساسي لمعرفة نتائج الأختبار..وعودة الحياة بعد الصورالمجهول ما هي الا ما اوصى به الانبياء والرسل للناس لتصبح حقيقة عقيدية ثابتة لا تحتاج الى كهنة ورجال دين ..
هنا يسقط حق وجودهم بين الناس كمقدسين لأنهم غير مخولين بالفتوى على الناس ..لذا فلا مرجعية دينية في الاسلام على طريقة رجال العهد القديم.. فالمرجعيات الدينية اليوم عرقلة في التقدم والتحديث بعد ان اشتركت في شرعنة اخطاء المصير ، هنا كل ما قيل ويقال اراء وهمية لا تتفق وعقلية التقدم مع صيرورة التاريخ للانسان..
نحن لم نرَ العودة بعد الممات التي بشر بها القرآن الى اليوم…مجرد قصص قرآنية جاءت من الجزء المتغير من تراكم الاحداث حتى أصبحت حقيقة تكهنات بأيمان..يقول الحق :”نحن نقص عليك نبأهم بالحق،الكهف 13″. لذا فهي مجرد قصص ، لذا منا من صدقها .. ومنا من يقف منها موقف الحيرة والتردد في التصديق ..بعد ان مرَ الانسان بمرحلة الظلم دون رادع له ببرهان ولا زال..فاذا لم يحصل الصور في أي زمان ستبقى البشرية تنتظر المخلص المسيح او المهدي المنتظر او اي أمل ببرهان..لذا لازال البعض يعتبرها أختبار روحي تقربنا الى الله..سواءً كانت حقيقة او وَهمُ بأيمان..هنا يصبح الدين عرقلة لاتقدم فيه للانسان..
ونحن نقول لا مسيح يعود ، ولا مهدي منتظر يظهر ويسود ..يقول الحق:”حتى اذا أخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أونهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغنِ بالأمس…،يونس 24”. فاين المسيح والمهدي من ظهورهما..؟
انا شخصيا لا زال النص في فكري وَهم وايمان وهو لم يتحقق بعد..ولازالت الخطايا تلاحقنا..رغم اننا نحب الحق والعدل وانسانية الانسان..فقيام الصور والحساب هوالبرهان الأكيد للغفران لمن يستحقة بأثبات الأيمان..شرط ان لايتحكم فينا رجل دين ناكر لقيم الأيمان..لص باموال الانسان ..كما نرى اليوم رجال مؤسسة الدين عبيدا لسلطة السياسة والمال واللاأيمان..كفاية لقد قتلوننا ودمروا مستقبلنا ونحن لا زالنا نلطم وننوح..على وَهم الأيمان ؟
اعتقد وبأيمان مطلق ان لم يتحقق ما جاء به النص..فحياتنا جهل وضياع ..ان لم نتمتع بحياتنا دون قيد من نص ،فالحياة الرديئة كالعملة الرديئة التي تطرد العملة الجيدة في الأسواق..اي تطرد الأخلاق الجيدة في التعامل مع بني الأنسان..وهذا فعلا سلوك رجال الدين مع الانسان .
عندما يكون الانسان عزيزاً في نفسه، فكل شيء يتعلق به يكون عزيزا ايضاً من اجل خاطره ورفعة مكانته بين الناس.. فأن الله ما خلق الانسان ليكون عبدا له بل ليكون من عباده الصالحين .. لذا فهناك فرق بين العبودية والعبيد.. من هنا نحن نرفض المذلة والاهانة والعيش الرديْ ليسود الحاكم الظالم بأسم الدين ..
هكذا يقول شبنكلر “ت1936″ الفيلسوف البريطاني في فلسفة الحياة..التي عد الفضائل والمكارم الآلهية للانسان هي من صنع الله وهي ان تمسك بها الانسان يكون الخلاص من الخطايا والذنوب بتطبيق..وحتى اذا لم تتحقق القيامة التي ينادون بها غداً..ان تمسك بها الانسان سيكون الفريد في فكره وحياته..اذن كم هي ارادة الله رائعة لبني الانسان.
تقول مجلة الكرازة المسيحية بهذالخصوص في” مجلة اذكر خالقك ص15″ : ان الاعمال الصالحة وحدها لا تنجي الانسان من الخطأ..بل الذي ينجيه هو الايمان بوصايا الله العشر دون نقصان..فكسرِ واحدة منها يعني انك كسرتها جميعا من وجهة نظرالعدل في الميزان..فالقسم ايمان ..وحنث اليمين نقصان..فأذا تكلمت كن متكلما بفكر الله وبشعور الله وكيف اراد الله لك الخير ومحبة الأوطان مثلما اراده لكل الناس..فكيف اذا أخَليتَ بشروط التكليف..فأنت ليس مفضلا من بينهم ساعتها ستشعر انك لم تؤدي ما اراده الله منك.. فلا يهمك ان حييت او مت بلا عودة الرحمان..ان أشد ما يغيظ الله هي خيانة الاوطان “سورة التوبة الآية 43،120”..فالانبياء ما جاؤا ليُخلقوا أكاسرة على الناس ..بل جاؤا ليقهروا الباطل بالحق..فلتفهم مؤسسة الدين كيف تفكر وكيف تعتقد..فالعقيدة تطبيق بأيمان..
ويقول ارنولد توينبي الفيلسوف البريطاني (ت 1975 م) في نظريته التحدي والاستجابة ان الله منحك العقل به لتتحدى الصعاب وتستجيب للممكنات بسلطان العقل وبعدالة القانون..لا بقوة سلطة الانسان وعقلية الوهم في المعتقدات .. فاذا عملت بما اراده عقلك وبما اوحى لك به الله فانت والانبياء في مورد واحد..حين ترضي نفسك والناس..ساعتها لا يهمك الصور فانت فيه ابداً..فلسفة ربانية لم تعمم في مناهجنا الدراسية ليُخلق منا الأنسان صاحب العرفان..فالجنة والنارما هي الا صفات رمزية لتحقيق الايمان ..وليس للتمتع بحور العين وما ملكت ايمانهم والقوارير والغلمان..لأن الله ليس فاتحاً دكاناً لمتعة الجنس للأنسان ..؟
تعلمت من قراءة النص المقدس ان فلسفة الحياة تكمن في التعليم المُنفتح الصحيح ، لان التعليم المُضل يصيب الناس في ارواحها واجسادها بالعقم والتكاسل ..فاذا اردت ان تقود وطن اصنع له تعليما يتفق وحضارة الانسان..لكن مع شديد الاسف نحن ما زلنا نرى هذا الخطر العظيم يهدد وطننا كما كان في عصر السلاطين.. من اخطاء خدم الدين المُهلكة للناس والمجتمع دون رادع من ضمير او ايمان. .
نحن نريد ممن يدعون النص باليقين ان يكون لنا دين وحقوق بلاتفريق.. وغفران لنا بتأكيد.. وخلاص من الماضي بتجديد.. وسماء مصابيحها تضيئ للجميع..ودين بدون منَة حتى من رب العالمين ،وليس أستجداءً بالأدعية الممُلة للأنسان كما يرددون اليوم خُافة(عظم أجورنا).. فلا فرق بيننا وبينهم بنظريات التقديس والمعرفة والعرفان . فقد مضى علينا أكثر من 1400 سنة ونحن لازلنا نرمي الشيطان بالحجر ..ولا ادري هل للشيطان في مكة بيت من حديد لا يقاوم.. وأنا أقول لكم ان الذي ترميه الحجيج بالحصى هو ليس الشيطان بل هو أبو رغال خائن مكة مع الأحباش ضد مكة الاوطان.. ساعتها سيكون النص مقدسا يستحق الايمان ..فنحن نكتب من منهج معرفي اصيل يقول : ان حرية التعبيرعن الرأي وحرية الاختيار،هما اساس الحياة الانسانية في الاسلام…كفاية تخريف فقد قتلتنا ردة..فقهاء الدين الذين لا يؤمنون الا بنصوص الهذيان..؟
ملاحظة مهمة : (1)
———————
الفرق بين القضاء والقدر والسحر والشعوذ ة :القضاء حركة أنسانية واعية بينالنفي والاثبات..اما القدر فهو الوجود الحتمي للأشياء..بينما السحرهو مشاهدة الظاهرة بالحواسة دون فهم القوانين التي تُحكم الظاهرة..أما الشعوذة : فهي تعني خفة اليد التي تجعل المرأ يرى الأمور على غير ما هي عليه كما في الالعاب السحرية ..كل هذا دبلجه الفقهاء بلغة التعتيم كعادتهم .. فبقينا في دولة الدين في تيه الفكر والتخمين عبر كل هذا الزمان الطويل.
اليوم ورغم كل الدراسات الاسلامية في العالم الاسلامي لم تستطع ان نضع نظرية اسلامية في المعرفة الانسانية مصاغة صياغة معاصرة لتعطينا منهجا في التفكير العلمي. لذا ادى بنا الفكر الوهمي الذي صاغته المذاهب الأجتهادية ومرجعيات الدين الى كيل الاتهامات والالحاد لكل فكر نيرٍ يطالب بالمنهج المعرفي الصحيح . هنا كان مقتلنا..ولا يزال ..؟