23 ديسمبر، 2024 9:06 ص

جدلية العودة واللاعودة لقطاع الطيران العراقي ..

جدلية العودة واللاعودة لقطاع الطيران العراقي ..

أن التأثيرات الحكومية وتسلط الجهات الفاسددة على سلطة الطيران المدني العراقي في مفاصل عملها بالاشراف على قطاع النقل الجوي وباقي القطاعات الخدمية للطيران العراقي كانت من أهم حيثيات صدور قرار فصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل على غرار مامعمول به في جميع سلطات الطيران المتطورة في العالم , كما جاءت هذه الخطوة بناءا للواقع المرير الذي يعيشه القطاع من تراجع ملحوظ في جميع نشاطاته لدرجة وصلت فيها مطالبات المنظمات الدولية المعنية التي زارت العراق لتقييم وضع الطيران العراقي ضرورة جعل السلطة هيئة مستقلة مسؤوليتها مراقبة القطاعات الخدمية للطيران وفقا لإختصاصاتها واعتبرتها ضرورية للبدء بخطة أستراتيجية متكاملة لمعالجة الجوانب السلبية للقطاع .
لقد كان لقرار الفصل هذا واقع الصدمة على الجهات الفاسدة المنتفعة شخصيا والمتسلطة على عمل سلطة الطيران المدني عندما كانت في كنف الوزارة من خلال مرجعية ادارية واحدة ( سلطة والجهات الخدمية) والذي جعل مركزية القرار بيد هذه الاطراف الحكومية ظاهريا والجهات الفاسدة المرتبطة بها واقعيا مما عاثت بها فسادا وضياعا لسمعة وتاريخ الطيران العراقي , هذه الجهات هي نفسها اليوم تحاول بكل ماأوتيت من قوة ومال وسلطة على افشال القرار من خلال البدء بحملة منظمة تستهدف عرقلته والسيطرة مجددا على جميع مفاصل القطاع لاستمرار تمرير الصفقات المشبوهة التي أدت الى ضياع ايرادات الدولة على مر السنوات التي مضت , بالاضافة الى تخوف هذه الطبقة الفاسدة من ان تطبيق القرار سيشرع على فتح ابواب المحاسبة لجميع ملفات الفساد العالقة والتي من أبرزها العقد التركي السيء الصيت بشقيه الاول والخاص بتشغيل رحلات الخطوط الجوية العراقية الى أوربا بأسم الشركة التركية نتيجة الحظر الاوربي على طيرانها المستمر لثلاث سنوات مضت والحقت خسائر سنوية تتجاوز ال 15 مليون دولار , والشق الثاني من عقد الشركة التركية تلك هو الخاص بأنشاء مركز صيانة للطائرات والذي اثيرت حوله علامات استفهام كثيرة على نوع التعاقد معهم هل هو عقد خدمة أم من العقود ذات الصيغة التشاركية ؟ وهو أمر خطير أمنيا وتقنيا في ادارة الشركات الحكومية كون ان الشركة التركية ستستولي على مفاصل الخطوط الجوية العراقية لقاء مبلغ يصل الى مليون دولار شهريا ولمدة خمس سنوات وألزموا الخطوط الجوية العراقية شرطأ جزائيا في حالة الغاء العقد يتمثل بدفع غرامة قيمتها مبلغ العقد لخمس سنوات اي 60 مليون دولار (ماوردني من أحد العاملين في الشركة ! ) كما لهم الحق بأحتكار تجهيز المواد الاحتياطية من قبل الشركة التركية لقاء مبالغ تتجاوز سعر المادة بعشرات المرات والاسؤ التعاقدات الجانبية للشركة التركية مع شركات صيانة محركات في دول اخرى وارسال المحركات العاطلة لها بفوانير حسابية اضافية انهكت ميزانية الخطوط الجوية العراقية .
ويستمر مسلسل هدر المال العام جاريا على قدم وساق نتيجة الفساد المستشري في الكثير من مفاصل هذا القطاع فبالاضافة الى ما سبق هناك ملفات فساد أخرى تخص الناقل الوطني الوحيد في العراق منها موضوع الوقود وتجهيز الطائرات العراقية بالوقود في المطارات الخارجية والتي تهدر اموالا تقدر باكثر من 12 مليون دولار سنوياً , اضافة الى اوامر التعيينات الفضائية في الخطوط الجوية العراقية والتي وصلت الى حد اجراء الاعتصامات والتظاهرات من قبل موظفين هم أحق بالتعيينات , كما اصبحت قضية تاكسي بغداد قضية رأي عام نتيجة أستنزاف اموال المسافرين عنوة أثناء تنقلهم داخل المطار.
سلطة الطيران المدني العراقي هي الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن الاشراف والمحاسبة للقطاعات الخدمية للطيران العراقي وفقا لإختصاصاتها الواردة في قانونها الأساسي وعليها ان تتعامل بجدية أكثر مع الوضع الجديد للسلطة والذي يحتم عليها التغيير الجاد في سياسة التعامل مع الجهات التي تقع تحت مسؤوليتها الرقابية وفق خطط أستراتيجية متكاملة للمعالجة في كافة الجوانب السلبية لهذه الجهات الخدمية لانقاذ مايمكن أنقاذه من واقع قطاع الطيران المدني العراقي تبدأ باتخاذ الاجراءات اللازمة للتخلص من الاختيارات الخاطئة للاشخاص العاملين في القطاع الذي تم على أساس المحسوبية والعلاقات الخاصة دون الرجوع الى شهاداتهم وكفاءاتهم وتبديلهم بأشخاص مخلصين من اصحاب الخبرات في مجال علوم الطيران حتى لو كانوا من خارج المنظومة الحكومية لكي يتمكنوا من أيجاد الحلول الجذرية لمشاكل الرقابة على سلامة التشغيل للطائرات والحصول على الاعترافات الدولية المعنية كجهة تشريعية مستقلة تعمل بمعزل عن التدخلات المشبوهة .
ناديت وطالبت كمتابع ومراقب ومواطن … وأكرر المناداة .. أقطعوا طريق العودة الى مربع الانهيار والفساد الذي وقفت خلفه الجهات الفاسدة والمتسلطة في وزارة النقل بمساعدة ضعاف النفوس في بعض اقسام سلطة الطيران المدني من عرقلة قرار الفصل وابقاء واقع الوصاية الحكومية الذي أدى الى تخريب سمعة الطيران العراقي وتدمير مستقبله .