18 ديسمبر، 2024 7:05 م

جدلية العلاقة بين اتحاد كرة القدم والإعلام في العراق وما هو أثر كل منهما في تطور الآخر؟

جدلية العلاقة بين اتحاد كرة القدم والإعلام في العراق وما هو أثر كل منهما في تطور الآخر؟

ترتبط الرياضة بصورة عامة ارتباطا وثيقا مع الإعلام، ويقف كل واحد منهما على الوسائل التي توصله إلى اقتطاف ثمار عمله. وتلعب الرياضة دورا مهما في بناء العلاقات الدولية وتشكيلها. ولا يمكن بأي حال من الأحوال لأي مؤسسة رياضية أن تتطور وتتقدم بمعزل عن مساندة ودعم الإعلام. لذلك نجد أن تلك العلاقة تقوم على مبدأ المشاركة الذي يعتبر حجر الأساس بالنسبة للسياسة الرياضية لأية أمة. لكن في الواقع نجد أن مسألة تفاعل الإعلام مع الرياضة وتحديدا كرة القدم في العراق عبارة عن موضوع شائك يحتل مكانة ما وإن كان بطريقة غير واضحة.
لا نستطيع أن نفهم طبيعة السياسة الرياضية في العراق وتحديدا في (كرة القدم) التي أدت إلى النتائج التي نعرفها اليوم.، ولا الاستجابات من قبل الحكومة العراقية التي أعطت لكرة القدم العراقية كل شيء من الدعم المالي والمعنوي، إلا إذا حللنا السياق الذي حكم استراتيجية اتحاد كرة القدم، ذلك الاتحاد الذي انخرط في عالم مواقع التواصل الاجتماعي وترك زمام أموره كلها تدارمن قبل هذا العالم الافتراضي (منصات التواصل الاجتماعي). ويبدو لي أن نوعية هذه العلاقة ما بين اتحاد الكرة ومواقع التواصل الاجتماعي مرتبطة بالطريقة التي واجهت فيها حقبة عمل هذا الاتحاد، والحلول الفاشلة التي قدمها لجملة المشاكل التي شهدها منتخبنا الكروي خلال مسيرته، وفي مقدمتها إعادة بناء أسس حقيقية بما يتفق مع متطلبات التطور والتقدم، أي في بناء منتخب كرة متطور ذو شخصية قوية ينافس منتخبات القارة الآسيوية. لكن النزعة الاستبدادية لقادة الكرة في العراق، تلك النزعة المتمحورة حول الاحتفاظ بفردية القرار، وهي من أبرز عوامل التفكك الداخلية للمنتخب العراقي وبمكانته في القارة الآسيوية. من هنا فإن عمل اتحاد كرة القدم ينطوي على مفارقات كبيرة، لاسيما تُعد هذه المفارقات مصدر قوة الاتحاد وديناميكيته بحسب أصحاب القرار في اتحاد الكرة.
إن الأدبيات الخاطئة التي استند عليها اتحاد الكرة في العراق من خلال وضع مقدرات كرة القدم ضمن سياق السياسة، حيث رسخ الاتحاد لمنطق أن السياسة قد تؤسس للتغيير، لكن النتائج ليست فقط قادت إلى مسارات حتمية للفشل، بل أن تلك الاستراتيجية قد بلورت لنظرية الفشل الكروي بامتياز. بالتالي فإن اتحاد الكرة ليس لديه الامكانية في تعزيز التحول نحو التغيير الحقيقي لواقع كرة القدم في العراق، ولم ينجح لا في تأسيس تنمية حقيقية، ‬أو عدالة رياضية، ولا حتى بلوغ ‬التحول الديمقراطي في واقع العمل المؤسسي.
الأمر الآخر أن الإعلام الرياضي وتحديدا البرامج الرياضية وبمختلف أنواعها على القنوات الفضائية، والتي تمثل أسلحة تبصير العقول، اليوم يُنظر لها من قبل اتحاد الكرة كعدو أو كمحدد للتغيير السياسي في الاتحاد، وقد تعرضت بعض من هذه البرامج لأضرار بالغة سواء بالتشهير أو تقديم شكاوى ضد مقدميها، وكل ذلك جراء ما يسمى بسياسات الإصلاح المفروضة من قبل قادة اتحاد الكرة، والتي عمقت الفجوات داخل المجتمع بين بعض الإعلاميين واتحاد الكرة.
في السياق ذاته أن النظام السلطوي الكروي في العراق قد تحول إلى الاحتكار السياسي لكل شيء، مما أدى إلى إضعاف الحالة الرياضية.‬ لاسيما أن اتحاد الكرة لا يتمتع حتى بالديمقراطية الفقيرة. وبالتالي فإنه لا يستطيع تصويب خياراته في السياسة الرياضية، وتلك هي اتحادات كرة القدم التسلطية التي تضعف فيها القدرة على التصحيح، الأمر الذي يوقعها في أخطاء سياسية ورياضية.
وفقا لما تقدم، فإن المشاركة في القرارات سواء من قبل الإعلاميين والصحفيين والنقاد وبشكل مستمر يمثل عاملا أساسيا للوصول إلى ديمقراطية رياضية شاملة، وهذا ما يدعى بالمعادلة المتوازنة بين الإعلام والرياضة. بمعنى أن العلاقة بين الإعلام الرياضي بمختلف توجهاته والتغيير في سياسة الرياضة تسير بشكل متوازن فلا يمكن عزل أحدهما عن الآخر. بيد أن تلك المعادلة المتوازنة بالإشارة إلى أن القيم الديمقراطية هي العامل الأساس في نجاح أي مشروع إصلاحي.
من هنا نلاحظ العلاقة القوية بين الرياضة والإعلام، فعندما يسعى قادة الرياضة لتطوير السياسات المختلفة ولتغيير مؤسسات رياضية لتحقيق أهداف معينة، فيجب إتباع إجراءات تتسم بالتناغم والتنسيق بينهم وبين الجهات الإعلامية. فدرجة الحرية والسيطرة السياسية تعد ضرورية للمحافظة على قواعد المجتمع والمؤسسات، فالمشكلات يمكن أن تنشأ عندما يحاول قادة الرياضة السيطرة على الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والنقاد. لذا فإن المواقف القوية والجسورة للإعلاميين ربما تعمل على تحديد حرية أو سلطوية قادة الرياضة.