18 ديسمبر، 2024 11:10 م

جحيم داعش وتغييب عراقيتنا

جحيم داعش وتغييب عراقيتنا

لم تتوضح لحد اليوم هوية تنظيم داعش فهناك وجهات نظر مختلفة عن انتماءات التنظيم وأسباب أختيار مساحة دولته المزعومة و قبلها ظروف نشأته ، لكن بالنتيجة فقد أوغل التنظيم في آذى العراقيين بنسب متفاوتة لكنها الجحيم بأم عينه، حيث سيؤسس لما هو أخطر بعد القضاء عليه أنها الفتنة العشائرية.

ويستدعي هذا الوضع صحوة عشائرية مبكرة جدا مع سقف الهزائم المهم الذي يتعرض لها التنظيم في الرمادي، بعد كسر حاجز الخوف في النفوس، وذلك لتحقيق غايتين كبيرتين تتمثل الأولى بتوحيد الصفوف للمساعدة في انهاء جيوب التنظيم و ثانيا المحافظة على السلم الاجتماعي بمنع الثارات و عمليات الانتقام، سيما و أنها اشد ايلاما من كل الحروب كونها تدور في البيت الواحد.

ونحن نعرف أن الأذى كان كبيرا بسبب قتال أبناء العشيرة الواحدة لبعضهم البعض على أيدي مغرر بهم و مدافعين عن شرف الأرض التي يعيشون عليها، لكن في المقابل فان اشعال حرب مفتوحة في المواجهة العشائرية سيحرق الأخضر و اليابس ويقضي على الآخوة العراقية بما يبعث السرور على المراهنين على خراب الدار، لذلك علينا اختيار أحد الشرين و المتمثل بفرض المتوارث من تقاليد عشائرية بضمان سيادة القانون، وبما يقضي على فتنة البيت الواحد.

ان التقليل من جرعة التشدد بكل الاتجاهات ضرورة ملحة، بعد أن وصل الغي ببعضهم حد الخروج عن حدود الله باستغلال عقول البسطاء لتمرير غايات لا علاقة لها بالخوف على الدين أو المجتمع، انها دعوات فتنة دفع العراقيون ثمنها المظلم عبر عمليات قتل و ترهيب وحرق للممتلكات و آواصر المودة و القربي، ما يستدعي صحوة وطنية للتعجيل باعادة تفعيل عراقيتنا في النفوس و العقول، والتي بدونها سنبقى بين ناري الفتن و التدخلات الخارجية.

العراق دولة عربية ذات سيادة، نعم تتعرض الأخيرة لانتهاك الشر و الارهاب و ردود الأفعال بسبب ضعف تجربة الحكم ، لكن هذا لا يبرر أن تميل المواقف الرسمية مع الريح الطائفية و المزاجيات الحزبية و الشخصية، فلا ايران تمثل هوية العراق و لا السعودية تحدد مستقبل آخوتنا، لذلك يجب أن تكون العلاقة متوازنة بحيث لا نستفز مشاعر العراقيين بموقف هنا و مجاملة هناك، فالعراق كان و سيبقى عامود البيت العربي بحكم تنوعه السكاني و تاريخه الذي لن ينحني.

وبالمناسبة فانه من غير المنطقي أن تضحي ايران بعلاقاتها الاقليمية و الدولية لصالح عيون العراق و كذا الحال لمصر و السعودية و جيبوتي، وبالأمس القريب كان الموقف العربي من احتلال العراق لا يغني عن جوع، مثلما لم تستشر ايران العراق في اتفاقها النووي ولا اعادة تأهيل علاقاتها الدولية، ومن بينها التحالف مع روسيا، ما يستدعي عقلانية عراقية كبيرة، فالدفاع عن مصالح الدول على حساب استقرار العراق خيانة وطنية من العيار الثقيل، ما يفرض على السياسيين ضبط ايقاع تصريحاتهم ومواقفهم لأنها لعبت دورا خطيرا في انهاك هيبة العراق و دوره الاقليمي و الدولي.

[email protected]