مرّ يوم أمس غير مأسوف عليه ، وفي الواقع كل أيامنا التي خلت بوجود هذه الطغمة الحاكمة غير مأسوف عليها ، بعد أن أحالت كل أيامنا إلى جحيم حرفيا ، نحرق وقتنا ونحن ننظر إلى عقارب الساعة ، منتظرين أن يحين موعد تجهيزنا بالكهرباء اللاوطنية ، وكثيرا ما تمر الساعات ، دون أن يأتي ذلك الضيف الذي صارت الدولة تجهزنا إياه بالقطارة !.
تعجبت يوم أمس بعد أن قرأت بنفسي مقياس درجة الحرارة في الظل ببغداد في الساعة الثانية ظهرا ، كانت قد تجاوزت 53 درجة مئوية ! ، بل حتى لم تتعب الحكومة نفسها بإعلان جعله عطلة رسمية ، يا لحرصها على الناس ، لأنها حرارة لا تتحملها حتى النخلة فضلا عن الحمار ! ، وزاد تعجبي عندما طالعت درجات الحرارة في العالم في الخامسة مساءً ، فوجدت أن درجة الحرارة في البصرة 48 درجة مئوية ، وفي الكويت 39 ! ، وهي تقع على بعد مرمى حجر من البصرة وإلى الجنوب منها ، درجة الحرارة في القدس وتل أبيب (عاصمة اليهود) كانت 31 درجة ، وفي لبنان 32 درجة ، علما إننا نقع على نفس خط العرض تقريبا ! ، وهو عينه خط مناخ البحر التوسط ! ، ولا أدري أين ذهب علم الجغرافيا والمناخ ونحن نرى الأمور تسير عكس المنطق ، وفي قمة جمرة القيظ تلك ، إنقطعت عنا الكهرباء الوطنية لمدة 11 ساعة ، أي طيلة فترة النهار ، وقد أنعم علينا أصحاب المولدات بشيء من التيار الكهربائي المتقطع بحجة إراحة مولداتهم ، والذي زاد الطين بلّة إرتفاع الرطوبة ولم يكن أمامنا سوى تشغيل المبردة التي صارت أداة إضافية للتعذيب وهي تنفث سمومها الخانقة ، فاضطررت إلى إطفائها ! ، وهكذا وصلت درجات الحرارة داخل منازلنا أكثر من 38 درجة مع الرطوبة ، وهي لا تسمح بتبخر العرق لتبريد الجسم ، فأصابنا الإختناق والدوار والغثيان مع حالة نفسية لا تتمناها حتى لإبليس ! ، وكأننا في جحيم حقيقي لا يمكن الهروب منه ، كنت أستلقي على بلاط المنزل الساخن فأنهض وأتجول دون وعي ، ومرت الساعات وكأنها دهور ، ندور وكأننا حيوانات في قفص من حديد تُنفَثْ عليه النيران من الجهات الأربع !.
بيئة لم تمر يوما على دول الكفرة التي يسمونها البعض ، وإن كانوا كذلك فنحن أشد كفرا منهم فهذا الأمر بيد الله وهو العادل ، صحيح أن الحكومة أهملت كل شيء منها الإهتمام بالمسطحات المائية والأحزمة الخضراء وأساليب مقاومة التصحر ، لكنا إرتضينا بوجود طبقة سياسية هم مجموعة من الشياطين ، وأعطينا آذانا صاغية للروزخونات ووعّاظ السلاطين الذين يزينون لهولاء الشياطين أعمالهم ويبررون سرقاتهم ويصدرون بحقهم فتاوى مزوّرة على مقاس كل فاسد وسارق ، ويضفون الشرعية على إجرامهم ، تعحبت من أحد هؤلاء المعممين في اليوتيوب يقول بالحرف الواحد وهو يدلّس لهولاء (الصگايط) ، يقول (لا بأس ، خليه على زگاطة ، ما دام يقول أشهد أن عليا ولي الله) ! ، ووالله لو بُعِثَ عليا (ع) ، لأنبرى لهم بسيفه حتى قبل أن ينقض التراب عن عينيه الشريفتين ! ، وما دمت –أنا الشيعي- استهجن وأحتقر هذا الكلام وقائله ، فماذا ستقول الطوائف الأخرى عنه ؟! ، كيف سيكون شكل الشحن الطائفي ؟ ، ولكن عتبي على مَن سمح لهذا الإمّعة وأمثاله بإعتلاء المنبر ، فأي تدمير وتشويه أكبر من ذلك للشيعة ؟!.
وأخيرا ، صدرت قرارات نارية من لدن السيد الكاظمي لتحسين خدمة الكهرباء ، وهذا القرار هو الإيعاز لمجلس الوزراء بإكمال (ملف) الكهرباء ، وكأن الأمر كله منوط بحزمة أوراق ! ، السيد الكاظمي الذي لم يفِ بوعد واحد من الوعود التي أطلقها عند تسلمه المنصب ، وقالوا أكملنا ربط الشبكة بدول الخليج بنسبة 80% ، ليظهر (نائب) آخر يقول (لا توجد تخصيصات مالية لإكمال 20% الباقية ) ! ، أحزاب وكيانات وتيارات قبيحة شيطانية تتاجر حتى بهذه الأزمة ، فنرى عواءً هنا ، ونباحا ونعيقا هناك تحاول إزالة (الصخام) المزمن عن وجوهها ، فتبدو صورة المدافع عن حق الناس ، من خلال (حث) الحكومة على تحسين خدمة الكهرباء ! ، محاولة جديدة للإتجار بآلام الناس من خلال ظهورهم بمظهر المدافع عن حقوق الناس زيفا وكذبا قد ألفناه منذ أن رأينا وجوههم الكالحة القبيحة ، هؤلاء وغيرهم هم مَن تولّى تحسين الإقتصاد الإيراني رغم العقوبات الدولية المشددة عليهم ، ولكن على حساب العراق حتى أفقروه إلى درجة التسوّل .