كان الكويتيون في ستينات القرن الماضي لا يحبذون الذهاب الى بغداد لما يلاقونه من سخرية واحتقار وخشونة في التعامل كرد فعل على غطرستهم وتعاليهم لانهم يعتقدون كل شيء ينحني تحت اقدامهم بالمال دون الادراك لطبيعة شعب العراق الذي لا يعير اهتمام الى اموالهم او سياراتهم الفارهة وغالبا ما كانت تجابه سوء تصرفاتهم وتعاليهم بردود فعل قاسية عكس ما كان يحصل معهم في البلدان العربية الاخرى مثل مصر ولبنان .. لذلك كانوا يفضلون الذهاب الى البصرة بدلاً من بغداد لقربها من الكويت ولوجود علاقات وطيدة مع اَهلها الطيبين، فضلا عن البعض منهم ذات أصول بصراوية استوطنوا الكويت من سنين علاوة على علاقات المصاهرة والنسب، وهناك من فضل العيش في البصرة وقاموا بشراء بيوت واملاك بسبب اندماجهم مع المجتمع البصري لتقارب العادات والثقافات .. وكان غالباً ما تكتض البصرة بالكويتيين في يومي الخميس والجمعة لقضاء اجمل الأوقات في الكازينوهات والفنادق والبساتين على شط العرب بالاضافة الى رواد البارات والملاهي الذين أصبحوا زبائن معروفين لدى اصحاب بتلك الملاهي والبارات ولكن في كثير من الاحيان كانت تتطاير العكل والنعالات عندما يسيؤن التصرف نتيجة زيادة العيار حبتين من المستكي والمسيح .. وكانت تزدحم أسواق البصرة القديمة او سوق العشار بالمتسوقين في اخر نهار الجمعة قبل المغادرة الى ديارهم لملئ سياراتهم بالفواكه والخضروات الطازجة مثل البامية والخيار والطماطم والباذنجان والعنب والرطب والتين والرقي والبطيخ بالاضافة الى أنوع اللحوم العراقية المشهورة والمفضلة في الخليج مثل لحم الغنم والبقر والطيور والأسماك ومنها الصبور والزبيدي وخصوصاً البياح والشانك من الأسماك المعروفة في الأهوار .. وبعدها تبدأ المغادرة وتهدأ المدينة من الضجيج وزحمة السيارات .. هكذا كان التعامل مع الكويتيون كانهم اصحاب الدار وليس ضيوف جاحدين لان غالبا ما كان ينصدم ابناء البصرة عند زيارتهم للكويت بنكران الجميل والتهرب من اداء واجب الضيافة عكس ما كان يلاقونه من كرم وضيافة عند أهل البصرة .. وبمرور الايام والسنين انحسرت هذة العلاقات وتقلصت الزيارات بسبب متغيرات الظروف وتردي العلاقات السياسية بين العراق والكويت حتى أخذ الكره يتسرب الى قلوبهم نتيجة هاجس الخوف من ابتلاع الجار الكبير للجار الصغير خصوصاً بعدما علت الأصوات بعائدية الكويت للعراق ومن هنا بدأ الحقد يكبر والمؤمرات تحاك على العراق لغرض تحجيمه واضعافه خوفاً من الكابوس الذي طير النوم من اعينهم الى حين الاجتياح العراقي للكويت وعودة الفرع الى الأصل كما كان الشعار الذي يردد في العراق، والبقية معروفة لدى الجميع وما حصل بعدها من كسر عظم ومآسي وكره وأحقاد لن تندمل على مدى أجيال .. لذلك لم يعد ينفع إرسال تنكرات من الكازويل لغرض إعلامي اكثر من ما هو انساني لان افعالهم عكس اقوالهم والفجوة باتت عميقة ولا يمكن ان ينسى العراقيين مافعلوه من تأمر وسرقات لنفط العراق والاستحواذ على أراضي حدودية خلال انشغال العراق في الحرب مع ايران .. والأكثر من ذلك مأساة تجييش الجيوش وانطلاقها من أراضيهم لاحتلال العراق وما فعلوه من احراق الدوائر والوزارات فضلا عن التعويضات المجحفة التي لها اول وليس لها اخر .. والمصيبة الأكبر بعد كل هذة الأفعال سكوت خونة العراق الذين نصبهم الاحتلال الامريكي على ما تم من ضم اجزاء من الأراضي العراقية في جنوب البصرة الى الكويت دون وجه حق .. بالاضافة الى التنازل عن عشرة ارصفة من ميناء ام قصر وكذلك قناة خور عبدالله العراقية مقابل تقديم رشا كبيرة إلى كبار المسؤولين العراقيين ورؤساء كتل نيابية ووزراء ونواب مؤثرين من السنة والشيعة .. هذا المسار الأسود من الكره والحقد والاذى لن تمحيه تنكرات من الكازويل يمنون بها على أهل البصرة مالم يتم بناء جسور من الثقة وتقديم صكوك حسن النوايا بالتنازل عن ما تبقى من التعويضات المجحفة والتوقف عن سرقات نفط العراق وإعادة ميناء ام قصر وقناة خور عبد الله .. والا ما ضاع حق وراءه مطالب ..