إستمعت الى برامج غالبية المرشحين لعضوية مجلس النواب, وخطب زعمائهم أثناء زياراتهم للمحافظات, واجتماعهم بالزمر المرتزقة النفعية, التي تطل برؤوسها عند ما يقترب الحصادٍ وتبان المنافع. ممن يمشون على رؤوس أصابع أقدامهم. لتطل رؤوسهم ويبانوا وتظهر صورهم ويتحقق لهم شيءٌ من المراد, ألا وهو رضا الزعماء لينابهم شيءٍ من الغنيمة, والظفر ولو بأقل ربحٍ مما يُنهَبُ من بيتنا العراق المُحْتَرِق.ويمكنني القول بأن برامجهم ليست سوى فرقعات وقرقعات واطلاقات خلب لا غير.
إستعرضت كل هذه المشاهد البائسة والأستعراضات الإعلامية فلم أرَ إلا بضاعةً فاسدة. ولم أسمع الا عموميات انشائية من كلام أجوف .لا يُسمن ولا يُغني من جوع. فالغالبية تدعي محاربة الفساد, وتبنّي مشاريع الأستثمار ومحاربة البطالة ووعود بمساكن في جنائن معلقة وس وص وسوف وسنحقق. ولكن لمْ نَرَ دراساتٍ أومناهجَ وخططً مدروسة.بل جعجعةٌ بلا طحين.
لم أسمع أحدهم يقول العراق أولاً ,وشعب العراق ثانياً, واليتامى والأرامل ثالثاً, والنازحين في الخيام والمهجرين والمهاجرين قسراً رابعاً, والشباب العاطل خامساً.لم أسمع ولم أرَ برامج ومناهج وخطط لأعادة كتابة الدستور الهلامي المعقد.ولم أسمع شيئاً عن منهجٍ لتشريع قانون انتخاباتٍ منصف أو نظاماً ينظم عمل مجلس النواب ورواتبهم ومخصصاتهم, والكوادر الوظيفية المطلوبة والمجالس الأستشارية الملحقة به. ولم يتطرق أحدٌ لوسائل محاربة الفساد والمؤسسات التي تتقصى الفساد والفاسدين. وتقدمهم للعدالة. وتَسترد ما سرقوه في وضح النهار.مع ان الجميع يتظاهر وينعق بمحاربة الفساد . ولم يقدم المرشحون ولا كتلهم وجهابذتهم أي دراسات عن النهوض بواقع الصحة والتعليم والمناهج الهابطة ورفع مستوى الجامعات المتدني.أما هيكلة الدولة وترشيقها من الترهل والفساد فهذا أمر لا وألف لا. لأنهم وعدوا وأغدقوا الوعود بالتوظيف, والعراقي يعلم انها ستكون للحاشية والمريدين والمطبلين والمزمرين.
أغلب المرشحين من جذور ريفية زراعية ولكنهم نسوا أن الزراعة هي الخير الدائم الذي لا ينضب .ومع هذا لم ينبسوا ببنت شفة عن دراسات أعدوها لأعادة الوجه الزراعي المشرق للعراق.ولم يهتم أحدٌ منهم بمعالجة شحة المياه وأسبابها ومطالبة دول الجوار بحقوقنا بمياهنا المسروقة .ولم يكلفوا أنفسهم بإعداد دراسات عن بدائل مياه الأنهار والأمطار وتطويرالآبار الأرتوازية والمياه الجوفية أو اعادة تكرير المياه المستعملة وايقاف نزيف المياه وترشيده بطرق ري حديثة.
أين هم المرشحون الذين أعدوا الدراسات لأعادة تشغيل المصانع التي خُربَت, وتشجيع الصناعات الصغيرة والورش المنزلية مستفيدين من التجربة الصينية؟
لو سألت أحدهم ما هي خططك لأعادة تشكيل الأقاليم والمحافظات أو دمج بعضها بمقاطعات بنظامٍ فدرالي أو لا مركزي متماسك, وماذا يرى في إعادة النظر في قوانين و وصلاحيات وعلاقة الحكومة الأتحادية بالمحافظات الغير مرتبطة بإقليم والأقاليم لَبُهتَ لون وجهه وفغر فاه. لأنه لا يعي معنى هذا الكلام.أما ماذاعنده من حلول لأعادة رسم حدود العراق وإسترداد الأراضي التي اغتصبتها دول الجوار والتفاوض لأعادة حقوقه في مياهه النهرية والملاحية.فهذا فوق طاقة مداركه.
وقد يعتقد الكثيرون منهم أن لا حق لهم في الخوض في هيكلة القوات المسلحة والأمنية وتنقيتها من الشوائب والفضائيين,وجمع السلاح من الشارع.وأن لا حق لهم في اعادة النظر في قانون التقاعد وتوحيده وكذلك قانون رواتب الموظفين والسعي بجدية لأقرار قانون مجلس الخدمة ومجلس الأتحاد. فهذه تحتاج لمترجم لأنهم يعتقدون ان من يتحدث بها مختل عقلياً أو يخوض في المحرمات أو يتحدث بالسنسكريتية.أما النهوض بالثقافة والفنون والرياضة والهوايات التي تَشْغَلُ وتُلهي الشبابُ, بدل حبوب المخدرات والهلوسة والمواقع الأباحية. فهي ضربٌ من الخيال وربما من المحظورات.
أما الدراسات الأقتصادية والأقتصاد البديل فهي مجهولة الهوية عندهم. فلا تخطيط ولا دراسات للأقتصاد البديل, ولا تنظيم للضرائب والمؤسسات الضريبة ومكننتها وترشيقها وتنقيتها من الفاسدين. والأستفادة من دول صغيرة جارة كالأردن الذي يعيش وتنظم ميزانته وفق الضرائب والأعانات الدولية.
وكذلك الحال بالنسبة للأستثمار الذي يصرخون ويرفعون شعاره فترويجاتهم الأنتخابية تخلو من أي دراسات معمقة أكاديمية تنهض به, مستغلة الثروة العراقية الهائلة التي تتسرب للخارج ,كا ذكرت وكالات الأنياء أن العراقيون يحتلون المركز الأول ممن يتاجرون في العقارات بتركيا وهم على رأس جدول المشترين.
لقد تسارع أصحاب رؤوس الأموال بحلالها وحرامها لشراء القصور والعمارات والأندية الرياضية والفنادق الضخمة في دول العالم وهجروا العراق والأستثمار فيه .
فما هي خطط المرشحين لتشجيع الرأس مال الأجنبي وتوفير المناخ الآمن لعملها؟أو استغلال وتشجيع المواطن العراقي وتشجيع المصارف لأقراضه بضمانة أملاكه لأقامة المشاريع الصناعية والزراعية أو بناء المساكن.
لو سألتهم كيف ستعالجون موضوع تردي الخدمات من كهرباء وماء وتهدم البنية التحتية وواقع المستشفيات المؤلم والمدارس والعشوائيات. لتأتأوا وفأفأوا ومأمأوا ,ثم قالوا الحقيقة والواقع. وبعدها رموا التهمة على الفساد والفاسدين والطائفية والمحاصصة و و و و و ولكن كيف الحل وما هو العلاج؟ لأحتاروا الجواب. لأنهم من تسبب بكل هذه الواوات والحروف .ويفتقرون لأبسط معرفة وكفاءة .وملتهم الحروف والكلمات.
استعانوا في دعايتهم الأنتخابية بالرداحين والمهرجين والسبيس والدولارات واعتمدوا الخديعة والتسقيط . ولم يستعينوا بفطاحل الخبراء والعلماء الذين يزخر بهم العراق, في الأقتصاد والصناعة والزراعة والقانون وإختصاصات مهمة أخرى ليعدوا لهم الدراسات والبرامج.
في ظل الكتل الحاكمة تجرع الخبراءُ والعلماء من ذوي الخبرة والكفاءة ذلَّ الحاجة والتهميش والأهمالَ حتى اضطر أغلبهم للهجرة للخارج فإستعانت بهم الدول التي آووا لها.
مرشحون يتحدثون بعموميات دون مناهج ودراسات. أغلبهم طلاب منافع ومناصب. وجاهلون في الوطنية غريبون عن الوطن.