23 ديسمبر، 2024 3:24 م

جاهزون للتضحية ومشتاقون للشهادة

جاهزون للتضحية ومشتاقون للشهادة

عناق حميم, كان يلفه الحسرة والحزن في صباح يوماً مغبر, بين الام الوطن الصغير, وأبنها المليح الاسمر.

حمل في طياته كتمان, لكلام تحيط به الاحزان, وتسائلات تسمعها قلوب الحبيبين, وتجاوب عنها العينين.

ماهو هدفك من هذا الرحيل, وانت تعلم وتحس بوضع والدك العليل, أهو الحب للوطن؟ في زمن كثرت فيه المأسي والخيانة والفتن؟

أعلم أن هدفك ليس بسهلً للمنال, وقد أخذ كثير من الصناديد والابطال, وسوف أنتظر بلهفة يلفها الحب والحنين والامال, رجوعك ببشرى الانتصار.

ذهب مصطفى, رجعت الوالدة, كجثتة هامدة, يحيط بها الخوف والقلق وعدم الارتياح, في داخلها تعلم أن أمر ما سوف يحصل.

في ليلة من الليالي, وهي ترجو الخالق المتعالي, جاءها لابساً للبياض, جلس عند رأسها وقبله, وقال ؛

ياوالدتي, كنت أعلم أني أسير الى الهاوية, بشموخ مملوء بالتفائل والروح العالية, وكنت أعلم أن النتائج ستكون وخيمة, والجرح سيكون عميقاً, الى الحد الذي يصعب علي بعد ذلك تضميده.

ياأمي, لم أبالي بنفسي, ولو للحظة واحدة, أتخذت قراري بالمغامرة وكنت أعلم إن الرهان خاسر, فلم يكن من اللائق أبداً أن أكون جبانً وأنسحب, وكان لابد من أن يموت أحدنا ليعيش الاخر.

من, من يموت, أنت, أنت تموت!!

من أجل من تموت, من أين يأتيني هذا الصوت, من الذي تغلب على والدك ووالدتك ونزع حبهما من قلبك, وأسرك بجنون, حتى ضاق من أجله بوجهك كل هذا الكون؟

أمي, من أجلك, من أجل راحة أبي, من أجل أن تسمعوا في المستقبل صوت البلابل الشجي, سوف أغادر لكي أخط للاجيال مسير الحرية, وأكون عنواناً وقبلة للوطنية, ودرساً مكتوباً للقارئ بجدية.

سامحيني, وأنزعي عن وجهك الحزن والاهات, وأعلمي أن الجنان تحت أقدام الامهات, وقصي لأبي أنتصاراتي والبطولات, وأوصلي له سلامي والقبلات.

فزت مرعوبة, بهموم فراق أبنها منكوبة, تسمع العويل والصراخ والاخبار, التي تتحدث عن الجندي المخطوف بالانبار, وكيف شنقوه الانذال, من على الجسر بالحبال.

خطت برجليها نحو عتبة الباب, وتحزمت بعبائتها الجنوبية, ونادت بصوت عالي؛

متانيه وجاني العلم..

لوين وجوه الزلم….