ربما من غير الصائب الحديث عن هذه الزيارة قبل بدئها , ولا حتى الأخذ بالكامل لحديث الناطق الرسمي لوزارة الخارجية د. احمد الصحاف الى قناة العربية الحدث , وبغضّ النظر للإعتبارات الإعلامية والبروتوكولية التي قد تفرض ذلك . ولاشكّ أنّ ملف العلاقات العراقية – التركية شائك وفيه معضلات قديمة وحديثة , واذ يبدو من خلال زيارة وزير الخارجية السيد فؤاد حسين الى انقرة تمهيدا لزيارة الكاظمي , بأنّ بعضاً من المعضلات القائمة قابلة للحل اثناء الشروع بالمفاوضات , ودونما الخوض فيما قد يقابل ذلك .!
ينبغي الأخذ بنظر الإعتبار ايضاً أنّ العراق لا يمتلك اوراق ضغطٍ كافية كما التي تمتلكها تركيا ! , وتبقى المصالح المشتركة وربما ” حسن النية ” لها دورها في هذا المضمار .
النقطة الستراتيجية والصعبة التي تشترك بها انقرة مع بغداد بشكلٍ متقاطع ومتضاد ّ , فما يؤرّق الأتراك هو تواجد مقاتلي حزب العمال التركي – الكردي في شمال العراق او في كردستان ” والذي هو تواجد يختلف عن سواه من التنظيمات المعارضة والمقاتلة في بعض الدول ” حيث اضحى لهم دورا سياسياً ملحوظاً في جيوبوليتيك الأراضي العراقية في الأقليم , بالإضافة لوجود معسكراتهم وقواعدهم المموّهة التي تستفيد من طبوغرافيا الأرض وتعقيداتها , ومن اللافت للنظر ” كما ذكرنا سابقاً ” وجود عوائل هؤلاء ال PKK معهم , واستقرار وتأمين الجانب اللوجستي لحياتهم المعيشية ومتطلباتها في هذه المنطقة , ودونما استرسالٍ اكثر في هذا الشأن , فمن الواضح أنّ كلّ الغارات الجوية التي شنّتها المقاتلات التركية , ومعها القصف المدفعي للجيش التركي على هذا التنظيم , فإنها لم تكن بالفاعلية التي تهدد وجوده وبقاءه في شمال العراق , ولعلّ الأبعد او الأخطر في ذلك هو انعكاسات وتأثير هذا التنظيم على اكراد تركيا في الداخل والذي يبلغ تعدادهم 30 , 016 , 000 نسمة ويشكّلون % 20 من سكّان تركيا , وهم ايضاً يشكّلون % 56 من مجموع الكرد في العالم , حيث يجسّد ذلك أحد ابعاد القلق السياسية والأمنية للقيادة التركية . بينما في الجانب العراقي فالعنصر الستراتيج المهم هو الإبقاء على القواعد العسكرية التركية في شمال البلاد او في الأقليم , ودون ان تستطيع زحزحة ال PKK قيد أنملة او اقلّ او اكثر قليلاً .! فإلامَ وعلامَ المكوث قسراً في الأراضي العراقية , والذي يفسّره البعض وكأنه احتلالٌ بطريقةٍ دبلوماسيةٍ ناعمة تمتلك بعض المسوّغات .. و وفق ما يرد من انباءٍ مسرّبة فهنالك احتمال لدخول وحدات من الجيش العراقي الى كردستان للحد ” على الأقل ” من نفوذ هذا التنظيم .! لكنما هذا الحضور العسكري العراقي قد يكون محدوداً في العدد والعدّة وفقاً لقرارٍ من قيادة الإقليم .! , ثمّ كم من جبهةٍ على الجيش العراقي أن يقاتل فلول داعش فيها .؟ وسيّما أنّ الأمن في العاصمة امسى مهدداً في هذه الأيام ومن اكثر من طرفٍ وفصيل .!