19 ديسمبر، 2024 2:00 ص

جامعة ذي قار تدخل التاريخ من اوسع ابوابه

جامعة ذي قار تدخل التاريخ من اوسع ابوابه

ان الافعال التاريخية تصنعها ارادة انسان ذات التصميم العالي والاصرار الكبير على تطويع الحياة وجعلها تصب في خدمة الانسانية . سيما ونحن خلقنا مأمورين في هذه الحياة … ان نعمل … ونعمل … ونواصل العمل … ونطرق على كتلة الكون لاستخراج الرزق وبناء المجد ومن ثم نحمد الله . والكون كما هو معروف مسخر لبني ادم منذ ان سجد الملائكة لأدم ( واذ قلنا للملائكة اسجدو لأدم …  الكهف اية 50 ) بمعنى ان ذلك السجود لم يكن سجود عبادة قطعا . وانما هو جعل الاشياء طيعة بيد ادم وذريته … ولم تزل افعال الانسان المؤمنة المستنيرة بهدي نواميس الله وتعاليم رسله تسير في هذا النطاق فصنعت مجدا وابتنت حضارات ولوت عنق الزمان ليكون طيعا في خدمة الاهداف التي يتطلبها الفعل الانساني الخير . وفي الزمن الراهن نرى الخيرين ايضا ونلحظ العباقرة والمبدعين على قلتهم ، ولكن افعالهم لو ان كل القوم افتخروا بها لوسعتهم , ومن هذه الافعال هو محاولات تغيير مجرى الفرات في منطقة مابعد الحلة ، والذي يشكل مشكلة كبيرة للمدن والقرى الواقعة على مجراه بدء من الديوانية وانتهاء بالتقائه بدجلة بمنطقة قريبة من القرنة ، وهذه المشكلة ناتجة عن ارتفاع نسب الملوحة المختلطة مع مياه الفرات العذبة بفعل العيون والينابيع من تلك الارض التي يمر بها حوض النهر . فبدء من نشوء الحكم الوطني في العراق سنة 1921 الى يومنا هذا والاصوات تتعالى والدراسات تجرى والمقترحات تقدم لغرض معالجة هذه الظاهرة كي يتمتع اهل الديوانية والسماوة والناصرية ومدنها وقراها بمياه الفرات الموصوفة بعذوبتها . ولكن المعاذير عبر كل الحكومات المتعاقبة كانت غير مقنعة ، منها ما يتعلق بقلة التخصيصات او عدم وجود الملاكات والاليات ومنها ما يتعلق بالطبقة الجيومورفولوجية ومنها ما يتعلق بندرة الدراسات وقلتها وعلميتها وتحديدها بدقة للمشكلة وتشخيصها بشكل مفصل للعوامل المؤثرة واقتراح الحلول وايجاد البدائل . الى ان اهتم المجلس المحلي في محافظة ذي قار وطلب دراسة في هذا المعنى من جامعة ذي قار مركز ابحاث الاهوار فوضعها فريق بحثي متخصص برئاسة الدكتور طالب عكاب حسين بين يدي المجلس بعد ان اجرى الدكتور المذكور مداولة في شهر مايس من سنة 2010 مع السيد قصي عمر شريف العبادي رئيس مجلس المحافظة حول الموضوع كونه خاطب رئاسة الوزراء لاستحصال الموافقات في ضوء دراسات رصينة لتغيير مجرى نهر الفرات . وكان الفريق البحثي قد تمكن من دراسات ميدانية الى معظم المناطق المجاورة لحوض نهر الفرات والتي لها علاقة بالملوحة . واكد الفريق ان نهر الفرات يتفرع الى شعبتين في حدود محافظة الديوانية وهما الفرات الرئيسي ( شط السبل ) والشعبة الثانية تتجه الى الغرب منه لتكون نهر العطشان ( شط الخسف ) والذي كانت معظم مياهه من الينابيع والعيون والوديان والمبازل  والفروع التي تاتي من الجهة الغربية من النهر ضمن حدود محافظة النجف والقادسية والمثنى . ولقد تم ايصال هذا العطشان مع شط السبل الفرات الاصلي بحفر نهر اطلق عليه نهر القائد بالقرب من ناحية القادسية في محافظة الديوانية . تلتقي هتان الشعبتان السبل والخسف شمال مدينة السماوة بحوالي 5 كم . ولقد لاحظ الفريق البحثي ان هاتين الشعبتين تخترقان منخفضا جيومورفولوجيا ممتدا من غرب مدينة السماوة ويمر ببحيرة ساوة والمملحة باتجاه الشمال الغربي ولحدود مدينة الشنافية . وشخص الفريق من الناحية الهيدرولوجية من خلال الفحص الميداني بان هذا الحوض الذي يمر به الفرات بشعبتيه تكثر فيه عيون وينابيع مرتفعة الملوحة تتجمع على هيئة قنوات لتصب في فرعي نهر الفرات مثل مبازل البو هليل وغيرها  ، التي تصب في العطشان 50 كم جنوب مدينة الشنافية . فضلا عن وجود ظاهرة رشح المياه المالحة وعلى مسافة كبيرة من جوانب هذين الفرعين لتصب داخل الحوضين . ووجود المسطحات المائية التي تشكلها تلك الينابيع والتي في اغلبها تصب في نهر الفرات . لذا رأى فريق العمل وفي ضوء التحاليل المختبرية وقياسات الملوحة والدراسات الدقيقة التي اجروها ان يصار الى تحويل مجرى نهر الفرات عن مجراه الحالي السبل ، وربط نهر العطشان بالمصب العام ، ومنع تسرب مياه الصرف الصحي الى مجرى النهر . بعد ان طرح الموضوع من قبل اهالي الناصرية ممثلين بشخص السيد رئيس مجلس المحافظة على دولة رئيس الوزراء اثناء انعقاد اجتماع مجلس الوزراء في محافظة ذي قار وافق دولته على المشروع في ضوء الدراسة التي اجراها الدكتور طالب عكاب حسين رئيس مركز ابحاث الاهوار  في جامعة ذي قار والفريق البحثي الذي يرافقه . وسيصار انشاء الله الى تنفيذه من قبل الشركات مثلما وعد دولة رئيس الوزراء. والدكتور طالب عكاب احد منتسبي جامعة ذي قار حاليا من مواليد 1961 حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية من جامعة بغداد 1981 – 1982 ، وعلى درجة الماجستير من نفس الجامعة 1986 – 1987 ، فيما حصل على شهادة الدكتوراه – فيزياء التربة ، من جامعة بغداد 1995 – 1996 ، وانه حاليا يشغل رئيسا لمركز ابحاث الاهوار ذي الانشطة المتعددة والذي اسهم بشكل مباشر في توسيع مدارك المواطنين حول خطورة المياه الملوثة والملوحة والتصحر والاقتصاد بالري وايجاد بدائل لطرق الري القديمة من خلال اعتماد الرش والري بالتنقيط وتبطين القنوات ، بل ان هذا المركز كان يدعوا الى اعتماد تقانات النانو الحديثة للري والزراعة ويدعو ايضا الى تطوير امكانيات الفلاحين والمزارين ومربي المواشي والدواجن والجاموس ، وتطوير بيئة البادية ، وقد اسهم هذا المركز ممثلا بشخص مديره بالعديد من البحوث والدراسات والندوات التي تصب في نفس الاختصاص وتحت توجيه ورعاية السيد رئيس جامعة ذي قار واحيانا باشرافه المباشر وحرصه على حضور انشطة المركز . فنحن في الوقت الذي نزف فيه التهاني الى جامعة ذي قار على هذا الانجاز التاريخي الكبير والذي ستذكره الاجيال وايضا يعد واحدة من مفاخر الجامعة وانجازاتها الكثيرة والمتعددة نتمنى للدكتور طالب عكاب وفريقه البحثي ومركز الاهوار مزيدا من التقدم والبحث العلمي الرصين في سبيل خدمة العراق وبنائه . وان ابناء ذي قار وكل المدن الواقعة على حوض الفرات  ضمن حدود الدراسة المختصة سيكونون حتما شاكرين هذا الجهد المتميز لجامعة ذي قار وللدكتور طالب عكاب . والحمد لله رب العالمين .

أحدث المقالات

أحدث المقالات