18 ديسمبر، 2024 7:12 م

جامعات لبنان بين الحقيقة والبهتان

جامعات لبنان بين الحقيقة والبهتان

بدءا وطبقا لمعايير الجودة التي مازالت نصب اعين حكومات العالم الحريصة ووزارات التعليم في الدول المحترمة والمؤسسات الرصينة ، والتي لاتعرف منها حكومات مصر والعراق و سوريا واليمن وليبيا وبوركينا فاسو وامثالهم اي شيء- فان الجامعات اللبنانية بل التعليم في لبنان بشكل عام ما زال في المراتب الاولى في التصنيف العربي على الاقل، وفي مراتب طيبة في التصنيف العالمي ،اذ يكسب المرتبة الثالثة بعد قطر والامارات الدويلتين الغنيتين المستقرتين سياسيا ،
ولو كان لبنان اليوم على ربع المقدرة الاقتصادية لهذين القطرين القافزين لكان سبقهما دون شك ، أما مايروجه السياسيون العراقيون ومن خاب مسعاه في ان يعيد جامعات العراق الى مكانتها قبل قدوم اللصوص مع الدبابات الديمقراطية وتجمعهم من شتات الارض ليستولوا على كل ماتقع عليه ايديهم وتراه اعينهم كالجراد المنتشر ،عندما فشلوا وافشلوا وفسدوا و افسدوا صاروا يروجون عن تعليم بلدان المنطقة وخصوصا لبنان بعد أن هرب اليها طلبة العراقيين الطامحين الذين اغلقت بوجوههم خيارات الجامعات العراقية التي احتكرت لفئات مميزة رغم سوء تعليمها، وعيث بكوادرها فسادا وبمختبراتها وصفوفها تخلفا ،واهملت اخلاقيا ومعياريا حتى صارت حفلات التخرج المخزية هي الطموح والتصوير والسفرات والخبرة في التافه من العلاقات هي الغاية ، وضاع الشباب وضاع معهم التعليم،
التعليم في العراق الذي لم يقدم للبلد ولا للعالم اي شيء يذكر لا أدبا ولا علما منذ عشرين سنة ، وخرجت جامعاته من التصنيف العالمي منذ عقد من الزمن، ولحقتها كل المؤسسات التعليمية الساندة.
ولما توجه الدارسون والباحثون الى اقرب الاماكن و انسبها تكاليفا من جامعات الخارج يطلبون بها ما تتطلبه الحياة ومايلبي الطموح ،صارت الدولة المنهارة بسياسييها المزورين ووزرائها الصدفويين وتقسيماتها المحاصصية الطائفية تلاحقهم وتعرقلهم ،بل انخرط كثير من فسدة السياسة مع موجات الهجرة التعليمية الجماعية هذه وشوه صورتها هي الأخرى بفساده واموال الشعب المنهوبة ،وهنا لابد من قول الحكم الواقعي-الذي ينطبق على العالم اجمع-كما هو دون تزويق ، و هو إن اكثر الدول رصانة في التعليم وكثير من جامعات مهمة حول العالم ولها اسمها وصيتها في بريطانيا وامريكا واوربا يمكن ان تخض في اوقات معينة وحالات خاصة لأموال الطالب المرصودة. بالملايين والمسخرة لاجتياز مرحلة والحصول على درجة ان اراد ، فلازال العالم مليء بالاساتذة الدنيئبن وبالعمداء المرتشين وبالباحثين المأجورين،ولكن هذا بصورة فردية حصلت وتحصل هنا وهناك وليس في لبنان فقط ، وهذا لن يغير من واقعية ان تلك الجامعة او ذلك البلد يتمتعان برصانة وجودة علمية مشهودة على نحو الاجمال والعموم ، والسياقات والشواهد من المخرجات ،بل يحصل مثل هذا الفساد التعليمي اولا وقبل الكل في العراق نفسه حيث ترتب رسائل ولجان مناقشات وتمنح على اساسها شهادات “من التي يتبجحون بمدح رصانتها” دون اي رقيب او حسيب او اعتراض ، و اجيزت موضوعات وبحوث لاتمت للعلم ولا للبحث العلمي بصلة ،منها مايمثل شعائر وطقوس دينية ومنها مايتحدث عن خرافات تاريخية واخرى مسروقة من مجلات علمية ورابعة تقدم كمجاملة لمسؤول او على شكل تودد و هدية.
فإن كان ولايد فليأت الانتقاد لتعليم لبنان وجامعاته من بلد غير العراق المنهار ،و ليأت من وزارة غير التعليم العراقية التي لاتختم فيها ورقة ولاتصدق فيها وثيقة الا بالرشوة و بالدولار سواء صحت ام بطلت فكلها سواء ،وليعترض غير الخريجين واصحاب الشهادات العراقية من المتأخرين الذين نعرف كيف حصلوا على شهاداتهم من جامعات الفوضى والطائفية والمحسوبية والمحاصصاتية وقنوات “الشهداء” الوهميين والسجناء السياسيين ورفحاء طفحاء والشعبانية وماشابه ،
فلا مقبولية ولا معقولية في ان ينتقد الفاشل ناجحا ،وان يعترض الفاسد مصلحا ، ولا أن يعاير المنهزم رابحا.
جامعات لبنان مازالت الافضل بين جامعات المنطقة ،واساتذتها جادون محترمون ، و اداراتها رصينة وطامحة رغم كل مايمر بهذا هذا البلد الصغير بمساحته وسكانه والكبير بعزيمته واصراره على الحياة وتمسكه بعرى العلم وافتخاره واعتزازه بماضيه وحاضره ، أما مايشاع من حكومة الرعاع ، فهو للتسقيط المستأجر والمباع ،والحكم الحقيقي يكون بالتجربة الصادقة ، “فليس المعاينة كالسماع” .