23 ديسمبر، 2024 1:58 ص

جاسم الطويرجاوي من المهد الى اللحد

جاسم الطويرجاوي من المهد الى اللحد

لم اعي واقعة الطف وما جرى على الامام الحسين واهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين، من قتل وترويع وسبي، الا من خلال صوت ناعي اهل البيت السيد جاسم الطويرجاوي، الذي كان ولازال جزءا لا يتجزأ من واقعة كربلاء الاليمة، فمنذ ان بلغت السعي مع والدي لزيارة الحسين ع، كنت استمع لصوت الطويرجاوي على طول مسافة الطريق وهو ينعى ما جرى في كربلاء من حوادث، وكان ابي شديد البكاء حد الاجهاش والاه، وكنت انا شديد التفاعل مع ذلك الصوت الذي اعتقدت بعدما كبرت انه بقايا من دماء الحسين ع ادخرها الله لنا لتكون صوتا ينعى مصيبة كربلاء..!

لا شيء في كربلاء لا يوجد فيه اثرا من صوت ذلك الناعي، فكل الزوايا في الاماكن المقدسة والمداخل فيها صوته. هنا قتل الاكبر وهنا دفن الاصحاب، وهناك قطعت يداي ابو الفضل ع ، وفي مكان اخر ذبح الحسين،، فبكل شيء كان لذلك الصوت اثر، حتى حين كنت امر على الحائر مابين ضريح القداسة وتل الوقوف الهاشمي، كان يرن في مسامعي دون شعور صوت الطويرجاوي وهو يرتل اياته عن زينب ع وهي تنادي الحسين ( ان كنت حيا فأدركنا) وتعود نفس الاه التي كانت تجهش روح ابي، تعود مرة اخرى لتجهشني بالبكاء وكأن تلك الآه التي يرتلها الناعي هي شيء من حادثة كربلاء او انها شطرا مخفيا من اشطر الزيارة المقدسة..

مات ابي، وكبرت انا وضل صوته صرخة مكملة لواعية الحسين ع ( الا من ناصرا ينصرنا)

وضل صوت الحسين ع في حنجرة السيد جاسم مترددا عاليا رغم وفاته، ولان الله جاء به من مهده صغيرا لينطق عن لسان الحسين ع وكأن الاه التي نتفاعل معها هي حشرجة قديمة جاءتنا من قلب العقيلة زينب على لسانه”.

رحل عنا هذا العظيم وباتت جميع المنابر حزينة، وكأن كل شيء يبكيه ليس المنابر فقط، لكنما اركان الضريح المقدس بكته، زينب ع في خربة الشام ورقية وكل اهل البيت حتى فاطمة، بل ان السماء تبكيه لانه صوت الحسين ع قد مات هذا اليوم..!

في تراثنا نعتقد ان فاطمة عليها تقيم العزاء لولدها الذبيح العطشان في عالم اخر، وانا على يقين يابن فاطمة انك ستقيم هذا اليوم مجلسا حسينيا فاطميا لآمك الزهراء، وسيحضره كل الانبياء وجميع الملائكة وستبكي السماء على صوتك وانت تنعى الحسين بصوتك، وسيبكي الحسين ع على آهك لزينب وهي تسبى وسيكون دخولك مختلفا عن كل مداخل الاموات لانك يا سيدي جئت الى عالم الموت حيا.

مت يا سيدي الناعي جسدا وضل صوتك في مجالسنا، فصوتك لا يموت مع جسدك لانه معجون بمصائب كربلاء وآهات عمتك العقيلة زينب، وقرر الناس هذا اليوم ان يوارى جثمانك الطاهر تراب الحسين، وكأني اراك ان ادخل الجنة فلا خوفا عليك ولا انت حزين، فتلك العيون التي ابكيتها للحسين ع هاهي اليوم تبكيك فراقا ووجعا، لكن الله شاء ان تكون مزارا بين اضرحة النبيين وابناء النبيين، لآنك يا سيدي علمتنا ان الحسين ع عبرة من المهد الى اللحد.