لم أثق يوما ولن أفعل بمؤتمر او منظمة دولية تتخلل مفردة ( السلام ) عنوانها الطويل والعريض نحو ” منظمة السلام العالمي ، مؤتمر السلام اﻷممي ، معهد السلام الدولي ، تجمع السلام الافريقي ، إتحاد السلام اﻵسيوي ، تحالف السلام العربي وما شاكل ، إذ ان السلام هنا وهمي وهو بمثابة وجه جميل جدا يخفي خلفه وجها قبيحا للغاية، اشبهه على الدوام بإطلاق مصطلح المشروبات الروحية على ” العرق الزحلاوي ” لتبييض صورته للشاربين والناقدين على حد سواء وإن غيب الروح والمال والعقل معا …هئ هيء!!
كرهي ﻻيقف عند حدود المؤتمرات والمنظمات والجمعيات والمعاهد بل يتخطاها الى جل الذين حصلوا على جائزة “نوبل للسلام ” وجل الذين يتم إختيارهم سفراء للسلام حتى بات بإمكاني الجزم وباﻷدلة القطعية والوثائق الثبوتية بأن الكيان الذي يحمل لفظة ” سلام ” ﻻبد ان له يدا ولسانا وقلما ممدودا لتأجيج وإشعال الحروب الدولية حول العالم ، ويعمل جاهدا على تجميل وجهها وتبرير جرائمها النكراء وإن كان ﻻيدري ، حروب يلعب فيها اللسان والقلم دورا كبيرا يمهد للقتال بمختلف انواع الاسلحة سريعا بين من لعبت بعقولهم نشوة السلام المفبرك المأزوم بعد تحميصه على صفيح سياسي ساخن كما تلعب الحشيشة بعقول الحشاشين الطامحين بالنيرفانا الوهمية !!
فإن النار بالعودين تُذكى … وإن الحرب مبدؤها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم … يكون وقودها جثث وهام
عصابة الآرغون التي قادها السفاح الصهيوني الاكبر “مناحيم بيغن” والتي ارتكبت في آذار / 1948 مجزرة دير ياسين التي اسفرت عن نحر 250 ريفيا بضمنهم 100 إمرأة وطفل، ليتبعها رئيس وزراء الكيان الصهيوني بضرب مفاعل تموز النووي السلمي العراقي عام 1981 ، اعقبه بمجزرة صبرا وشاتيلا 1982 والتي انتهت بمقتل واصابة 3500 مدنيا وهو القائل (إذا كان حزب الليكود يعد الإسرائيليين بإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، فأنا أعدهم بإسرائيل العظمى من الخليج إلى المحيط) حاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1978بالاشتراك مع السادات …ربطت بالدوشيش !!
قائد مجزرتي اللد والرملة الفلسطينيتين في 7 ايلول / 1948 ما اسفر عن مقتل 70 مدنيا بينهم نساء واطفال ، وقامع انتفاضة عام 1987 بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع ، خامس رئيس وزراء إسرائيلى،اسحاق رابين ، بدوره حاصل على نوبل للسلام عام 1994!!
مهندس “العدوان الثلاثي” على مصر عام 1956، والمسؤول عن “مذبحة” قانا جنوبي لبنان 1996 والتي تمخضت عن مقتل 100مدني اعزل في لبنان معظمهم نساء واطفال ،بعد لجوئهم الى مبنى الامم المتحدة ، الرئيس التاسع للكيان الصهيوني ، شمعون بيريز ، حاصل هو اﻵخر على نوبل للسلام عام 1994بالأشتراك مع المجرم رابين !!
رئيسة وزراء بورما – ميانمار – الحاصلة على جائزة سخاروف لحرية الفكر 1990م و جائزة جواهر لال نهرو عام 1992م والتي تباد الاقلية المسلمة من طائفة الروهينجا في بلادها امام انظارها وعلى مسمع العالم أجمع والتي استشاطت غضبا عندما سألتها مراسلة البي بي سي ، ميشال حسين ، عن تلك الجرائم التي يشيب لهولها الولدان :قائلة ” لم يخبرن أحد أنني سأجري حواراً مع مسلمة ” انها رئيسة الحكومة البورمية ، أونغ سان سو تشي ، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 1991 !!
وبناء على ماتقدم فلقد وقع عازف العود العراقي الشهير الموسيقار ، نصير شمه ، في فخ السلام المزعوم والموهوم حين التقط معه سفير – الكيان الصهيوني – في منظمة اليونسكو ، كرمل شمة هكوهن ، وهو من اصل عراقي ايضا صورة فوتوغرافية بمعية مديرة منظمة اليونسكو ، إيرينا بوكوفا، على هامش تكريم الاول وتعيينه فنانا للسلام من قبل منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ، لينشر السفير هكوهن ، الصورة على صفحته في فيس بوك ، ولتتلقفها الصحف الاسرائيلية وتهلل لها ، زاعما ان ” شمة اعطاه كارته الشخصي ووعده بالعزف في اسرائيل ” الامر الذي نفاه وانكره – شمه العراقي – وبشدة ، مؤكدا انه لم يكن يعلم بأن من صافحه والتقط معه الصورة ..اسرائيلي !! على حد وصفه .
واتمنى ان ﻻيكون” السلام” الذي بدأ بضجة وفضيحة وتبادل اتهامات كادت ان تطيح بمدير بيت العود العربي وفنان العرب ويتسبب له بأزمة قلبية – على حد قوله – سيكون سلاما على خطا ماوصفت سلفا .
واذكر بماقاله المهاتما غاندي عن السلام الاعور ” لا يمكنك ان تصافح القبضة” وبماقاله ، عالم الاجتماع جاستون بوتول ” السلام شيء سريع العطب تماما مثل الصحة، فهو بحاجة إلى كثير من الظروف الملائمة والإرادات الحسنة المتظافرة” او كما قال مارتن لوثر كنغ ” السلام الحقيقي ليس مجرد انعدام التوتر؛ بل هو وجود العدالة” ، نسخة أولى أبعثها على اجنحة حمائم السلام الحقيقية ﻻ المزيفة الى ابطال التسوية التأريخية والجغرافية والمصارعة – قصدي – المصالحة الوطنية في العراق ونسخة أخرى الى أدعياء الاسلام الحنيف والاسلام منهم براء ممن يبادرك احدهم بـ” السلام عليكم ” ثم يحز رقبتك او يسرق مالك او يهتك عرضك او ينتهك حرماتك او ينمك ويغتابك ..في العراق هناك اﻵف منهم ، اما لمن يزعم إشعال الحروب الدامية لتحقيق السلام والحرية والدم ..قراطية ، فلم اجد أجمل مما قاله المسرحي جورج كارلين : ان ”الحرب من أجل السلام مثلها مثل ممارسة الجنس من أجل العذرية“. اودعناكم اغاتي