23 ديسمبر، 2024 6:29 ص

ثورة جياع العراق الثانية…

ثورة جياع العراق الثانية…

يقال انه في ستينات القرن الماضي، موشي ديان أسترسل مع احد الصحفيين بسرد خطط حربية، فتعجب الصحفي       وسأله: “ألا تخشى أن يعلم العرب بهذه المخططات عند نشرها”، فرد عليه بمقولته المشهورة:” العرب لا يقرؤون وأن قرأوا لا يفهمون” هذا يلخص مشكلة البلدان العربية عموما.

المواطن العراقي خصوصا صاحب نزعة قيادية، وهذه الميزة باتتمشكلة بحد ذاتها، بسبب تراكم الحروب والتجارب السلبية، فهو صعب الأنقياد، شديد التمسك برأيه، لا يستمع الا مع نصيحة تتماشى مع أفكاره ، وأن كانت تصب في مصلحة الناصح فقط وتسبب ضرر له.

لذا نجد اغلب العراقيين الآن أما اقصى اليسار أو أقصى اليمين ومن غير تنظيم يذكر، نعم هنالك الكثير من الأصوات الوسطية ولكنها تخفت وتختفي وسط الضجيج، وحقيقة الأمر كل ما نحتاجه للنهوض بالعراق أن ينصت الطرفين للأصوات الوسطية، وترك عصبية الرأي ومبدأ ” عنز وان طارت”.

تعرضت للكثير من اللوم لعدم دعمي الغير محدود لثورة الجياع الثانية التي أنطلقت من البصرة الفيحاء، واكتفائي بالنصح أو نشر الخبر دون التعليق عليه، رغم أيماني أن الثورة نشأت من رحم معاناة الشعب العراقي الذي ما زال يعاني من العوز ونقص الخدمات، رغم أنه يطفوا على بحر من ذهب، ومادفعني لذلك هو قناعتي بعدم تحقيق أغلب أهداف الثورة وذلك للاسباب ادناه:

أولاً، التوقيت: عنصر الوقت مهم جدا لنجاح أي ثورة، فالحكومة الآن حكومة تصريف أعمال، وأي شيء تعد به سيكون غير ملزم للحكومة القادمة، لهذا هي وافقت على كل طلبات المتظاهرين تقريبا  بدون أي تفاوض يذكر.

ثانياً،القيادة: لا يمكن نجاح ثورة من غير قيادة مركزية، فبالرغم من أن شرارة الثورة أنطلقت بصورة عفوية، ولكن كان المفروض بلورة قيادات سريعة لمسك زمام الأمور، والتحرك بنسق واحد يمنع المندسين ودعاة الفوضى والفاسدين من ركوب الموجة، كما حدث في أقتحام الشركات الأجنبية ومطار النجف.

وانا متأكد أن صاحب الفكرة مندس ومن نفذها لا يدرك خطورة الموقف، الذي له أبعاد اقتصادية لا دخل لها بمن يحكم العراق فأي بلد ينهض يحتاج الأستثمار الخارجي، وبسبب الحرب مع الإرهابوالسياسة الخارجية الفاشلة، تعزف أغلب الشركات الأجنبية عنالإستثمار في العراق، وما حدث يزيد الطين بلة لأنه يثبت أن العراق غير مستقر سياسيا وأمنيا وبالتالي فهو بيئة غير صالحة للأستثمار والتطور.

الأهم، اني شعرت بأن هذه الثورة كسابقتها ثورة الخدمات إبان حكم المالكي، فمن خرج مطالبا بالاصلاح ساهم لاحقا بأيصال نفس الفاسدين للسلطة، أما بالتصويت لهم أو عدم التصويت ضدهم، فنحن شعب دأب على الاستيقاظ صيفاً والسبات شتاءاً.