19 ديسمبر، 2024 1:49 ص

ثورة الموصل وثيران أقليمية

ثورة الموصل وثيران أقليمية

رغم تناقل وسائل الإعلام المختلفة؛ عن وجود ثورة أو إنقلاب على داعش في الموصل؛ ورغم الإعتقاد أن داعش لا تشكل أكثر من 10% من السكان الموجودين، ورغم بشاعة الجرائم التي لم تترك موصلي إلاّ وناله منها على الأقل شرار نارها؛ إلاّ أن الواقع قد لا يكون بذلك الشكل الذي يوصف، ولو كانت بوادر ثورة؛ لما إستطاع ما يقارب 3 آلاف السيطرة على مدينة سكانها أكثر من مليونين.
تكرر مشهد الحديث عن ثورة قبيل دخول القوات مدينة الفلوجة، ولم نشهد الثوار يستقبلون القطعات العسكرية، ولا حديث للإعلام العربي؛ إلاّ التشكيك بالقوات المحررة.
بدأت بعض الحقائق تنكشف يوم بعد آخر، وثمة أهداف دولية صار واضحة منها التدخل التركي لإرباك المعركة، وإجتماع دول خليجية مع تركيا؛ للتحدث بصفة الوصي على العراق، وكلام عن خوف من مستقبل تطهير الأرض بيد القوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي، ولا تطرق عن جرائم داعش ومعاناة الموصليون من بطش الإرهاب؛ بل حتى الأمس القريب إنحسرت مخاوف تلك الدول من القوات العراقية؛ بعيداً عن إيجاد حلول تعيد للعراق سيادته وتخلص أبناءه من الذبح.تصاعدت وتيرة الأحداث والصراعات الأقليمية، وثمة غليان للحروب الباردة صار واضحاً ومؤلماً، وبدأت الصعقات تبرق بتصادم الموجبات والسوالب، ومع نيران الحروب المستعرة في الأجساد؛ تصاعدت أصوات غير مهذبة، وتعالى التلاسن بين الرؤوساء، وكشفت الوقائع كذب بعض المدعين بالحرب على الإرهاب؛ بالتوغل العسكري أو التدخل السياسي بذريعة؛ حماية طائفة ما من عنف القوات العراقية والتهميش المزعوم.
لا يمكن لعاقل تصديق الأقاويل وتكذيب حقائق السياسات القذرة؛ المبنية على دعم الإرهاب والتغاضي عن الداعمين، ولا حقيقة لإعتقاد أن كل ما يقدم مجاناً، وكان الأولى من تركيا غلق حدودها بوجه تدفق الإرهابين من مختلف أرجاء المعمورة الى العراق وسوريا، وسكوت قادة الخليج عن المذابح التي حصدت عشرات الآلاف من مناطق يدعون الدفاع عنها، ولم يقدموا مساعدة للعوائل المشردة في حرارة الصيف وبرد الشتاء في العراء، بل لم يقدموا أي عون للعشائر لأجل الإنتفاض على داعش، ودعم تلك الحركات مادياً ودولياً وإعلامياً.لا يُنكر وجود إعتراضات وتذمر وكبت؛ إلاّ أن سيف الجلاد أمضى، وما ينقل من حديث هناك؛ تهويل لجرائم وهمية تتحدث عنها وسائل إعلام عربية ودولية تثبط الهمم.
توقيت سقوط مدن عراقية بيد داعش؛ لا يمكن غيابه عن التكنلوجيا وتطور منظومات الإستخبارات العالمية، التي تكشف ما تحت الأرض، وعبور القارات لا يمكن أن يكون مجاناً لسواد عيون أحد؛ في مقاييس التي تتغذى على الحروب، وتعيش حالة صراعات قطبية طاحنة خططت لها منذ عقود، وبذلك لا يمكن أن تعطي خسائرها كلقمة سائغة لدول الخليج وتركيا، التي بدأ العالم يُشير الى تورطها بدعم الإرهاب العالمي؛ فهل تسمح أمريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا؛ أن تكون تركيا والسعودية منافس لها في منطقة الصراع، ثم لا حديث عن أي ثورة لو أنها بالفعل حقيقية؛ لكان مليوني حجارة بدعم عربي يُطيح بداعش، وأنها مجرد حديث ثيران عربي أقليمي؛ لسلب نشوة نصر دفع من أجله العراقيون آلاف الضحايا. 

أحدث المقالات

أحدث المقالات