بعد ظهور حركة الموسوعيين الاوربيين في العقد الرابع من القرن الثامن عشر ونجاحها الباهر في تأليف القاموس العلمي المصنف لكل العلوم المنوي دراستها، تحركت العقول الاوربية من عقالها، حين بدأت تفكر في شئون الكون على اساس من الفكر غير المقيد، والعقل المتعطش الى المعرفة الكلية على اساس البحث العلمي والتجربة التي قادتها الجامعات الاوربية على اساس الكشف العلمي الصحيح. ورغم قلة الباحثين والمتخصصين في المعرفة العلمية وقتذاك ، لكن الذي اكتشفوه كان قد بهر العقول وشجعهم اكثر نحو الكشف العلمي المنتظربعد ان توجهت مراكز البحث العلمي نحو دراسة نظرية كروية الارض والآلة والمحرك والفلزات،فكانت تلك في مقدمة الكشف العلمي الجديد.كل ذلك لم يحصل لولا القيادات السياسة المخلصة لأوطانها.
لقد كانت البداية مع العلماء الذين اداروا ظهورهم للماضي، ولم يعد للنقد السلبي للعصور الوسطى من آثر عندهم. وأنما بدأ التطلع لكل جديد في عالم العلم والمعرفة والتسابق نحو تحويل النظريات العلمية الى تطبيق. بعد ان ضمنت لهم الثورة الفرنسية العملاقةعام 1779 مبادىء الحرية والاخاء والمساواة التي ازالت عهد الظلم والتسلط عنهم بعد انهاء الملكية المستبدة وازاحة آل بوربون من حكم الدولة، و تحطيم سجن الباستيل رمز السجن الفكري للعلماء والمتعلمين حين اُخرج الاحرار والابرار ليساهموا في مسيرة التقدم العلمي الجديد.
بينما نحن جئنا لنقتل العلماء والمخلصين ونبي حكومات للسلب والنهب وقتل المواطنين..ونتوكأ على مرجعيات دينية هي التي ساهمت في التدمير وقبضت الثمن وشرعنت احتلال الوطن والمواطنين.
لكن هذا التوجه الاوربي سبقته الحركة العلمية العربية الاسلامية، حين نادت حركة المعتزلة منذ القرن الثاني للهجرة بالثورة العقلية واعتماد العلم والتجربة العلمية بعيدا عن العاطفة والافكار اللاهوتية المقيدة للفكر الحر ، حينما قالت : (ان القرآن ليس نظرية تتعامل مع الفروض، بل هو نظرية تتعامل مع الواقع. وخاضوا بنظرية الجدل القرآني، كما في قول الحق:(وكان الانسان اكثرَ شيءُ جدلا،الكهف 54) .وفصلوا بين الثنائية التلازمية والتقابلية والتعاقبية، ووضعوا لكل واحدة منها حلا لفك رموزها في تناقض الشيئين وتلائم الزوجين في الخلق، وتعاقبية الليل والنهار، ومفهوم الحب والكراهية، وطرحوا الاسلام كعقيدة وسلوك،وليس كعادة وتقليد ومراجع متخلفة ). فدخلوا في مناقشة العمق الفلسفي للعقيدة الاسلاميةفي القضاء والقدر والحرية ومشكلة المعرفةونظرية الدولة وتفسير التاريخ ، وطالبوا بدراسة النص الديني بعيداً عن العواطف، والابتعاد عن مواقف الانصياع الاعمي للتفسير ، وفق نظرية الترادف اللغوي الخاطئة في تفسير النص الديني،وألاهتمام بدراسة وتأويل نظرية الحدود. وكان ذلك فتحاً جديدا غير مسبوق في عالم العلم والمعرفة عند الاخرين.لكن من جاؤا من بعدهم منذ عهد المتوكل العباسي(232 للهجرة)دمروا كل ذلك التراث خدمة للحاكم وسلطة المتجبرين .
ودعوا الى رفض فكرة العالم الاخر الغير مادي الذي يعجز العقل عن ادراكه الذي صنعه رجال الدين.ورفض فكرة القول بأن هناك بعض الايات القرأنية لا تفسير لها،ولم يدركوا ان حتى آيات الغيب فقد جاءت بالدلالات العلمية التي هي بحاجة الى بحث وتفصيل،كما في سورة الكهف ومريم،وقالوا في الغيب :هو القدرة الالهية الخارقة التي جاءت في القرآن الكريم على سبيل العضة والاعتبار للناس لاغير، فاستغلت من قبل رجال الدين منذ البداية لحصر الفكر الاسلامي في زاوية المستحيل. . بينما دعت حركة الاعتزال الى رؤية جديدة للصراط المستقيم ،والمعروف والمنكر ، والى مبدأ التلازم بين الاستقامة والحنيفية، ودعوا الى تحرير المرأة مما لحق فيها من ظلم وحيف عند تفسير النص الديني الخاص بها ،فهي نصف المجتمع ولا بديل للنصف الا بالعودة للكل حين قالوا:( المرأة مثل الرجل الا فيما يمنعه التشريع). انها ثورة العقل ،لو نجحوا فيها لكنا اليوم غير الذي نحن فيه الان من التخلف والانحطاط في مجتمع المسلمين.
.لكن هذا الطرح العلمي الرائع للمعتزلة جوبه بالرفض التام من قبل خلافة العباسيين منذ عهد المتوكل العباسي( 232-247 للهجرة)، والمؤسسة الدينية التابعة للخلافة. ومن جاء من بعده فآماتوا فكرة التطور في الحضارة الاسلامية وابقوها على حالها من الانغلاق والتخلف،فاصبح الاعتقاد السائد ان العلم هو العلم الشرعي ولا غير،لدرجة أنهم سموا العلوم الاخرى صناعات.وهنا تكمن المأساة التي لا زلنا نعايشها الى اليوم.والتي لازالت المؤسسة الدينية تروج لها.
وفي آوربا رغم الردة والمرتدين من الفرنسيين بعد حركة الارتداد في الثورة الفرنسية نتيجة خلافات القادة المنفذين لها، لكن حركة التاريخ لم تعُد تصلح بالعودة بها الى الوراء ابدا،فقد زعزع التغيير أركان البيت الاوربي القديم وان لم يهدمه ،لكنه لم يعد صالحا للسكن على الحالة الاولى التي كان عليها الناس،ان التغيير حين يستقر في الاذهان يصبح من المستحيل نزعه من افكار الناس بعد ان يشعروا بان البديل هو عودة الظلم والدكتاتورية وفقدان الحقوق الاخرى للمواطنين،اذ ليس بالمقدور ان يعود الزمن للوراء على ماكان عليه قبل التغيير ،رغم المحاولات المستميتة من الاخرين كما هم اليوم قادة ايران والعراقيين .شعوب وعت حقوقها ولن تقبل بالتراجع عن التقدم والتمتع بالحقوق رغم عراقيل المعرقلين. شعوب شقت طريقها نحو التحرر والديمقراطية وحقوق الناس ولن ترضى بالبديل الاخر،فكانت آوربا التي جاءت بكل جديد. بينما نحن ظل السيف مصلطاً على الرقاب ومن ينادي بالتغيير، عند العباسيين ومن تلاهم ،وتلك مآساتنا التي عانينا منها الكثير، واليوم نامل ان تنتهي عند العراقيين بهمة شبابهم الثائرين على الباطل ، رغم صعوبة التنفيذ.
بهذا التوجه الاوربي العلمي الكبير،استطاع الاوربيون ان يحققوا ثلاثة اهداف رئيسية للمجتمع الاوربي الجديد :
ويقف على رأسها أنشاء المؤسسات العلمية الثابتة الاهداف ليستقر التقدم في الاذهان ويصبح عقيدة،فكانت الجامعات ومراكز البحوث العلمية المسندة بالعقول الجبارة ، والتي اصبحت لديها القدرة على مساعدة العلماء والباحثين لتجديد مفردات الحضارة. فكانت الجامعات هي البداية الخصبة للتحرك العلمي المنشود،حين سدت الطريق على رجال الدين من السيطرة عليها،وابقت التغيير هو الاساس في التطوير. فتحركت عجلة التاريخ الى الامام دون عائق او عراقيل.
وتقف حركة اصلاح التعليم بكل مراحله الاولى الثلاثة ترافقه قانونية التطبيق، لينتج لنا منهجا علميا جديدا بعيدا عن التزمت والانغلاقية الفكرية التي كانت بها اوربا ،وكان اول نجاحهم حين حولوا المبادىء للثورة الفرنسية الى تشريعات قانونية ملزمة التطبيق.فلم يعد بأمكان احد ان يتصرف تصرفا فرديا دون تشريع ،وليس لسلطة حاكم على فرد الا بالقانون. هنا اصبح التعليم مؤسسة مستقلة قائمة بذاتها لا تدخل حكومي عليها سوى الاشراف الاداري خوفا من الانحراف والاستغلال.وهذا هو الذي فقدناه في الوطن العربي منذ زمن بعيد.
والهدف الثالث والاهم هوتقرير قناعة المواطن بالتغيير ،فلم يعد بمقدور احد يطالب بالعودة للقديم ،وهذا الذي لا زلنا نحن نراوح فيه اليوم،لفشل التطبيق، بينماهم أسدلوا الستار على الملكيات والبيروقراطيات وحكم الاقلية والمنتفعين،فأنطلق الشعب من عقاله يبحث عن كل جديد.هنا التغيير اصبح قناعة في نفوس المغييرين والناس اجمعين ، بعد ان اصبح القانون حاميا له. وبذلك ضمنت الثورة نجاح القناعة في التغيير ،اي لم يعد بمقدور احد ان يفكر بأرجاع القديم الى قدمه ،فأسدل الستار عن اهم مرحلة من مراحل التاريخ الاوربي المظلم(تاريخ العصور الوسطى). وهذا ما نرغب بتحقيقه اليوم بعد حركة التغيير الاخيرة في 2003 التي قلبت المفاهيم رأساً على عقب رغم العراقيل وخيانة المسئولين ،لكن المواطن لم يلمس العدالة والامن اللذان وعد فيهما قبل التغيير،فبقي على حاله من العوز في الرزق والخدمات والامن والمحاصصة والطائفية والعرقية المطبقة مع الاسف في كل مفاصل الدولة لذا ظل حائراً دون تقنين. ان هذا التوجه سوف لن يخدم المواطن والقيادة وكل المعنيين.
وبالقياس لما نحن فيه ورغم كل الخسارة الكبرى بشقيها المادية والمعنوية التي حلت بالوطن العراقي بعد التغيير الاخير من جراء الاخطاء الكبيرة التي ارتكبت،والفوضى العارمة المصطنعة التي رافقت التغيير،فلا احد يستطيع العودة بنا الى الوراء بعد اليوم ، فالتغيير هو المكسب الذي ازاح الدكتاتورية والحكم الفردي الرهيب ، فلم يبق لنا الا القيادة الواعية التي تستوعب حركة التغيير، وهذا هو اول طريق النجاح للتغيير، رغم عتامة الوضع السياسي الحالي ومحاولات اعداء الحرية والديمقراطية الذين لا هم لهم الا نزواتهم من المنتفعين والذين يحولون ان يوجهوا مكاسب التغيير لصالحهم دون الشعب ،لكن النهاية ستكون وبالا عليهم،ولن يفوز بها الا المخلصون..ان توفر قناعة التغيير تعتبر شرطا من شروط نجاح المهمة وان تعثرت. لذا نرى الان من يصر على الوحدة الوطنية بعد ثيات فشل الانحرافات الطائفية والعنصرية والمحاصصة الوظيفية وقرب رحيل المحتل.وهذا امر يجب ان يدعم من كل المساهمين،ومن تتوسم فيهم رائحة التغيير القانوني الاكيد.
فلم يعد لدى القائمين بالتغيير الا اختراق الصعاب رغم ما يبذل من وضع العراقيل قي وجه التحرك الحضاري وحقوق الناس،وتقف الطائقية والمحاصصة الوظيفية ومستغلي الفدراليةالعنصريين في بداية تلك العراقيل الواجب ازاحتها من طريق المجتمع الجديد قبل ان تستفحل وتصبح قناعة عند بعض المغييرين،ان للمخلصين اليوم فرصة التغيير ان ارادوا بصدق المعايير. لكن يبدو ان لا ملامح في الافق اليوم تبشر بالتغيير،مادم البعض مصرا على ابقاء القديم على قدمه رغم قناعة التغيير.
وعلى مفكرينا اليوم ان لا يلتفتوا الى النقد السلبي واستذكار الاخطاء حسب ، بل الى تقديم المقترحات لازاحة تلك الصعاب،مثلما وقف مفكري الغرب حين استماتوا من اجل دحرالمعوقات عندهم حين وقفت الكنيسة ورجال الدين والبيروقراطية المتأصلة في النفوس في المقدمة من تلك المعوقات ،كما تقف الرئاسات الثلاث اليوم ضد اماني الوطن والمواطنين.. لذا أنبرى الاقطاب الثلاثة عندهم (سان سيمون في كتابه المسمى أعادة تنطيم المجتمع الاوربي الذي طرح فيه المستقبل العلمي لاوربا الحديثة، ودارون في نظريته المعروفة بالداروينية والتي فتحت مجالا واسعا لنظرية الجدل بين معتقدات رجال الدين والنظريات العلمية في اصل الانواع، وهربت سبنسر الذي دعا الى التغيير في البناء الداخلي للمجتمع وخاصة في نطاق تقسيم العمل بين افراد المجتمع بعد تحويلهم الى منتجين لا مهرجين كما كان عهد الكنيسة البائد).،الم يكن لدينا بعض المفكرين الافذاذ من وزن المرحوم جواد علي والعالم عبد الجبار عبدالله والاستاذ الدكتور علي الوردي والكثيرين، فهل بأستطاعة مثقفينا ان يحذو حذوهم في التفكير ووضع البرامج للتغيير ،ونبتعد عن البكاء على الاطلال والنقد السلبي العقيم لنكون بهذا المستوى من التفكير؟
وبهذه العقول الجبارة تحركوا ،فأستطاعوا نزع خرافات العصور الوسطى من افكار الناس ووضعوا محلها نظرية جديدة قائمة على ان الانسان أثمن رأسمال في الحياة،لذا لابد من استثماره من اجل التغيير ،لا ان نقتله اليوم بدم بارد دون دليل .آذن مالذي ينقصنا غير العمل والايمان بما نعمل ،مثلما عملوا وخلصوا وحولوا المجتمع الى ما نراه الان من تقدم ورفاه وحضارة فاقت تصور المتصورين.
.
ان الذي يجب ان تطرحه المؤتمرات العلمية والجامعات العراقية في بلادنا اليوم رغم العراقيل ، هو فصل العلوم الدينية من قرآن وتفسير وحديث وفقه .. عن العلوم البحتة تماماً، ونخرج من عقولنا ما زرعته المؤسسة الدينية في عقولنا ،بأن الاتجاه العلمي البحت مضيعة للوقت وصرف للانسان عن عبادة الله.ولم يتحقق لنا ذلك الا باعادة النظر في المنهج المدرسي المتبع حالياً. ولقد تم طرح هذا التوجه المنهجي الجديد في مؤتمر الكفاءات العلمية من قبل باحثينا الذي عقد في بغداد للفترة من 22-24 -2008. لكنه ظل حبرا على ورق.بفعل المسئولين..ولا ينقصنا الا المتابعة والتطبيق. ووضع مقررات المؤتمر بأيدي العلماء الافذاذ المخلصين، ودعمهم مادياً ومعنوياً من اجل التحقيق.
قي المرحلة الثانية يجب علينا ان نضع قاعدة نحو تحقيق مطالب العلم الطبيعي الاساسي، القائمة على ان العلم الطبيعي هو قاعدة العلوم في دراسة المظاهر الكونية وتطبيق التجربة الفعلية في الدراسات العلمية، بعيدا عن التصورات الميتافيزيقية فيصبح النبات والارض والنجوم والافلاك تحت مجهر النظرية العلمية البحتة.كما عمل الاوربيون حين نقضوا مذهب ارسطو في الوصول الى حقائق الاشياء .فيصبح البحث والتجربة هما اساس العلم الحديث لا الوهم والفرضيات الغيبية التي لا تُشبع ولا تُغني من جوع. وبذلك يصبح العلم هو الذي يحمي العقل البشري من الشكوك الدنيوية التي تفرزها الافكار المنغلقة.عندها يدرك طالب العلم الجديد عندنا ان ميدان الفلسفة والعلم هو الميدان الذي يجب ان يعيش فيه، لا ميدان الوهم والماورائيات.،هنا يصبح الطالب الجامعي الجديد بحاجة الى منطق جديد يقوم على العلم والتجربة لا تعيقة معوقات العلم الغيبي ،فتكون الطبيعة هي بداية العلم الجديد.وهذا ما عملوه قادة اوربا من اهل العلم ففتحوا امام الحضارة الانسانية أفاقاً واسعة لازالت تولد لنا كل يوم فتحُ جديد.ولن يتحقق هذا الا باختيار القيادة المؤمنة بالتغييرعلماً واخلاصاً في التطبيق لا عمائم التجهيل..
وعلى هذا الاساس تحقق مسار الفكر العلمي الجديد.بعد ان تخلص من الفكر المقيد المغلول..، حتى المدرسة الدينية اصبحت خاضعة للمنهج العلمي لا المنهج اللاهوتي المُعتم واصبحت الكنيسة مؤسسة مستقلة لا علاقة لها بمؤسسات العلوم البحثية،فكان من نتيجتها الفاتيكان . قظهرت العلوم الصرفة تدرس تحت عنوان قوانين التاريخ،ولا دخل للكنيسة فيها. فاصبحت الحياة تدار بطريقة عقلية لا عاطفية يضمنها القانون.فلمَ لا تكون مؤسستنا الدينية بهذا التوجه الرصين..لا يمكن ان يحصل ذلك والمذاهب المختلفة والمتخلفة الباطلة موجودة في عقول المواطنين ، والدستور والقانون يكتب بموجبها خطئا في التطبيق.
ان اول ما يجب عمله عندنا اليوم في العراق هواستقلال المؤسسة الجامعية وابعاد ببيوقراطية السلطةعليها ورجال الدين المزيفين للحقيقة والتطوير .كما في الدول المتقدمة، وتقف الولايات المتحدة الامريكية في المقدمة ، اذ لا سلطة عندهم فوف سلطة الجامعة ومؤسساتها العلمية الكبرى ،التي انتجت كل هذا التقدم.وان لا توضع مصائر العلماء والتدريسيين بيد اللجان النرجسية التي لا تعي معنى العلم والمتعلمين.من هنا تدرجت الحياة العلمية والاجتماعية عندهم حتى اصبح الانسان مسئولا عن نفسه وليس من حقه ان يعيب تصرفات الاخرين، الا ما يتعارض مع حريته الشخصة وحقه القانوني المكتسب ،فتحولت الحياة الى قناعة انسانية عَم خيرها الوارف الجميع ،فأستراح المجتمع من كل معوقات الحياة بعيدا عن العاطفة والتصرف الاجتماعي الخاطىء.فأنتقل مركزالثقل في العلم من الخيال الى الواقع ومن النظري الى العملي.ولكن لا يمكن للمجتمع ان ينتقل هذه النقلة الكبرى الا بقانون نافذ التطبيق.فهل في قادتنا اليوم من يستطيع ان ينقل المجتمع نقلة التطبيق.
اذن من هو الذي قام بهذا العمل الجبار، الم يكونوا رجال اوربا المخلصين، الذين جعلوا الجزاء على قدر المواهب والكفاءة والجهد المبذول ومستوى ذلك الجهد من الدقة وعدمها والاخلاص في نصيب العلم والخبرة في العمل ،لا على اساس العاطفة ونظام المحاصصة الكريهة والطائفية البغيضة وقلها بعبارة صريحة،(نظرية شيلني وشيلك اللاشرعية ديناً وعرفاً وقانوناً) ، ان الذين امنوا بالعلم والكفاءة والاخلاص حرية التصرف وابعدوا عن المجتمع الخوف والتهديد، ساعتها كسب المجتمع والدولة معركة التقدم والاستقرار في النهاية ،وبعدها لا خوف على مجتمع أمن بالتقدم والعدالة قانوناً له في التطبيق.
هذا الذي يجب ان نعمله سوية لنغير معركة التاريخ والحضارة في عراق التغيير،من الدائرة المغلقة الى الافاق الواسعة،وان نعطي للكفاءات العلمية حقها في الامان والتقدير- وهذا مستبعد اليوم-،ونضرب بيد من حديد على كل من تسول نفسه للاعتداء عليها،فقد خسرنا منها الكثير، وان نؤمن ان التاريخ لا يعيد نفسه لكنه في تغير دائم فما دام هناك اطمئنان الى ثمرة العمل، فهناك تقدم وتحسن وبالتالي هناك رخاء وامل للجميع ويعطي للسلطة الامل الكبير في النجاح والتقدم في التغيير. وبذلك نستطيع ان نخلق مجتمعا من القوة يستطيع ان يوقف الظلم ويرد الظالمين عن هواهم،ويحترم عند العالمين ،حينئذٍ يترفع المجتمع عن التقصير في العمل والكذب والغش والرشوة والفساد ويتعالى عن الدنيئة والمفسدين، فيظهر القائد المنتظرالذي سيملا الوطن عدلا وهذا هو تاريخنا في سيرِ العلماء الافذاذ، فينشأ عند الانسان في الدولة وعي خُلقي وانساني قائم على العمل والاجادة والحرية والنشاط والحركة، فينتهي الفساد ويموت المفسدين،فهل من يقودون العراق اليوم يتفكرون؟.