يتفق جميع المؤرخين والباحثين وفلاسفة التاريخ أن ثورة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم أفضل السلام ،هي ثورة ضد الاستبداد والطغيان والظلم التي كان ينتهجها حكم الطاغية يزيد بن معاوية في العراق،لذلك كان واجب على الحسين عليه السلام أن يرفع السيف بوجه الطاغية الظالم، ويقول له كفى ظلما وبهتانا وعنجهية،ويركب فرسه من مكة المكرمة الى بطاح العراق في كربلاء،ويعلن ثورته بأسم كل المظلومين والمستضعفين ،ولم يدر بخلده أبدا أن يخذله قومه الجبناء،( رغم أن قسما كبيرا من أهله وأصحابه قد حذروه منهم )،وقالوا قولتهم الجبانة المستخذية (أن قلوبنا معك وسيوفنا مع بني أمية ) بعد أن وصل الى طف كربلاء المقدسة، وجرى ما جرى للحسين عليه السلام بعد ذلك،اليوم العراق والعراقيون يعيشون مأساة الحسين في شهر محرم الحرام وكأن المشهد يتكرر ثانية في العراق ،فالظلم بلغ مداه ،والطغيان أعمى بصيرة أهل السلطة ،والتفرد بالحكم أصبح سمة الحاكمين ،وقتل واغتصاب واغتيال وتهميش وإقصاء من يعارض الوالي وحاشيته وحزبه ،وقد امتلأت السجون والمقابر من معارضيهم ،والصراع مع الأحزاب المشاركة في السلطة قد حطم البلاد وادخلها في نفق مظلم لا يمكن التكهن بمصيره الأسود ،فما أن يخرج من معمعة عويصة مع احد الأحزاب والكتل حتى يدخل في أخرى اشد منها ،فمن قضية الهاشمي وصالح المطلك الى قضية عمليات دجلة وقضية البنك المركزي العراقي الى قضية المفوضية العليا وقضية فساد الأسلحة الروسية وغيرها عشرات الأزمات التي يفتعلها رئيس الوزراء وطاقمه مع التحالف الكردستاني او القائمة العراقية أو التيار الصدري وهكذا دواليك الأزمات ،وكلها تصب في هدف مركزي واحد لا غيره ،هو إنشاء دكتاتورية طائفية تتفرد بالحكم الى ما شاء الله ،والهيمنة على وزارات الدولة السيادية (الدفاع والداخلية والأمن الوطني والاستخبارات والمفوضية العليا للانتخابات والبنك المركزي العراق والمحكمة الاتحادية ) وبهذا يضمن الولايات المتعاقبة في السلطة ،في حين يعيش العراقيون بأسوأ حال عرفه التاريخ العراقي من الذل والاهانة والحرمان والإقصاء والتهميش والاغتيالات والاعتقالات والتعذيب والاغتصاب في السجون الحكومية بنفس طائفي واضح لا تخطئه العين (صرخات السجينات العراقيات على شاشة الفضائيات مثالا صارخا ،فما الذي بقي للعراقيين غير الثورة ضد الظلم ورفع سيف الحق بوجه الظالم ،وهكذا خرج العراقيون في محافظات الانبار ونينوى وصلاح الدين وأجزاء من بغداد بتظاهرات غاضبة للمطالبة بإعادة حقوق الشعب العراقي المسلوبة ورفع الظلم والحيف عنهم تماما كما فعل سيدنا وإمامنا الحسين عليه السلام في ثورته المباركة في معركة ألطف الخالدة ، فكانت شعارات تلك المحافظات واضحة ومباشرة ،إن الظلم يجب أن يتوقف ،وان إطلاق سراح الأبرياء من السجناء والسجينات وإلغاء المادة 4ارهاب ،وإلغاء قرارات بريمر سيء الصيت في الاجتثاث والإقصاء ألقسري ،وإعادة التوازن الى مناصب الحكومة ،وإنهاء الإقصاء والتهميش لكل طوائف المجتمع العراقي ،هي مطالب مشروعة وواقعية لا يمكن العيش بدون إلغائها ،والذهاب الى مصالحة وطنية حقيقية لا إعلامية خادعة تذر الرماد في العيون ،وبغير ذلك ستبقى الأوضاع تدور في فلك الحرب الطائفية والتي سيتضرر منها جميع العراقيين بلا استثناء ،لذا على حكومة المالكي الذي( اخطأ في تقدير الحالة الآنية فيما فجرته قضية رافع العيساوي )،وفتحت الأبواب الموصدة على مصراعيها ليقول الشعب العراقي في تلك المحافظات المظلومة كما كل محافظات العراق كلمته وثورته، ضد من سبب ويسبب لهم هذا الظلم القاتل منذ أن احتل الغزاة الأمريكان العراق،لقد بلغ السيل الزبى ولم يبق في القوس من منزع كما يقال ،ولم يعد الصبر كاف على تحمل مالا يحتمل من جبال القهر والإذلال التي جثمت على صدور شرفاء العراق من أقصاه الى أقصاه ،إنها ثورة العراقيين قامت الآن في كل محافظات العراق، امتدادا لثورة جدهم سيد شهداء الجنة الحسين ابن علي عليهم أفضل الصلاة والسلام ..ثورة الحق على الباطل المزهوق بإذن الله ……..