22 ديسمبر، 2024 5:17 م

ثورات التضليل ، الجزيرة و أخواتها

ثورات التضليل ، الجزيرة و أخواتها

” ضميري لا يسمح بالاستمرار في قناة شاركت في قتل الشعب العربي”. هذا مختزل كتاب استقالة الصحفية الفلسطينية ايمان عياد من قناة الجزيرة القطرية الصهيونية ، مختزل مفيد جدا لمعرفة من هى قناة الجزيرة و ما هو دورها فى ضرب الشعوب العربية و لماذا تم تأسيسها و لماذا تصرف المحمية القطرية كل هذه الاموال النفطية الخيالية لتظل هذه القناة شوكة مسمومة فى الخاصرة العربية كل ذلك خدمة للصهيونية و الامبريالية العالمية ، فى السنوات الاخيرة كانت هناك متغيرات هائلة فى العلاقات الدولية على كل المستويات لعل من أبرزها عربيا هو الغزو الامريكى للعراق و سقوط بغداد سنة 2003 ، فى هذا السياق كان لوسائل الاتصال و الاعلام دور مهم لا يقل عن الدور السياسى و العسكرى و كان المستفيد الاكبر من هذه الحرب الاعلامية الموجهة ضد بعض الدول العربية الرافضة للصهيونية أمريكا التى تحفزت الى هذه الحرب بعد ان فهمت ان سبب خسارتها فى فيتنام كان بسبب سوء استخدامها لوسائل الاعلام و لذلك قامت بتدشين قناة السى . ن . ن سنة 1980 لتكون اداة لخلق ظروف مواتية للقيادة الامريكية لبسط سطوتها على العالم ، ثم و على مستوى اخر كان على امريكا البحث عن طريقة مناسبة لإحداث ” ثورات ” فى العالم العربى بواسطة عملاء مدربين و فى نطاق خطة محكمة تتولاها منظمات بعثت للغرض للتغطية على خفايا هذه المؤامرة على الشعوب تحت ستار الديمقراطية الامريكية الزائفة .

تكشف التحقيقات و الدراسات الجادة أنه لتوفير المعلومات لقنوات التضليل و لإحداث هذه الثورات المزيفة فقد أنشأت وزارة الخارجية ” الوكالة الامريكية للتنمية الدولية ” و ” الصندوق الوطنى للديمقراطية ” و منظمة ” فريدوم هاووس ” و غيرهم من المنظمات التابعة لوكالة الاستخبارات الامريكية و اللوبى الصهيونى فى الولايات المتحدة الامريكية كل ذلك لتدريب عناصر هذه المنظمات المشبوهة و تأطيرهم و توجيه مواقفهم السياسية لإشعال الثورات المزيفة و استغلال حالات الاحتقان الراكدة فى كثير من هذه الدول العربية التى تعانى من عقود الاستبداد و الفساد و اظهار العنف و الشغب فى هذه المظاهرات بكونها نتاج تحركات شعبية سلمية و احتجاجات مدنية معقولة ، طبعا قناة الجزيرة كانت من الاوائل الذين نفذوا المؤامرة الممزوجة بحالة حقد و كراهية عمياء ليس لها حدود و غير مسبوقة على الاطلاق ضد الشعوب فى سوريا و مصـر و تونس و ليبيا و العراق ولبنان على وجه الخصوص ، لم يكن المستهدف فى هذه الحرب هى الانظمة و لم يكن هناك اسناد لحريات الشعوب و مطالبها الشرعية كما يقال و قيل فى اعلام الجزيرة و غيرها من القنوات العربية العميلة بل كان الامر متعلقا بتنفيذ مخطط جهنمى لتفتيت القوة العربية فى كل عناوينها المادية و المعنوية ، تفتيت على أسس عرقية طائفية مذهبية حتى تبقى اسرائيل هى القوة الوحيدة فى المنطقة و يكون هناك أمر واقع يدعو الى القبول بالتطبيع و معاشرة الكيان معاشرة شرعية لا لبس فيها .

ما حصل من ثورات مزيفة فى دول الاتحاد السوفييتى السابق ليس بعيدا من حيث الاهداف الخفية و المعلنة عما حدث فى المنطقة العربية لان التخطيط الامريكى الصهيونى الخليجى كان واضحا للمتابعين سواء من حيث ما اكتشفه الاعلام المنقب فى مثل هذه المسائل من وجود مخططات سابقة أو من تكليف ادوات معينة بالتنفيذ او من حيث رصد الاموال و تسخير الابواق الاعلامية أو من حيث تكليف الجماعات الاسلامية و بالذات حركة الاخوان المسلمين العالمية بتسخير الارهابيين للتنفيذ ، روسيا كانت مستهدفة و لا تزال و الدول العربية الرافضة لأمريكا و اسرائيل كانت مستهدفة و لا تزال بنفس المخطط القذر ، فإثارة غرائز الشعوب نحو التحرر و التغيير مهم لضرب الاستقرار فى روسيا الاتحادية و لفرض الانقسام فى سوريا و بقية الدول العربية و لن ينسى المتابعون دور السفير الامريكى روبرت فورد فى سوريا و لا دور جيفرى فيلتمان السفير الامريكى فى لبنان و لقاءات الاول مع الجماعات الارهابية التكفيرية المسلحة و لقاءات الثانى مع فريق الخيانة فى لبنان بقيادة سمير جعجع أو ما يسمى بتيار 14 اذار ، فى كتابه ” ارابيسك امريكية : عن الدور الامريكى فى الثورات العربية ” يكشف الكاتب الجزائرى أحمد بن سعادة الدور الخفى الذى لعبته امريكا و المخابرات و الاجهزة الامريكية فى هذه الثورات المشبوهة كل ذلك بالوثائق و الادلة و يؤكد العلاقة بين ما سمى بالثورات الملونة فى جمهوريات الاتحاد السوفييتى السابق و بين ثورات العالم العربى من حيث تقديم امريكا للمساعدات المختلفة للإطاحة بهذه الانظمة و استكمال الطوق حول روسيا و تفتيت العالم العربى ، ربما لا يتحدث الاعلام بصورة كاملة عن دور السفارات الامريكية فى هذه الدول لكن الكاتب يؤكد دورها الفعال فى تغطية هذه الانتفاضات و اعطاء التقارير المسبقة عن حالات الاحباط و الاشارة الى الاطراف التى يمكن توظيفها لتنفيذ المؤامرة و من بينها الاخوان المسلمون و بعض رموز ما يسمى بالمعارضة فى الخارج .

ربما لم ينتبه البعض لكن الدكاكين الامريكية التى خططت لهذه ” الثورات ” هى نفسها من تولت تحديد الشعارات التى هتفت بها الجماهير الغاضبة فى تونس ” ارحل ” و ” كفاية ” فى مصر و لقد لاحظ المتابعون تركيز قناة الجزيرة على هذه الشعارات كجزء من حملات التضليل البصرية فيما تكشف التقارير تخصيص وزارة الخارجية الامريكية للملايين من الدولارات للشركات المتخصصة فى صنع البرمجيات لمساعدة منظمات المجتمع المدنى فى الدول العربية لكسر الرقابة و تمكين القنوات الاعلامية المتآمرة من ” وجبات ” اعلامية ساخنة يعلم الجميع اليوم ما تضمنته من تضليل و اكاذيب ، من يعود اليوم الى ارشيف قناة الجزيرة مثلا يدرك حجم التضليل الاعلامى فى تناولها للحراك السورى و يدرك حجم الانقسام الذهنى الذى فرضته القناة خاصة فى الايام الاولى لهذه المؤامرة ، هناك من انطلت عليه الحيلة و صدق المؤامرة لكن ما كشفه وزير الخارجية القطرى السابق حمد بن جاسم من ان قطر قد تحالفت مع السعودية و الامارات لضرب النظام السورى معتبرة سوريا مجرد فريسة ميتة يجب نهشها خدمة للصهاينة و تمكين الجماعات التكفيرية المسلحة من هذا الجسم مسخرين كل الخزائن المالية النفطية للغرض يؤكد ان ما حدث لم يكن ثورة بل مجرد مؤامرة تضليل لإخفاء النوايا الصهيونية الامريكية لا غير .