23 ديسمبر، 2024 7:33 ص

ثنائية الدين والدولة

ثنائية الدين والدولة

تمثل ثنائية الدين والدولة إشكالية كبيرة في المجتمعات الدينية التي دخلت معترك الديمقراطية ونريد أن نخصص هذا المقال المكثف عن عراق مابعد 2003..
في دستور 2005 احتال مشرعو القوى الحاكمة على العراقيين بوضع مادة دستورية متناقضة مخادعة
تقول المادة (2):
أولاً:- الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ أساس للتشريع:

‌أ- لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام.

‌ب- لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
وفي هذه المادة بشقيها ا و ب مغالطات كبيرة سنحاول هنا شرحها مبسطا
بكل اختصار نقول أن مبادئ الديمقراطية تتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام فضلا عن إن الدولة لا دين لها لأن الدولة ليست فردا واحدا وهي أيضا ليست مجموع من الأفراد يشكلون جماعة دينية وكان يمكن القول بأن أغلبية العراقيين مسلمون وهو أمر لا علاقة له بالدولة ..
سأعطيكم مثالا إذا كانت الدولة هي مجموعة المؤسسات الحكومية والمجتمعية التي تتشكل من خلالها إدارة المجتمع فهل يمكن لك أن تقول مثلا أن هذه الوزارة أو المديرية أو أي مؤسسة أخرى أنها مسلمة ..
بالحقيقة الدين نشاط انساني مثله مثل باقي النشاطات وهو جزء من الدولة ونعم قد يكون مؤثرا سواء بالفكر المعتدل أو المتطرف..
نأتي الى إشكالية أخرى وهو أن الإسلام ليس واحدا كما يتصور البعض حينما تنتابنا العواطف في الدفاع عنه ..
إنه بالحقيقة إسلامات متعددة بل ومختلفة فيما بينها إلى حد التكفير والقتال وتاريخنا الحديث والمعاصر فيه عشرات الأمثلة على ذلك..فكل طائفة ومذهب وفرقة يعتقد أفرادها أنهم على صواب وهذا الأمر لا ينطبق فقط على الدين الإسلامي بل ينطبق على اليهود والمسيحيين..
ليس هناك شيء اسمه فصل الدين عن الدولة وإن تكررت هذه المقولة على لساننا فالتفكير بعمق يبين لنا بما لا يقبل الشك أن الدين مهما كان شكله سيكون دوما أصغر من الدولة
نحن نعتقد أن الذين كتبوا الدستور لايحملون نظرية لعقد دولة محترمة ومتقدمة لذلك نحن نعيش اليوم في فوضى وانهيار ستؤدي بالنتيجة الى التقسيم فهل كان هذا مخططا أم أنه سوء تخطيط..
بلا شك هذا الموضوع يحتاج الى بحث اكثر وافكار مبدعة تنتشلنا من هذه الثنائية التي حطمت البلد وفرقت المجتمع ولعل بعض المفكرين الأحرار يخوضون في هذا الموضوع وأنا على اطلاع على جهود بعضهم في صياغة نظرية لتأسيس الدولة بعيدا عن تداعيات الديمقراطية وهرطقة الدين
..