19 ديسمبر، 2024 12:09 ص

ثنائيةُ الهجومْ على الرئيس معصومْ

ثنائيةُ الهجومْ على الرئيس معصومْ

الذين هاجموا الرئيس معصوم وانتقدوا زيارته الى فرنسا فئتان، الاولى تتصيد اي خطا على الدولة العراقية “الجديدة “واي اخفاق تطبخة وتبالغ فيه وتتونّس وهي تكفخ رأس الدولة اذا ما ارتفع قليلا . والفئة الثانية تتألم لأي خطأ ترتكبه السلطة والدولة عموما سواء كان بروتوكوليا او اخلالا بالقيم والسلوكيات التي نهى عنها مسؤولو الدولة الجديدة خلال معارضتهم للنظام السابق وجاؤا بمثلها .

ثنائية الهجوم هذه رغم اختلاف اهداف فئتيها لكن لغتها تكاد تكون واحدة ، بحيث تنعدم الفوارق بين اهدافهما ونواياهما ، والسبب هو كثرة الاخطاء والهنات والتناقضات والاخفاقات التي تصدرّها السياسةُ العراقية باحزابها ومؤسساتها الى الحياة العامة والاعلام في مقدمتها منذ عام الفين وثلاثة .

لم يذهب فؤاد معصوم الى باريس بصفته الشخصية ، ولو ذهب فمن المؤكد هناك من يستقبله من محبيه و زملائه في العائلة والسياسة والجامعة وهو شخص وقور وثري في سيرته وخلقه ومواقفه . بل ذهب باسم دولة “ام سبع اوجوه

“. رئيسها لايشبه نائبه . ووزيرها لايشبه زميله وربما لايعرف ماهو تخصصه اوماهي شهادته او حتى اسمه . دولة تشوش على مواطنيها . فما عرفوا هل ان دخول تركيا احتلال وتجاوز واستهتار . ام انه مساعده وتدريب واحترام كلمة واتفاق ، رئيس الوزراء يدين دخولها وسياسي اخر يقول انها جاءت بموافقته ، دولة للمرة الاولى في العالم نائب رئيس جمهورية فيها يبارك للسعودية حملتها العسكرية ضد اليمن فيما زميله النائب الاخر يدعو الى وضعها تحت الوصاية الدولية . دولة جميع مسؤوليها ورؤساء الكتل السياسية فيها يدينون الفساد ويتحدثون عن ضرورة محاربته ، ولم يشهد العراق محاسبة مسؤول فيها حتى وان سرق او اخفق او ساعد الارهاب على دخول بلاده . دولة تجتث البعث الذي كان يحكمها وتطارد البعثيين الصغار في المدارس والجامعات بينما تستعين مراكز القرار فيها بالاقوياء منهم في الجيش والقضاء والاستثمار والاعلام والهيئات الاساسية في الدولة .دولة يطلب رئيسها ورئيس وزرائها ورئيس برلمانها من القضاء فيها اصلاح نفسه بنفسه ولانعلم ماذا يقصدون ، في وقت يعترف فيه سياسي بارز بقوله اننا نسيس القضاء ونمارس عليه ضغوطا ! دولة لاتعرفها مدنية ام دينية ، ثرية ام فقيرة ، محتلة ام مستقلة ، موحدة ام مقسمة ، في حالة حرب ام حالة سلام ، كل الدول المجاورة بتناقضاتها تدعي الوصاية عليها . وكل الحركات المتطرفة وغير المتطرفة تدعي الانتساب اليها ، من يحميها؟ الجيش ام المسلحون المدنيون ؟ لاتعرف الحكومات الاخرى

كيف تتعامل مع وفودها لان كل وفد له وجهة نظر تناقض الاخر سياسيا وعسكريا . دولة لاتعرف موقفها الرسمي مما يدور في البحرين او اليمن او ليبيا او سوريا او الرمادي والموصل او فرنسا. دولة للمرة الاولى يتم التعاقد فيها على مشاريع اعمار وتنمية لاتسلم في موعدها أولاتسلم نهائيا دون حساب او عقاب . مدارسها متخلفة شوارعها مهترئة مجاريها معدومة . تتحمس حكوماتها لطلب الموازنة ولاتعيد لنا فواتير صرفها. عدم تاشير الصح والخطأ وعدم الفرز القانوني بين المتهم والبريء جعل كلّ من عليها مدان . وجعل لغة اعدائها ولغة اصدقائها تتشابهان . ذاك ينتقد وينتقم وهذا ينتقد ويتألم ، ذلك يبشر ببداية مشروع القضاء على الدولة ، وهذا يحذر من نهاية التجربة الديمقراطية في الدولة على يد الفاسدين والفاشلين والمترددين في الاصلاح واحياء مايمكن احياؤه من الانهيار. في اتون هذه البانوراما الفوضوية المتداعية جاءت المبالغات والتهكم والنيل من اهداف ومجريات زيارة الدكتور معصوم الى باريس . في غياب اعلام رسمي يقظ يفترض به متابعة اخبار رئيس الدولة واحتواء اخطائها مهما كانت وجهة نظر مسؤوليه في حزب الرئيس او قوميته او ملاحظاته على وجوده . فهذه المناصب هي رمزية للناس والشعب ليست بشخوصها وانما بوجودها .واخفاء اي معلومات عنها وعن تحركاتها ومواقفها يتيح فرص التكهن والطعن والحط من قيمة الدولة في الخارج . وهو وضعٌ يعترضُ عليه العراقيون جميعا رغم ماتحملوه من اخطاء السلطة والسياسة فيها . يعترض الشعب

وهو تعبان ومباع ومسروق ومهدد ومهمل على اي تهاون ،ويثور بحماس على اي ملمح او اجراء ومن اي طرف كان يشير الى ان العراق ليس محترما .