23 ديسمبر، 2024 12:44 ص

فتحت باب الزنزانة بشدة، تقدم نحوه الحرس واخذوا يجرجروه بشدة إلى خارج السجن ،حيث كان يقف الطاغية , كانت الضربات تنهال عليه من كل جانب ، فتجددت جراح انفه وفمه ونزفت الدماء ، أوقفوه أمام الطاغية، رفع عبد الله رأسه ونظر إلى الطاغية الذي كان يبتسم بخبث وقال : وماذا بعد إلى أي هاوية تسيرون ، فأجابه الطاغية : تعال وانظر إلى من ضحيت من اجلهم وأردت أن تكون بطلا ، احضروه إلى الشرفة ، صاح بعصبية ومشى باتجاه الشرفة واطل منها , كان عبد الله متعبا مجهدا من شدة الألم فجثا على ركبتيه رفع رأسه إلى الطاغية ، الذي كان يلوح بيده إلى الجماهير التي تهتف بشدة لذلك الظالم وبدا يحدثهم عن الخونة والخارجين على القانون ، ثم طرح سؤالا : ما عقوبة من أراد بالبلاد شرا . فصاح الناس : الموت الموت .
عندها طلب من جلاوزته أن يرفعوه ويوقفوه ففعلوا فاخذ ينظر إلى الناس كأنهم الأمواج المتلاطمة , وهنا صاح الطاغية : ما حكم أبناء بلدي على هذا المجرم . فتعالت الأصوات : أعدموه … اقتلوه . فاخذ عبد الله يبتسم وهو ينظر إلى البعيد , فقال له الطاغية: لماذا تبتسم ألا تسمع أنهم يطالبون بإعدامك .
أجاب : إني أتذكر سيدي مسلم بن عقيل عليه السلام عندما أرسله الإمام الحسين عليه السلام ليأخذ البيعة من أهل الكوفة ، وتم له ما اراد لكن سيف ابن زياد ودنانيره غيرت ما اراد ومضت به المقادير إلى فوز عظيم في جنان الخلد وأنا ارجوا الله متوسلا أن تكون نهايتي كنهاية مسلم ونهايتك كنهاية ابن زياد .
غضب الطاغية ،وأمر جلاوزته بأخذ عبد الله وشنقه أمام أعين من جاء يناضل من اجلهم ,بسرعة نصبوا المشنقة , ضعوا الحبل حول رقبته وسحب الكرسي من تحته فتعلق في الهواء ومضت روحه إلى بارئها أما جسده فبقي معلقا يتأرجح .
هدأ الجميع وعم عليهم صمت مطبق كانوا ينظرون إليه معلقا ومرت دقائق كأنها سنوات ، الجميع صامت لايدرون ماذا يفعلون ولم ينطق احد منهم , بحرف واحد حتى اخترق صمتهم صبي صغير تقدم إلى المنصة وصعد ووقف أمام عبد الله وقال : عمي عبد الله , أين الملابس الجديدة التي وعدتني بها الم تقل إن الفقر سينتهي من هذه البلاد , الم تقل لي إني ساحيا حياة سعيدة , واذهب إلى المدرسة وأتعلم ولا أبقى جاهلا كابي وجدي , عمي عبد الله الم تقل لي بان أمي لن تموت في مرضها, لان الدواء سيوزع على الجميع , لماذا أنت صامت لاتجيب .
كان الجميع يستمع لهذا الصبي وهو ينقل ما بداخلهم جميعا وبدأت الدموع تنهمر من العيون وهم يستمعون للصبي وهو يقول محاولا رفع عبد الله : اعذرني عمي عبد الله انك ثقيل ، لا استطيع رفعك لعل أبي يساعدك لو كان حيا لكنهم علقوه هنا قبلك ومن بعده أعمامي جميعهم فمن يساعدني على إنزالك .
عندها أحس الجميع بعظمة الذنب الذي ارتكبوه ، فصعد احدهم على المنصة وصاح : لن ينزل عبد الله حتى يهدم عرش هذا الطاغية , اندفعت الجماهير نحو قصر الطاغية الذي تبين انه أهون من بيت عنكبوت وانهار الجلاوزة أمام الثائرين , أما الطاغية فلم يتمكن حتى من التوسل لان صرخاته ضاعت وسط صياح الغاضبين وتمزق إربا إربا وهكذا كان . استشهد عبد الله كمسلم وصعد الى الجنان وقتل الطاغية كابن زياد وسحب إلى جهنم وبئس المصير ولتشرق الشمس التي رسمها عبد الله بدمه .