22 ديسمبر، 2024 1:31 م

ثمانية عشر عاما ومعاناة العراقيين لا تنتهي

ثمانية عشر عاما ومعاناة العراقيين لا تنتهي

انها معاناة مضافة الى معاناة اكثر من ثلاثة عقود من القهر والظلم والاضطهاد والحروب العبثية والحصار الجائر ولاينبغي لاحد ان ينسى “انسانية” الامريكان التي انعكست في تصريح مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية في حينها بان موت اكثر من نصف مليون طفل عراقي بسبب الحصار هو ثمن يستحق ان ندفعه ، لتضاف لذلك في مرحلة لاحقة بعد غزو 2003 الجرائم البشعة على يد القوات الامريكية في سجن ابو غريب وهي جرائم لا ينبغي ان تغيب عن بالنا مهما تقادم الزمان وتكاثرت مآسينا .
ان ذكرى احتلال العراق في عام 2003 ذكرى اليمة ومحزنة حيث نشبت الحرب بحجج وذرائع كاذبة عن امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل تلك الاسلحة التي دمرتها لجان تفتيش الامم المتحدة بداية التسعينات ، الا انها كانت حربا من اجل الهيمنة على منابع النفط وتدمير اية قدرة قتالية للجيش العراقي خدمة لاسرائيل كما ان الحرب ارتبطت بتدمير العراق كدولة وتحطيم مؤسساته ليصبح لقمة سائغة للصوص ومرتعا خصبا للنهب والسلب من قبل الجماعات التي دخلت مع الغزاة من الاسلاموين وغيرهم مدعين وواعدين يشتى الوعود الوهمية الكاذبة حول عهد “ديمقراطي جديد”
لقد تدهور حال العراق طيلة هذه السنوات من سيء الى اسوأ وبالرغم من تدخل دول الجوار ومرتزقتها والحكومات المتعاقبة وهم جميعا يقدمون مصلحة تلك الدول على مصلحة العراق الا ان المسئولية الاساساسية هي مسئولية الغزو الامريكي وها نحن نتابع الجولة الثالثة مما يسمى “الحوارالستراتجي الامريكي العراقي” والتصريحات الاعلامية الفارغة بشانها والتي لا تتضمن اي تعهد ملموس من الجانب الامريكي بالقيام باية مشاريع في اي قطاع من الصناعة او التعليم او الصحة او البنى التحتية لان الجانب العراقي الحكومي المفاوض عاجز وخنوع وبعيد عن تمثيل مصلحة العراق والعراقيين .
كان العام الماضي عاما صعبا ليس فقط بسبب جائحة الكورونا بل ايضا لتدهور الوضع الاقتصادي للبد بسبب انخفاض اسعار النفط والنهب والرواتب الخيالية التي تمنحها الطغمة الحاكمة لنفسها اضافة الى تخفيض سعرالدينار مقابل الدولار مما ادى الى غلاء فاحش خاضة بغياب اية رقابة على الاسعار مما اثقل كاهل الطبقات الفيرة واصبح عاجزة عن توفير قوت عوائلها اليومي اضافة لعجزهم عن توفير تكاليف العلاج الباهضة بغياب الخدمات الصحية الحكومية او ردائتها اضافة الى العجز عن توفير تكاليف تعليم اولادهم .
ان الحكومة الحالية هي وليد نفس نظام المحاصصة والطائفية البغيض مهما جرت من محاولات تسويقها كحكومة مختلفة اذ بعد المعاناة المريرة من الحكومات الاسلاموية الفاشلة السابقة وبسيب انتفاضة شباب اكتوبر 2019 الباسلة لجأت عصابات المافيا الحاكمة الى المجيء بشخص مختلف ظاهريا ويحاول خداع الناس بالاكاذيب والوعود دون ان يحيد عن نهج تنفيذ اوامر نفس الزمر المتنفذة التي تسيطر على البرلمان المزيف البعيد عن تمثيل ارادة الشعب العراقي وهناك عشرات الامثلة على الوعود الكاذبة المعسولة للحكومة الحالية حيث لم تقدم مجرما واحدا من القتلة المسئولين عن اغتيال اكثر من سبعمائة شهيد في الانتفاضة وجرح وتعويق اكثر من ثلاثين الف من الشباب اضافة الى العشرات من المختطفين المغيبين بدأ من جلال الشحماني قبل سنين ومازن عبد اللطيف وتوفيق التميمي وسجاد العراقي الذي اغيل والده مؤخرا كما انها حومة ضعيفة وهزيلة وفشلت على كافة الاصعدة وزادت من خيبة واحباط العراقيين ، ويبدو ان من اولويات الكاظمي تسويق نفسه للمشاركة في الانتخابات القادمة عبر حزب شكله عكس الوعود التي اطلقها عند تكليفه بتشكيل الحكومة الموقتة كونه ليس لديه طموح سياسي ؟!
تحاول الحكومة الحالية بشتى الوسائل اضعاف زخم الانتفاضة والتي تتصاعد في فترات متفاوتة وخاضة علي ايدي شباب البنصرية البواسل وكذلك فب العديد من المحافظات الاخرى كالبصرة وبابل والديوانية والنجف ، ومن اساليب السلطة شراء بعض العناصر النشيطة بالامتيازات والمناصب ولكن هذه العناصر انكشفت وانعدم تاثيرها ، الا أن المهمة الانية لشباب الانتفاضة الذين قدموا التضحيات ان تقوم بتنظيم صفوفها في حركة او جبهة او تيار سياسيي بعبر عن مطالبهم التي هي مطالب الشعب العراقي وصياغتها ببرنامج واضح سواء قرروا المشاركة بالانتخابات او مقاطعتها خاصة لاتبدو لحد اية بوادر حقيقية لحصر السلاح بيد الدولولة او الحد من نفوذ المليشيات المنفلتة او توفير شروط ومستلزمات انتخابات حرة نزيهة ، كما لا ينبغي تصديق الوعود الكاذبة للاحزاب المتنفذة الحاكمة التي تمتلك المال والسلطة والسلاح .
نشرت الصحف الفرنسية مؤخرا خبر تقّديم عائلات خمسة عراقيين بشكوى قضائية في باريس ضد رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي تتّهمه فيها بـ”جرائم ضد الإنسانية وتعذيب وإخفاء قسري” خلال قمع تظاهرات “ثورة أكتوبر”، وفق ما أعلنته محامية تمثلهم أن عائلات هؤلاء العراقيين الخمسة (أحدهم تعرّض لإصابة حرجة والثاني مخفي قسرا والثلاثة الباقون قضوا) “تعوّل على المحاكم الفرنسية، بدءا بالاعتراف بصفتهم ضحايا.
وأوضحت المحامية أنه “على الرغم من أن الدستور العراقي يكفل حرية التعبير والتجمّع، قمعت هذه التظاهرات منذ البداية بوحشية هائلة، ثم أصبح الأمر مكررا وممنهجا: إطلاق الرصاص الحي، انتشار القناصة، استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع و+تحطيم الجماجم+ من مسافة قريبة كما ان لائحة الاتهام المقدمة بلغت ثمانين صفحة توثق وتكشف تورط رئيس الوزراء السابق واجهزته الامنية ومسئوليتهم عن تلك الجرائم .
ان من المؤمل ان تبدأ المحاكمة في شهر سبتمبر القادم كما يحتمل ان يتم منع عادل عبد المهدي من مغادرة فرنسا ان كان يتواجد حاليا فيها ومن المؤمل ان تكون المحاكمة مناسبة لفضح جرائم النظام وانتهاكاته لحقوق الانسان ولغرض استفادة اوسع من هذه المحاكمة فان نقابة المحامين العراقيين ومنظمات المجتمع المدني المخلصة للعراق مطالبة بتبني قضايا المئات من عوائل الشهداء وتقديمها للقضاء الفرنسي .
يمر العراق بمرحلة عصيبة حيث تعاني الاصوات الحرة داخل الوطن من الاغتيال والاختطاف والتهديد والملاحقة لاسكاتها عن قول كلمة الحق مما يضع مسئولية كبيرة على الاصوات الحرة العراقية الوطنية خارج العراق في ان توحد صفوفها وتيذل جهودا اضافية في شرح معاناة ابناء الوطن للرأي العام العالمي والمطالبة بتحقيق ضمانات حقيقية لاجراء انتخابات نزيهة شفافة باشراف دولي من قبل المنظمات العالمية المستقلة .