23 ديسمبر، 2024 10:37 ص

ثلاث وزارات ستحدد مستبقبل العراق

ثلاث وزارات ستحدد مستبقبل العراق

لدولة ظروفا استثنائية فمن الضروري مواجهتها بطرقا استثنائية غير تقليدية و الابتعاد عن الطرق التي استخدمت و ثبت فشلها و ان يتم استغلال العوامل الايجابية من اجل احتواء الازمة التي تحيط بهذه الدولة و التي تهدد وجودها و هذه القاعدة لا يختلف عليها احد خصوصا اذا كان على دراية و معرفة بالظروف السياسية او العسكرية او غيرها و مدى تأثيرها على مستقبل الدولة و امتلاكه الحس الوطني فهو و بتوافر العناصر المذكورة سيكون حريصا على توجيه النقد البناء دون ان يكترث لنداءات طائفية او قومية هدفها المصالح الفئوية ، و لا يخفى على احد ان العراق يمر هذه الايام بظروفاً شكلت منعطفا خطيرا يهدد الجميع على اختلاف الانتماءات الدينية او القومية ، و في الوقت نفسه تتصاعد صيحات التغيير بعد اكتمال التشكيلة الحكومية بتعيين وزيري الدفاع و الداخلية ، و لكن اكتمال الحكومة او التغيير الذي يطالب به الجميع لا يمكن اعتباره حلا ما لم يكن له اثرا على ارض الواقع و على الرغم من ان العمل الوطني هو واجب الجميع في هذه الظروف لكن الوضع يختلف بالنسبة لثلاث وزارات يجب ان يكون لها دورا يفوق الدور الذي يجب ان تلعبه وزارات اخرى.

وزارة الخارجية :_
من الخطأ اعتبار الازمة الحالية هي ازمة عسكرية بحته و ان كان للمؤسسة العسكرية دورا في ما حدث إلا انها لا تتحمل المسؤولية كاملة بل ان التقصير طال الكثير من الوزارات الحساسة التي فلشت الى حدا ما في اداء مهامها اما بسبب الاهمال او التعمد خدمة لمصالح اخرى لا علاقة لها بمصلحة العراق و هنا تأتي مسؤولية واحدة و من اكثر الوزارات حساسية و خطورة و لها الاثر الكبير في تغيير النظرة الدولية التي الصقت بالعراق بعد اكثر من عشرة اعوام من الحرب التي غيرت الكثير و من المؤكد ان المقصود هو العمل الذي يجب ان تؤديه وزارة الخارجية العراقية و التي تواجه امتحانا في غاية الصعوبة و هو كيفية استغلال التعاطف الدولي مع قضية العراق بصورة تخدم المصالح العراقية قبل غيرها و من الطبيعي ان يكون الوزير على دراية شاملة بالقوانين و الاتفاقات الدولية التي ابرمها العراق من اجل محاربة الارهاب بكافة اشكاله و صوره و الزام جميع الاطراف مساعدة العراق كشركاء في محاربة الارهاب و ليس كما تم الاعلان عنه واظهار العراق بصورة ضعيفة و مهينه و كذلك فمن واجب هذه الوزارة بناء علاقات دولية اقليمية رصينة اساسها المصلحة المشتركة و ان تمنع التدخل في الشؤون العراقية الداخلية بحجة محاربة الارهاب الامر الذي سيؤدي الى فقدان السيطرة على زمام الامور و حينها سيكون العراق تابعا لهذه الدولة او تلك و الاخذ بنظر الاعتبار ان العراق ليس مسرحا لحروب دولية غايتها اثبات الهيمنة على المنطقة او العراق بأعتباره مركزا استراتيجيا لكثير من القضايا الدولية ابرزها القضية السورية بل على العكس يجب ان يستثمر الموقع الاستراتيجي للعراق لاعادته الى موقعه و مكانته الدولية الطبيعية.

وزارة الدفاع :_
ان الاحداث الاخيرة التي ادت الى سقوط العديد من المحافظات العراقية تحت هيمنة الجماعات الارهابية اثار العديد من التساؤلات ابرزها اسباب الانهيار العسكري المفاجئ على الرغم من الميزانية الضخمة التي كانت ترصد لوزارة الدفاع على مدى الاعوام الماضية و التي كانت كافيه حسب اعتقادي لاعداد جيش منظم و قادر على تحمل مسؤولية حماية الحدود العراقية من الهجمات الارهابية و على هذا الاساس و بعد تسمية وزير الدفاع العراقي الجديد يجب ان تشهد هذه الوزارة اعادة هيكله شامله و ان تقوم بأعداد نواة لجيش حقيقي بعيدا عن التجاذبات السياسية و التعصب الطائفي او القومي فالجماعات الارهابية لا تعرف التمييز بين الطوائف و ما حدث خير شاهد اذ لم تسلم المكونات العراقية جميعا من بطش هذه الجماعات الامر الذي يجب ان يكون دافعا للعمل بصوره جاده من اجل جيش يحمي العراق و شعبه من أي تهديد خارجي هذا من جانب و من جانب اخر يجب ابعاد الجيش عن المدن اذ ان وظيفة الجيش كما هو معروف هي تأمين حدود الدولة لا العمل على تنظيم المرور او حماية المسؤولين و ابنائهم و حسب اعتقادي ان احد اسباب الانهيار الذي حدث هو عدم تدريب الجيش للقيام بمسؤولياته الاساسية و انشغاله بوظائف كان من الواجب ان تؤديها مؤسسات امنية اخرى و خير شاهد على ذلك هو ان البعض لم يعد يميز ما بين قوات الجيش و افراد الشرطة و ذلك تواجد افراد المؤسستين في ذات الاماكن و في ذات الوقت و كذلك الابتعاد عن نظام الحصص الطائفي القومي المقيت المعتمد منذ سنوات لاختيار الجنود و القادة و اعتماد الكفائة و انزاهة و المعايير الوطنية الاخرى في اختيار القادة و الجنود.

وزارة الداخلية :_
تضم وزارة الداخلية الكثير من التشكيلات التي تتحمل واجبا وطنيا و اخلاقيا بعيدا عن كل الشبهات و التاثيرات السياسية التي كانت سببا في دمار مؤوسسات الدولة و الواجب الذي يجب ان تتحمله هذه الوزارة هو اعادة هيبة الدولة و عدم السماح للجماعات او الاحزاب ايا كان انتمائها العبث بأمن المجتمع العراقي و كذلك حصر السلاح بيد المؤسسة الامنية و عدم السماح لاي صوت يدعو الى التخندق الطائفي او القومي خصوصا في هذا الظرف الصعب الذي يمر به العراق دون النظر الى تبعات اسكات الاصوات النشاز التي لا يمكن بأي حال من الاحوال اعتبارها اصواتا وطنية فالواجب الوطني يدعو الى الحكمة و العقل في حل المشكلات السياسية او الاجتماعية او الدينية.

على الرغم من صعوبة الوضع في العراق و صعوبة المسؤولية التي تتحملها الوزارات الثلاث اعلاه و لكن هذا لايعني ان الوزارات الاخرى لا تتحمل مسؤولية كبيرة بل العكس اذ يجب ان تعمل الحكومة بصورة منتظمة و ان يكمل بعضها البعض من اجل اعادة الامن و الاستقرار الى العراق و شعبه الذي تعددت اوصافه فهو تارة نازح و اخرى مهجر و انهاء حالة الحزن و الخوف التي سيطرت على غالبية المجتمع العراقي و هو امراً سببه حالة الانقسام السياسي الذي بلغ حدا لا يطاق و الى جانب ذلك تتحمل السلطتين التشريعية و القضائية قدرا كبيرا من المسؤولية اذ تتحمل السلطة التشريعية مسؤولية اقرار التشريعات اللازمة و مراقبة عمل الحكومة و محاسبتها متى ما اخفقت في اداء مهامها و كذلك السلطة القضائية التي يجب ان تكون في غاية الحرص على عدم خرق القوانين و محاسبة المسؤولين قضائيا دون ان يكون عليها رقيب او حسيب سوى القانون.