بتاريخ 24 آيار 2015 قال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في مقابلة مع CNN “إن القوات العراقية تفتقد إلى الإرادة في مقاتلة مسلحي تنظيم الدولة في الرمادي”.
بعدها بيوم واحد بالضبط. بثّ “داعش” صورا لجندي عراقي “بملابسه العسكرية التي بدت نظيفة” وهم يطوفون به في أحياء الفلوجة، ومن ثم شنقه وتعليقه على أحد جسور المدينة.
لكن هل كانت هذه الصور، وهذا التوقيت “ضربة عشوائية”! لنرى ما الذي فعله “إعلام داعش”.
التوقيت الذي اختاره تنظيم الدولة؛ في بث هذه الصور “بعد تصريحات وزير الدفاع الاميركي”، أكّد لوسائل الإعلام “بصورة عامة” بأن داعش تستطيع أن تأسر أو تقتل أفرادا من “الجيش العراقي” بدون صعوبة أو مقاومة. حتى أن هذه القناعة تعدت كارتر “بعد بث الصور”، ووصلت إلى البرلمان النيوزلندي الذي وجه لرئيس وزرائه سؤالا مفاده “إذا كان العراق بحاجة لتدريب قوات عسكرية قوية لمحاربة داعش، فهل أنت مدرك بعدم إمكانية تدريب مجموعة من الجبناء وتجهيزهم للقتال؟”.. هذه التصريحات تكررت بصيغة مشابهة مع وزير الدفاع الكندي، والجنرال تيم كروس القائد السابق للجيش البريطاني بحسب BBC أيضا.
هنا. نجح تنظيم الدولة في توجيه رسائل نجحت “دوليا”، في إعطاء انطباع عام بأن “الجيش العراقي” ضعيف ومهزوز فعلا، ولم يكلفهم ترسيخ هذه الفكرة سوى نشر “ثلاث صور” للجندي الشهيد.
أما من الناحية المحلية، فداعش تعرف أن قضية الجندي مصطفى، سوف تثير هوس “السبق الصحفي” الذي من خلاله سيتم الكشف عن طريقة أسره. الإعلام العراقي يتجه لعائلة الشهيد، وينشر قصته “جندي اصيب بجروح، خلال رمي كثيف ومواجهة صعبة، زملائه تركوه وانسحبوا ولم يُخلوه.. يومان وهو مختبئ في أحد البيوت لوحده.. اتصالات مع قائد الفرقة ووزير الدفاع لم تثمر عن شي أو بالأصح لم تُواجه إلا بوعود بالاخلاء لم تُنفذ.. المواطنين يسبّون الحكومة وقادة وزارة الدفاع غضبا منهم”.. هل هناك أسوأ من سيناريو كهذا لأي جندي؟! كيف سيثق المقاتل بعد هذا الكلام بقادته؟! ألم يكن هذا “السبق” هو تدمير وإضعاف لنفسية الجنود والمواطنين معا؟!
هنا. كان نجاحا آخر لإعلام داعش، لكن هذه المرة بأدوات الإعلام العراقي.
في المقابل، لم يتحرك إعلام الحكومة العراقية أو وزارة الدفاع، ويقدم صورة تدحض هذه الأخبار، بل تركت للمواطنين إدارة الإعلام “المضاد لداعش” على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالطبع فإن جموع المواطنين لا تتحرك غالبا إلا بالعاطفة، ولم تنجح إلا بوضع أجنحة للشهيد ورفع صوره فوق المآذن؛ بل والأسوا أنهم رسموا له يدا تشير بعلامة النصر وهو مشنوق!
“داعش” الذي تشير تقارير كثيرة أن أغلب مسلحيه من ضباط النظام السابق، لا أشك أن فيهم ضباطا من “التوجيه السياسي” اجادوا اقتناص اللحظة الخبرية، أكثر مما أجاده الإعلام العراقي الذي لم يتعلم حتى الآن كيف يدير الحرب الإعلامية.