(قد تضعلك المعرفة في صفوف الحكماء، والعمل في صفوف الناجحين، والتفاهم في صفوف السعداء، لكن في وقت ما بعض الأشخاص يغادرونك، ليس لأنه نهاية لحياتكن بل لأن هذا هو نهاية الجزء المتعلق بهم، فهناك كثير من البشر، لا تصنعهم الأمواج الهادئة ولا السماء الصافية، فهما لا ينتجان بحارة جيدين أو طيارين ماهرين، والحياة بدون صعوبات لا تصنع الأبطال، وأغلب النجاحات العالمية، تاتي من أشخاص تعرضوا لظروف قاهرة، لينفردوا بنتائج باهرة)، وهنا يكمن معنى الحكمة والدراية.
يجب ترسيخ مفهوم الوطنية كشعور، والمواطنة كسلوك في العراق، لإعادة الإنصهار بين أبناء شعبنا داخل الوطن الواحد، وبإختلاف قومياتهم، وأديانهم، ومذاهبهم، لنضمن لهم عيشاً كريماً ومستقبلاً واعداً، وبما أنكَ أيها الحكيم قد أعلنتَ عن تيار الحكمة الوطني، فهناك ثلاثة يجب ألا تنساهم في كيانك الجديد، وهم:(العشائر، والمرأة، والشباب)،فهما مثلث خطير يحصن الوطن، ويبني المجتمع، وتستمر بهم المسيرة والمشروع على حد سواء، وما أن تختلط هذه الوصفة الوطنية فيما بينها وبين قائدها، إلا وإنتصرت الحكمة وبإمتياز.
العشائر ركيزة أساسية في الحفاظ على النسيج المجتمعي العراقي، والحفاظ على الهوية الوطنية، ولها دور كبير في بناء الوطن، وتقديم يد العون للدولة والحكومة بعملية الإصلاح السياسي، والإقتصادي، والمجتمعي، بعيداً عن المتاجرات والمزايدات، وجميعنا يعلم أن العشائر هي المعين الذي لا ينضب، ويهب للوطن الغالي والنفيس دفاعاً عنه، ووحدة هذه العشائر وتماسكها، يعني العمل في المساحة الأشمل، لأن الوعاء الأكبر للإنصهار هو الوطن، فلا إستقرار إلا بالتعايش السلمي بين مكونات الشعب، بغض النظر عن عشيرته.
إن الإيمان بالمرأة العراقية، ورعايتها، وتأهليها، وتمكينها، لهو حكمة عميقة ودليل أعمق، على أهمية هذا الكائن المعطاء في بناء النسيج المجتمعي، فقد دفعت بالزوج والإبن، والأب والأخ، لخوض معارك التحرير دفاعاً عن الأرض والعرض، والمرأة التي ترتفع بثقافتها لهذا المستوى، فإننا نجد من الصعب هزيمة شخصيتها، فلم يهزمها الجرح العراقي الأليم من داخلها، والذي حلَّ بسبب الإرهاب والحروب، فنراها تقف شامخة كنخيل العراق، فكيف ستقود شعباً ليس للمرأة فيه مكان ودور؟ولن تكتمل الصورة إلا بها.
الشباب عنوان الحاضر وإشراقة المستقبل، يمتلك الطاقة، والكفاءة، والحماس، وينطلق ببرامج الإرتقاء بالوطن، ويستبدل تماثيل الطغاة بصروح الكادحين والمجاهدين، فيعملون بإصرار على تغيير مستقبل شعوبهم، فالشباب يقف، ويواجه، ويتحدى، أفلا نقرأ في القرآن الكريم أن مرحلة الشباب، هي للتألق والنقاء، ومواجهة التحديات، والتصدي للمواقع الحساسة، ألم يكن أسامة بن زيد، الذي قاد جيش المسلمين ضد الروم شاباً في مقتبل العمر؟ألم يكن الطاقم الحكومي ليوسف الصديق من الشباب، في قوله تعالى:”وقال لفتيانه إجعلوا بضاعتهم في رحالهم”.
أيها الحكيم من الحكمة أن نقول: في تيار الحكمة الوطني، نجد ثلاثة مثلثات كبيرة: (تيار وحكمة ووطن)، مؤكداً فيه على ثلاث مرتكزات أساسية لبناء الدولة وهي: (العشائر والمرأة والشباب)، ونذكرك بأن مسيرة العشق العراقي الأصيل لم ولن تنتهي، فرجال الجهاد، والأهوار، والمعارضة لن ننساهم، فقد تشاركنا معهم الألم، والفرح، والدموع، كما نؤكد للجميع بأن هناك ثلاثة لا يمكن نسيانهم، وهم: (مَنْ ساعدكَ في محنتكَ، ومَنْ تخلى عنك في وقت محنتكَ، ومَنْ وضعكَ في تلك المحنة).