كيف ندرك الزمن ، متى نلحق بالركب ، متى نستخدم التجارب التي مر بها تاريخنا الماضي والحاضر ، كيف نزيح عنا الظلام ، هل نبق كالحجر دون حراك تنفيذا لرغبة فئة محسوبة على شعبنا !! حرام علينا إن نخطو خطوة واحدة نحو الإمام حرام علينا مواكبة شعوب العالم التي تعيش عصر ارتياد الفضاء وعصر التكنولوجيا والتطور العلمي الذي لا مستحيل يقف إمامه ، إلى متى يبق شعبنا يخوض في الوحل ، إلى متى تنهش بنا التجزئة الدخيلة علينا ، إلى متى نتقاتل بيننا كما أراد لنا الأعداء ، وهكذا تمر الأيام والسنيين ولا علم ولا تعليم بل السعي المجنون نحو التخلف ، وتجويع الشعب وتشريده لينشغل بلقمة عيشه ، الفقر والجوع يلاحقه ، والموت يتصدى له ، لا سكن للملايين ، ولا بيت ولا دار ولا أمان للعالم والمتعلم ، لم لا تسمح هذه الفئة للنور إن يخترق الظلام الجاثم على أرضنا التي شهدت حضارات وديانات ومذاهب مختلفة ورجال وأحزاب وقاده ومكونات منها الصالح ومنها الطالح ، الشئ المؤلم إن كل تراثنا الغني بالتجارب والعبر لن يزيح من عقول هؤلاء التعفن والتخلف الذي عشش فيها. حتى سبقنا العالم بخطوات كبيرة لا يمكن تجاوزها لأننا نخطو للوراء والعالم يخطو للإمام ، وعسير علينا اللحاق بالركب .
. متى يدرك هؤلاء إن بلدهم شهد أعظم حضارات العالم :-الحضارة السومرية والحضارة البابلية التي علمت العالم الكتابة لأول مرة ، وأنشأت قانون موحد سنه الملك حامورابي لجميع الشعوب ، ولهم الفضل في اكتشافات عديدة بعلم الفلك كما هو مدون في الرقم الطينية ، وفي زمانهم تم اختراع العربة وتطوير الزراعة والري والتعليم .و الميزة الأساسية للحضارة السومرية هي تطويرها لحضارة متقدمة في بيئة طبيعية كانت بحاجة إلى جهد إنساني كبير من اجل استثمارها لخدمت البشرية . نعم خدمة البشرية ( لم نحن نمسك بأذيال الآخرين ، وهذه حضارتنا ؟!).
وفي سنة 539 قبل الميلاد قام قورش الفارسي بالاستيلاء على البلاد وقتل أخر ملوكها ( بلشاصر) وهكذا جثم الاحتلال الفارسي على صدور العراقيين ، وهذه فترة مأساوية تبعتها أيضا فترات أخرى أهمها فترة الدولة الأموية والحجاج الذي سفك دماء كثيرة ، وكذلك فترة استشهاد الحسين نتيجة تخاذل ألفيئه الانتهازيين ، وبعضا من فترات الدولة العباسية ، إذ لم تسلم بغداد من الفتن التي أوقعت الخلاف بين الأخ وأخيه وأشعلت النيران بينهما حتى احترقت اكبر دولة في الإسلام وتشتت مفاصلها وانهارت على أيدي المغول. وهناك أيضا بعض من فترات الحكم العثماني حيث كان شعبنا حطب النزاع بين الترك و بين الفرس الذي ادخل العراق في مطيات هو في غني عنها ، ساعدت على احتلاله من قبل جيوش الاستعمار البريطاني الذي لاق مقاومة عنيفة من أحرار العراق . (وهذه فترات من تاريخنا كانت مأساوية وصعبة جدا) لا زالت أثارها باقية .
وبعد انهيار الدولة العثمانية ، واحتلال العراق من قبل بريطانيا ،جاء الحكم الملكي وأصبح العراق دولة مستقلة يحكمها ملك .. وفيها قانون ، لكنها تدين للغرب الانكليزي .. ولم تسلم العائلة الملكية الهاشمية من الأذى رغم كونها عائلة مسالمة ، فقتلت العائلة وملكها الشاب الذي لأذنب له فيصل الثاني رحمه الله من قبل احد الانتهازيين غير مكلف ..
ولغرض التخلص من هيمنة الانكليز على العراق واستعماره قامت ثورة 14 تموز عام 1958 بزعامة عبد الكريم قاسم التي أنهت حكم الاستعمار البريطاني وألغت تبعاته ، وفي السنة الاولى اشتد النزاع بين الشيوعيين والبعث والقوميين الذي شمل البلاد بالتعصب الأعمى ودخول الإطراف المؤتلفة سابقا في نزاع دموي ، ساهمت الفئة المتخلفة الانتهازية والرجعية بتأجيجه . ودخلت البلاد بمطاحن دموية . أعاقت الكثير من المشاريع التي أعدت لخدمة الشعب ،وانهار النسيج الاجتماعي في دوامة النزاع الفئوي . وهكذا خسر العراق عينة شبابه ومفكريه وقتل قائد الثورة وصحبه .، وجاء البعث عام 1963بعمليه عسكرية لا تخلو من الدموية تبعها عبد السلام عارف بإبعاد البعثيين بقوة الجيش وبعد وفاته تولى رئاسة الجمهورية أخاه عبد الرحمان عارف أعقبها 8 – شباط باستلام حزب البعث السلطة للمرة الثانية وعين احمد حسن البكر رئيسا ( أعقبه صدام حسين ) بعد تنازل البكر (وهذه فترات حرجة جدا ودامية ولقرب زمنها وملابساتها نترك تقيمها للمواطنين لأنهم اعلم بها ولأهميتها، في مصير العراق ، (ولولا التطرف لكان الحال غير الذي نحن فيه )
النظام الحالي يشكو من النظام السابق ويذكر إن صدام استخدم كل أساليب العنف والقمع والقتل بدون رحمة ضد الإسلاميين وخاصة حزب الدعوة وشرد واعدم الكثير ودخل في حروب ليست من مصلحة العراق وانه أصبح يهدد السلم العالمي وعلى هذا الأساس قامت أمريكا والدول المتحالفة معها بضرب واحتلال العراق وإسقاط النظام . ثم عين المحتل الأمريكي ( برا يمر ) حاكما للعراق الذي ألغى الجيش والشرطة العراقية وفرض الطائفية من خلال تشكيلة مجلس الحكم ، وفرط بأموال العراق .
وتعاقبه حكومات – أخرها حكومة السيد نوري المالكي لدورتين فاشلة عم الفساد كل مرافق الدولة ، وأشد النزاع بين جميع المكونات وساد الإرهاب والعصابات والقتل والتهجير والخطف والتفجير ونال المدنيون ظلم وتعسف واعتقال دون تهمة أو سبب . وأصبح العراق على حافة الهاوية . بعد إن احتلت المجاميع المسلحة بالقوة مناطق من الرمادي والموصل وغيرها حاليا ، السؤال ألان : لما كان النظام الحالي يدير الحكم بعد التخلص من النظام السابق .. (إذن هل أصلح هؤلاء حال العراق ألان وهل يتمتع الشعب بالديمقراطية والأمان) ؟؟ الكل يقول لا أبدا وإنما انغمسوا بالتجاوز على القانون والدستور وساد الفساد الذي جاوز كل حدود الأنظمة السابقة على الإطلاق .. وهنا نذكر إن القوانين الدولية ومحكمة الجنايات الدولية أخضعت جميع هذه الجرائم وإعمال العنف ضد المدنيين لإحكامها .,
بعد هذا العرض البسيط للأزمنة والإحداث التي مر بها شعب العراق إيجابا وسلبا هل نستطيع التعرف من خلاله على سبب جهل هذه الفئة المعنية من شعبنا وتحمسها لإدامة التخلف ورفضها كل أساليب التطور الحضاري والديمقراطي الذي تنعم به البشرية حاليا ؟.
إذن من المسئول ( الشعب 1)أو (الحكومة 2) أو (الطبيعة الطائفية والعنصرية التي مر بها شعبنا في فترات معينة 3).. كلها سبب لما نعانيه من تخلف لا مثيل له في العالم اجمع . لقد أصبحنا أضحوكة . لان واقعنا الجماهيري, لم يبلغ الوعي المطلوب, وفشل في الاختيار نتيجة (التخلف الطائفي والانتهازية 1)، (وبتشجيع السلطة 2 )، (وبالغريزة ورد الفعل نتيجة فترات القهر والظلم3)
نحن شعب تحركنا العشوائية. تتحكم بنا العواطف الطائفية والقبلية شعب لا يحترم قواعد الحوار, والاختيار, والسعي نحو الأفضل ، شعب بسيط يخضع للأوهام ويساق العاطلين والبائسين والمحرومين نحو الإعلام والثقافة المنحرفة ويصطفوا مع مروجي نظرية التخلف مع الأسف .