على مدى اكثر من عقد من الزمن اخفقت واجهاتنا الدبلوماسية والثقافية في الخارج بالتفاعل مع محيطها واماكن تواجدها في هذا البلد او ذلك وفشلت في نقل وتسويق الرسالة العراقية لاستقطاب الاخرين والاحتفاء بالمنجز الثقافي العراقي من خلال التواصل مع المبدعين والمثقفين العراقيين وبما يليق بحضورهم الفاعل في المحافل والاوساط المختلفة ذلك لادامة الصلة على الاقل معهم ليدركوا ان ثمة في البلد من يتذكرهم فضلا عن عكس صورة ايجابية انه مازلت مساحة ثقافية نابضة وبارقة في المشهد والحراك المعرفي والابداعي العراقي وسط قتامة وسوداوية الحال الا ان ذلك لم يحدث للاسف الشديد بفعل تخلف وعدم دراية من تصدى لتلك المواقع من المسؤلية وقصورالنظرة الى فاعلية الفن والثقافة وتأثير شخوصها ورموزها في المجتمع ولربما لذلك السبب عمدت وزارة الثقافة اخيرا الى الغاء المراكز الثقافية في الخارج والتي كلفت الدولة مبالغ طائلة دون جدوى ونشاط يذكر فلم تكن في حقيقتها الا مراكز للعوائل ومنافع وامتيازات المناصب ولاشأن لها بغير ذلك 0
وازاء ذلك الحال البائس لم تجد منظمات ومؤسسات ثقافية عراقية خاصة مناصا الا بالتحرك الجاد والفعال وبامكاناتها المالية الذاتية البسيطة لاقامة فعاليات وانشطة وتنفيذ برامج حققت نجاحا ملحوظا ويكفي ان نشير الى بعضها وخصوصا في السويد والدنمارك التي نشطت ولفتت الانتباه بعمل جاد ومكثف خلال فترة لاتتعدى الشهر من متابعة انجازها الذي اشادت به شخصيات برلمانية وسياسية من تلك الدولتين حرصت على حضور ايام الاحتفال بالثقافة العراقية ومبدعيها في الخارج فقد احتفت مؤسسة ننارالتي يشرف عليها الزميلين حسن السوادني واسيل العامري في مدينة مالمو جنوب السويد باستضافة الفنان التشكيلي ستار كاووش والفنان المسرحي كريم رشيد والشاعر نصيف الناصري والفنان التشكيلي علي النجار والفنان جعفر حسن الى جانب اقامة انشطة سينمائية وموسيقية كما كان لمركز ومؤسسة النور الثقافية التي يشرف عليها الزميل احمد الصائغ بصمة واضحة في المشهد التفافي العراقي ومنها فعاليات مهمة ومنها تنظيم مهرجان وكرنفال شعري داعم للعراق ضد الارهاب وكذلك الحال ما اقدمت عليه شبكة الاعلام العراقي في الدنمارك التي يديرها الزميل رعد اليوسف بتفعيل الوسط الثقافي العراقي من خلال الورش والمنتديات الثقافية ولم تغب الجمعية الثقافية العراقية وهي اقدم جمعية اسست في السويد عن تسجيل حضورها بمد جسور الابداع بين المثقفين العراقيين والوطن وللتخفيف من وجع الغربة ذلك الى جانب ماتنهض به مؤسسات اعلامية وصحفية ومواقع ووكالات وصحف الكترونية في مواكبة الشأن الثقافي والابداعي العراقي بدأب ومسؤولية مهنية ووطنية فاعلة عجزت عنه مؤسسات حكومية التي لم تتعدى انشطتها غير اقامة مهرجانات دعائية فاشلة اتاحت مجال لانصاف مثقفين واشباه شعراء لارتقاء منصة الثقافة وارتداء لبوسها زيفا ولم تكن تلك المهرجانات البائسة الا بوابة للفساد وسرقة المال العام0
ولا نريد هنا ان نعيد مرة اخرى عقدة مثقفي الداخل والخارج التي سادت في تسعينيات القرن الماضي الا ان واقع الثقافة العراقية الان والقصدية بتهميش مريدها واغفال دورهم في بناء الدولة والمجتمع يجعل المقارنة جلية وواضحة عن ما بلغه الحال بثقافة الداخل وتالق ثقافة وانجازات ونتاجات واصدارات مثقفي الخارج الذين لاشك ان عيونهم ستبقى شاخصة على الوطن حالمين بعودة الرونق والجمال وازدهار الثقافة وتدفق الابداع والسلام في ربوعه وخلاصه من مخالب التخلف والارهاب