23 ديسمبر، 2024 5:12 م

ثقافات العالم المختلفة، تنتج اِسْتِخْرَاجات شتى للمعضلات، وتدفع الى أدوات عمل ومهارات تتنوّع بتعدّد الشعوب.

إنه أمر بديهي، لا يحتاج الى الكثير من التفكير، لنفهم لماذا تقدّمت شعوب وتقهقرت أخرى، وكيف اختزلت زمن صعودها، فيما أخرى غطّت في نوم عميق.

وليس الأمر يتعلق بالارتقاء والتقهقر، كمحصلة، بل في الكيفية التي تتناول فيها الثقافات، مواقف الحياة وتتفاعل معها، عبر سلوكيات

وأخلاقيات وأدبيات، تتأثّر بالبيئة والدين والعادات والتقليد، والمستوى الاقتصادي.

والمثال الذي يُساق في هذا الصدد، يجسّد المنهج الذي يتعامل به أفراد من ثقافات “مختلفة” تجاه “نفس” المعضلة، ويتعلق في الآلية التي “يعالج” بها الفرد من شعب معين “سقف بيته” تلافياً لنفاذ “ماء المطر” الى الداخل.

تقول التجربة الحياتية والرصد البحثي:

الهولندي والسويدي والألماني، “على سبيل المثال لا الحصر”: يقوم بأعمال الصيانة للسقف، وفق جدول دوري بحسب التقادم الزمني، فهو يبدله حتى لو لم ينفذ ماء المطر من خلاله، لان عمره الافتراضي انتهى بحكم التقادم.

الفرنسي: يفحص السقف بين فترة وأُخرى، حتى إذا استشعر اقتراب نهايته، أبدله بآخر جديد.

الإنكليزي والآيرلندي: لا يفعل شيئا، حتى اذا سمع خرير الماء وهو ينساب بين مفاصل السقف الى الداخل، شرع في استبداله..

فيما الأمريكي لا يبدله بآخر جديد، لكن يرتقه بالرِّقاعِ التي تحوُل دون نفاذ الماء.

وفِي دول شرق أوسطية، وشعوب أخرى تُصنّف باعتبارها عالما ثالثا، فان “الرتق” و”الترقيع” يستمر الى الأبد ولا ينتهي حتى ينتحر السقف من نفسه.

والفكرة في المثال، إن المداواة الصحيحة ترتبط بتطور الشعوب اقتصاديا واجتماعيا ومهاراتيا، فضلا عن الترف الاقتصادي ووفرة المال.

وكل ذلك لن ينتهي الا بانتهاء الحروب وتسريع النمو الاقتصادي، والقضاء على الفقر، والتعليم الذي يرتقي بالفرد الى المعالجة الواعية للازمات والمعضلات، عندئذ ينتهي الرتق وتختفي ” الرِّقاع” التي جسدها مثل عراقي شهير: “الركعة زغيره، والشك جبير”.

ولعلنا لن ننجح في التخلص من “السقف المُرقَّع”، حتى نصلح أدواتنا، ونهذّب ثقافتنا الاجتماعية بما يتيح لنا التعامل المناسب مع الأزمات.