بمناسبة انعقاد مؤتمر بغداد الدولي الاول لمكافحة الارهاب
قبل سنوات عدة ، أُجري استفتاء في احدى الدول الغربية عن الحضارة العربية، وقد قامت الجهة التي أجرت الاستفتاء (بلفلفة) نتائج ذلك الاستفتاء وتناسيه، بوصفه كارثة إعلامية لأنه يظهر مدى جهل الغربيين بالحضارة العربية وإطلاق الأحكام عليها، دون أي مسوغ ! ومن نتائج هذا الاستفتاء المريعة ، المفاجئة إن أغلبية من شارك بذلك الاستفتاء يرون ان العربي و المسلم : لئيم ، متعصب ، وقح ، كسول، جاهل.
وكيف يكون العكس ؟ إن مشاهدة الفضائيات مدة شهر كافية لتاكيد هذه الصفات وبلورة تلك الصورة ، فقناة فضائية تقدم فيلماً أو مسلسلا أبطاله (من الدول العربية) يهربّون المخدرات من أجل (الجهاد) ومنذ الدقيقة الأولى تقدم تلك القناة للرأي العام المسوغات التي تدفعه لمحاربة ( قضية الجهاد) وأصحابها والمشاركين فيها، وتقدم فضائية أخرى مسلسلاً أحد أبطاله (مسؤول عربي) يعادي (السامية) ولا يهمه المواطن البسيط في بلده العربي، وقناة ثالثة تقدم رواية عن دبلوماسي مسلم عيّنه والده (الرئيس .. او الأمير .. او الوزير ) وهذا الوالد هوبالاساس غارق في الفساد الاداري والمالي .. عيّن ابنه سفيراً في إحدى دول (الغرب) لكي يستعمل مقر السفارة محلاً له إذا لم يجد شقة ملائمة ، وهو طبعاً للمقاييس المعهودة ، يمضي وقته في المجون .. .. وترى نفس السفير .. يعذب شقيقته (المتحضرة) و ( المتمدنة) التي ترغب في التخلص من (القيود) ( كما يقول الدكتورعلي الوردي في وصفه للمجتمع العراقي وحتى العربي ) ) وفي الجانب الآخر ترى مسلسلا أحد أبطاله ( اسرائلي .. او غربي ) .. غالباً ما يكون شجاعاً، مثقفاً، متسامحاً.
أما الإعلام (الغربي) فلا يتردد أبداً في أن يلحق كلمة عربي بأي عملية إجرامية أو إرهابية بدون أي وازع أو أي نوع من التريث، غير مبال بأي رد فعل، واثقاً أنه لن يجد في الملايين العربية القاطنة في دول (الغرب) على الاقل من يواجهه أو ينتقده، وقد يكون طمس الحقيقة، كلما دار كلام حول العرب ، نتيجة جهل أو سوء نية. فالواقع أن معظم الصحفيين لا يعيرون اهمية لقضايا العرب والمسلمين ولا يحاولون التثبت منها والإمعان فيها بحيث إنك تسمع او تشاهد التلفاز أو تقرأ في الصحف والمجلات خلطاً عجيباً أو تفسيراً غريباً، ومزجاً لا يصدق وتبدو فيه وكأن الارهاب والازمة السياسية في العراق سببها الاختلاف .. السنة ..والشيعة .. أو العرب ..والكورد .. .. أو ان القضية االفلسطينية ( مثلا ) انها صراع اسلامي _ يهودي ، وإذا كانت الفضائيات والوسائل الاعلامية الاخرى المقروءة والمسموعة هي التي تضع صورتنا الإعلامية وتعطينا بعدنا الأسطوري في الرأي العام، فمن الطبيعي أن نسمع ما سمعناه ونشاهد ما شاهدناه. ونرى كشعب عراقي ان اقامة مؤتمر بغداد الاول الذي افتتح اليوم ..من 12 _13 اذار 2014 هو من اجل تغيير هذه الاوضاع والى تغيير مجرى الأحداث التي تؤثر في مصيرنا كعراقيين .. وعرب .. وحتى دول من اجل مكافحة الارهاب المتنامي في الكثير من بقاع العالم .. ومنها العراق .
كلنا يلمس الحاجة الى تغيير جذري في نظرتنا للثقافة عامة … وكيف نثقف المجتمع العربي عامة والعراقي خاصة .. ونحصن شعبنا من ثقافة الارهاب ..ان ثقافة المقاومة والجهاد في سبيل الوطن شيء .. وثقافة الارهاب شيء آخر وعلينا تدارك وعينا الحضاري وإعادة تقويمة وإن نعمل على أن تكون الثقافة عنصراً فاعلاً قادراً على المشاركة في خدمة قضايانا من خلال التأثير على القرار في بلداننا العربية و الغرب ومن خلال الحوار وتلاقح الثقافات والحضارات.