18 ديسمبر، 2024 5:51 م

ثقافة إهدار الوقت

ثقافة إهدار الوقت

قتل الوقت تشتيت الوقت هذه العبارات وغيرها دائما ما نسمعها على ألسنة الناس لتبرير هدرهم الوقت دون فائدة تذكر.
إن إضاعة الوقت تكاد تكون صفة مشتركة لدى جميع الشعوب العربية وسجية ورثها الأبناء عن الآباء ويتوارثها الأحفاد بدورهم ، حيث ترى المقاهي الموجودة في المناطق السكنية أو الأسواق ممتلئة صباحاً ومساء، لعدم إدراك الناس لما يسَفَكَ من أعمارهم بالتسكع أو الجلوس منتظرين الفرص تطرق الأبواب.

الوقت في كل العالم مقدس والمواعيد محترمة والإنسان في الدول المتطورة ليس لديه وقت فائض لا بالعمل فيترك ما بين يديه من عمل ولا في المنزل ليذهب للجلوس في الأسواق، حتى المسافة التي يقطعها من العمل إلى محل سكناه أو بالعكس ستكون مُسْتغِلّه بشكل ممتاز للقراءة أو قضاء الأعمال عن طريق الهاتف، لكن في البلاد العربية لا ترى هذا الحرص ولا يوجد التزام بالوقت والمواعيد مطاطية قابلة للتأويل كوقت العصر أو بعد العشاء أو صباحاً دون تحديد ساعة معينة .

وهناك أمثلة كثيرة لهدر الوقت كالتفاوت الكبير في أوقات العمل الرسمية ومقدار العمل الفعلي المنجز وسرقة للوقت في بداية الدوام بالأكل وشرب الشاي والدردشة وفي نهاية الدوام بالتهرب مبكراً أو بحجج ما أنزل الله بها من سلطان كوقت جرد أو تم غلق السجلات أو أن المدير أو الموظف المسؤول قد غادر وهكذا يتم تضييع أوقات الناس والعمل دون مبرر.
حتى خطط ومشاريع المؤسسات والحكومات توضع لها مواعيد وتتجاوز حتى أضعاف المدة الزمنية المحددة ترى مشروع كتب مدة إنجازه بلوحة الدلالة التعريفية لكن التنفيذ لم ينتهي وتجاوز أضعاف المدة المرصودة له دون إعارة أي اهتمام على الوقت الضائع بالتأخير.

إذا كان علينا ان نزرع ثقافة تقديس الوقت لدى الناس نحتاج أن نبدأ من الصغر من أطفال المدارس وعدم تشجيعهم على ترك الدروس وتوجيههم بأهمية الوقت في الحياة، أن تتَقَيَّدَ الدولة بعهودها ومواثيقها أمام المواطنين أن يلتزم الآباء بكلامهم أمام الأبناء والتأكيد دائما بأن كل لحظة أن أهدرت لا يمكن تعويضها ابداً لتنمو بذرة احترام الوقت لدى جميع الناس.

فعمر الإنسان هو أثمن ما يمتلكه فلا ينبغي التفريط بهذا الشيء الثمين والإنسان الذي لا يحاسب نفسه عما قدم واستثمر في أيامه وكيف يحقق جزء من خططه أو ما يصبو إليه ولا يترك عمره يضيع بتوالي السنوات وإذا به ينتبه وهو بأخر طريق العمر لهو المَغْبُون . والقصد من الاستفادة من الوقت لا تعني أن تكون مشغول دائما وتترك كل متع الحياة بل الهدف تنظيم الوقت واستغلال كل ساعة سواء للعائلة أو للعمل أو الرياضة أو للراحة للعودة بنشاط لممارسة أعمالك اليومية وليس إضاعة الوقت بما لا ينفع.