كثيراً تلك الغنائم والمكاسب العلمية والعملية التي حصلنا عليها ونحن في رحاب أرض الكنانة أرض العطاء .
نرتوي من مياها العذب ، وأجوائها الساحرة التي تبعث الأمل للروح وحلاوة العيش رغم البعد عن الوطن الأم .
ومن رأى أرض الكنانة ( مصر أم الدنيا – كما يحلو لهم المصريون هذة التسمية ) .
يسمع ويستمتع بكثير من العبارات الجميلة ذات المعنى الدقيق والأسلوب المهذب للوصول ألى غاية محددة بأقصر الطرق.ومن هذا المنطلق سنطلق بعبارة يرددها أغلب المصرين ، وبشكل متكرر جداً، خاصة حين يرغب المستمع المصري (الكدع) للوصول الى نتيجتاً ما من الحديث الدائر بينهم بدون مقدمات أو تمهيد .فيقول (خلينا بالمفيد ياعم وهات الي عندك )، أي أعطني زبدة الموضوع بدون (لف ودوران)، ومن هذه العبارة ذات المعنى القيم .
سأطرح ثلاث شذرات للعقد العراقي الرصين ، أملاً أن تجد أنعكاساً لنورها في مجتمعنا الكريم معقوداً الأمل لنورها بعد الله ، على مؤسسات حكومية والغير حكومية وعلى النشطاء المدنيين الذي يشهد لهم الميدان بالعمل والأخلاص للبلاد قبل الإعلام والظهور البراق الزائل ، من أمثالهم الدكتورمصطفى عياش الكبيسي مدير عام المكتب التعليمي في مؤسسة الخنجر للتنمية والدكتور صلاح عريبي العبيدي تدريسي في جامعة كركوك و الأستاذ المبدع عبد السلام المدني في أربيل الكرم والست هناء أدور والحقوقية الست سرود محمد فالح من جمعية الإمل في كركوك وغيرهم من الرجال والنساء الذين يعرفهم الناس من خلال العطاء المستمر في مختلف الإصعده .
وتهدف هذة الشذرات لحل جزء من مشكلة علمية وحالية في العراق أملاً في تغير وتحسين الوضع الراهن، من أجل دفع عجلة التغير نحو الأمام أخذياً بنظر الأعتبار التقشف المالي الحالي في البلاد. لذلك ممكن تحقيقها بسهولة جداً بتوفر شرط واحد فقط
وهوالتعاون بين أبناء العراق لأجل العراق …فقط لاغير …..
“خطوة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى” .
مع علمي اليقين أن هناك مشاكل أخرى كثيرة وكبيرة سواء كانت على المستوى الأقتصادي أوالأجتماعي أو الصحي أوحتى الأمني وغيرها من الفجوات…والتي سأكون بعيداً عنها، فلها أهلها. مع أحتفاظي بحلمي الكبير: هو أن لا أرى في بلدي أمياً وأحداً أبداً… ولا زياً عسكرياً أطلاقاً…ولا سلاحاً ظاهراً…ولا أسمع صافرات أنذار في عجلات بدون لوحات أرقام…تذهب مسرعه وتعود أسرع ..وفيهما مضيعه للجهد والوقت…(خلينا بالمفيد ياعم وهات الي عندك ) .
الشذرة الأولى / أقرأ أي شيء !!!
نعم أي شيء حتى الورق الذي يقع في يدك يجب أن تقرأه، المهم أن تكون القراءة عادة ، وأن تصاحبها لذة المعرفة.
ولا خوف على هذا القارىء الذي يبحث عن أي كلام في بطون الكتب عن الموضوعات الممتعة أو المسلية أو غيرها . لأن هدف القراءة هو أن تتحقق المتعة والبهجة لديك وهذة المتعة هي التي تجعلك لا تتوقف عن القراءة . ولذلك فالأباء يجب ألا يخافوا من أي شيء يقرأهُ الأبناء وخاصتًا الصغار سواء قصصاً بوليسية أو حكايات أجتماعية أو رحلات علمية أو تاريخية أو فلكية ، المهم أن يكون هناك كتاب وأن يكون هناك حرص على شرائه والأحتفاظ به ، من أجل أنشاء نواة لمكتبة صغيرة تكبر معنا وتغذينا في كل حين فكما نحتاج الى الغذاء والماء السليم فأننا بأمس الحاجة للقراءة والكتب السليمة في بيتنا الجميل ، ونستمتع بها في كل فرصة تحين مع الأحتفاظ بجدول يومي للقراءة .
والهدف الإساسي من عدم التخوف على الصغار هو أن يشغلة الكتاب وأن يشعل النار في خياله ويجدد أحلامه ويفتح شهيته على دنيا جديدة في أي أتجاه أدبي أوعلمي أو جغرافي أو تاريخي أو غير ذلك المهم الكتاب معه ولا يفارقه . وأن نعمل نحن بقدر الإمكان في أيجاد الجو المناسب للقراءة في أختيار المؤلف والموضوع مع الأستعداد الذي لايشبع لاستعياب كل ماتقع عليه العين وأن يكون القارىء صابراً..بل يجب ألا ينفذ صبره .وأذا سافرت فأنت تقرأ الدنيا كلها بقلبك وعينيك..أفتح عينك و أذنك…وأنت سوف تجد العجب أمامك..وهذه هي السعادة والمعرفة في وقت واحد، فهنيأ لمن كان كذلك !. عندي أقتراح بسيط ببعض الكتب التي أراها ضرورية الأطلاع عليها .
مبتدأ بسيرة المصطفى كأول كتاب (علية افضل الصلاة والتسليم) ، ويفضل للدكتور علي محمد الصلابي أذا رغبت ذلك .
ثم تقراء عن تاريخ العراق الحديث والمعاصر وبعدها من الكتب التي ترغب لها أو تميل لها أو ممكن أن تستشار من ترغب في ذلك .
ومن المؤكد أنك لن تستوعب كل الذي قرأته ولكن عندك (رؤيه عصفورية) أي مايراه العصفور وهو طائر بسرعة ، وبذلك بعض المعلومات عن بعض القضايا لا كل المعلومات عن كل القضايا. ، فتعريف الثقافة بالشكل المبسط : هي معرفة الفرد للمداخل الأولى لكل مجال من مجالات الحياة . والجدير بالذكر أن الكتب متعة عقلية من الوزن الثقيل ، ويفضل أن تقرأ جالساً لا نائما، وأن تمسك ورقة وقلما، وتسجل مايستحق المناقشة والموافقة والأعتراض . مع أمنياتي في أخر هذة الشذرة أن تكون المؤسسات الحكومية والغير حكومية ، ان يكون لها دور بارز في تنشيط القراءة بأن ترصد جوائز سنوية للطلبة المتفوقين أو المبدعين و المتميزين في المحافظات العراقية أو الجامعات وتكون الجائزة كتباً. وأن يحرص كل أنسان (وبالأخص الأباء والإمهات) أن يحمل كتاباً في يده خاصة أثناء دخول البيت ليرسل رسائل ألى الأبناء بضرورة القراءه وأهميتها…بدلآ من حمل كثير من الأباء العاباً ناريه وأسلحه للأطفال تهدم روح الأبتكار والأبداع وتزرع الحقد والكراهية وحب المغامره في التخلف !!!.
الشذرة الثانية / محو الأمية !!.
هذا الذي أحلم به حاليًا هو : محو الأمية بدرجة 100% في العراق بالشكل الخاص وفي جميع البلاد العربية عمومًا .
والدول لها تجارب مختلفة وقد نجحت بدرجات متفاوتة ولايزال الطريق مفتوحا والأمل في العراق وللعراقيين متسعًا ولكنه معلقا علينا حكومتًا وشعباً. فماذا نفعل أذن ؟بعض الدول قررت أن يقوم التلاميذ والطلبة في أجازاتهم (العطلة الصيفية ) بتعليم الأميين في بلادهم …سنة بعد سنة . ولهم جميعاً مكافأة بالدرجات لأن محو الأمية مثل أعمال السنة الدراسية.وهذا المقترح ممكن أن يطبق في العراق لاسيما أن العراق يمر حاليا بأزمه مالية خانقه جداً ، أضف الى ذلك ممكن تفعيل الطلبة النازحين في القيام بهذا الدورالريادي في مناطق نزوحهم وتحقيق هدف نبيل في أصعب ظرف يعيشون فيه، وممكن مكافئتهم بمبلغ رمزي كعمل لهم وهم بأمس الحاجة له في هذا الظرف العصيب وبالتالي حققت الحكومة مساعدة مادية له مضافًا الى تقدم لمحو جزء من معانات المجتمع العراقي، وهي خطوة أيجابة أفضل بكثير من منحة مالية فقط …
وبعض الدول كانت حاسمة قاطعة فقد قررت إغلاق المدارس و الكليات عاماً كاملاً، وكلفت الطلبة والمدرسين والمواطنين بمحو أمية الشعب كله في سنة واحدة… فكان لها ذلك . وكيف لايكون !! أذ كان من على دفة الحكم أبن البلد ويشعر بمعانات أبنائه ، وبكل أسف في العراق تهدر السنين للطلبة ويصدر قرارعدم رسوب دون أي تفكر في معالجة أي موضوع يعاني منه البلد، لايسمى دائما يكون في أخر الذيل في كثير من المقارنات دون ان يمس أي خجل او شعور منهم بذلك أنهم هم السبب !؟ .وهناك بعض الدول جعلت في كل المؤسسات والهيئات والملاعب والمصانع مدارس لمحو الأمية تنفق عليها الدولة أوالزام للمشتركين اوالعاملين بيها أوالمنتفعين منها في معالجة محو الأمية وجعلت ذلك إجباريا سنة بعد سنة . وهذا أيضا ممكن أن يطبق في العراق لمحو الأمية مضافاً اليه أن تكون نقطة الهدف في الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة وغيرهم من المتطوعين في السلك الأمني لأن اتوقع هناك في هذا الخندق الكثير من الأميين..و أخيرًا قررت البعض الأخر من الدول ألا يدخل الجامعة طالب إلا إذا كان قد محا أمية عشرة أوعشرين شخصًا .
وألا يرتقي أحد من درجة إلى درجة في الحكومة إلا إذا كان قد محا أمية عشرة أوعشرين شخصًا .
وممكن ذلك في العراق أيضاً وبكل سهوله؛ وخاصة ياحبذا أن تباشر فيه مؤسسة الخنجر للتنمية في قبولات المنح الدراسية سواء العليا او البكالوريوس، وهي مشهود لها سباقه بالخير والعطاء .والجدير بالذكر يعتبر العراق أستنادا للتقارير الصادرة عن منظمة اليونسكو بأنه أول دولة في منطقة الشرق الأوسط أستطاعت القضاء على الأمية بشكل تام في فترة أعوام الثمانينات . ولكن لفداحة الظروف السياسية التي يمر العراق بها منذ الأحتلال الأمريكي 2003 إلى يومنا هذا وما سبقها من أنشغال العراق في حروب مدمرة غير مجدية وما أدى اليه الحصار الأقتصادي من تحطيم الأقتصاد والبنى التحتية وإلغاء جميع المشاريع الحية وتعطيل تقدم التربية والتعليم والصحة خلال أعوام 1990 أدت ألى أنتشار الأمية بشكل وضع العراق على أعلى مرتبة من وجود العدد الكبير جداً من الأميين.وتنتشر الأمية بشكل كبير بين النساء خاصة من سكان القرى والأرياف والمناطق البعيدة عن مراكز المدن .
وهناك تقارير تقول “بأنه بين كل خمسة اشخاص تتراوح أعمارهم بين 10-49 سنة أمي لايعرف القراءة والكتابة ولا تركيب جملة مفيدة قصيرة لها علاقة بحياتهم العامة التي يمارسونها”. وقد قدرت اليونسكو بأن نسبة التحاق الطلبة في المدارس الأبتدائية وصلت الى أعلى نسبة وهي 100% خلال أعوام الثمانينات من القرن الماضي ، حينها منحت اليونسكو أفضل جائزة للعراق لنجاحة في القضاء على الأمية بشكل تام في عام 1982 .وبعد الأحتلال الأمريكي المدمر عام 2003 ألى يومنا هذا لقد وصل عدد الطلبة الملتحقين في المدارس الى نسبة وأطئة هي 33% .
وللتنويه ان صدور قانون محو الأمية لسنة 2010 نأمل منه خير ولكن لا أتوقع يحقق نتيجه في الوقت الحالي ونتائجه بعيدة المدى وهذا بحد ذاته مشكلة مضافاً الى الروتين الأداري وغيرها من السلبيات التي تتطبق على أسباب الأمييه من الإصل لذلك لن يتغيير شيئ في هذة الطريقة لمحوالأمية في هذا القانون سوى زيادة العبئ المالي على الحكومة وفشل جديد يضاف في سن القوانيين .الشذرة الثالثة / بناء جامعة متميزة للبحث والتطوير.
الأبحاث العلمية التطبيقية حلقة مهمة من حلقات السلسلة التي تؤدي إلى النهوض والتقدم، فالبحث العلمي الجاد هوالذي ينتج الأبحاث التطبيقية التي تستخدم في تقديم خدمة أو إنتاج سلعة وتسوق هذه الخدمة أوالسلعة على نطاق واسع يدعم الإقتصاد ويقوية والإقتصاد القوي يضمن التخلص من التبعية للآخرين ويحقق الأستقلال السياسي وحرية أتخاذ القرارات وهو مايؤدي إلى العزة والقوة والمنعة في النهاية .
وسبب هام من أسباب تراجعنا عن الدول المتقدمة هو عدم الأهتمام بالأبحاث التطبيقية (وهي: البحوث التي تتم في مجالات مختلفة مثل : الزراعة والطب وغيرها، بهدف تحقيق أهداف علمية خاصة )، فالأبحاث التطبيقية لاتمثل سوى أقل من (10%) من إجمالي الأبحاث التي تجري في الجامعات و المراكز البحثية العربية وليس العراقية فقط – أذن كم نسبة العراق في ذلك….!!! ، بينما نسبة الأبحاث الأساسية (وهي : البحوث التجريبية أو النظرية التي تُجرى دون هدف تطبيقي ) تصل إلى أكثر من (90%!!) ويزداد الأمر سوءاً إذا علمنا أن الأبحاث التطبيقية – على ندرتها- لاتجد الأهتمام أو التمويل الكافي لتحويلها إلى منتجات وخدمات تسهم في حل الكثير من المشكلات المزمنة في العالم العربي .
ويقول تقرير الأتجاهات الاقتصادية الأستراتيجية ، الصادر عن مركز الدراسات السياسية والأستراتيجية بمؤسسة الأهرام:”تعاني الدول العربية تخلفاً علمياً وتقنياً بالغ الخطورة، وهو التخلف الذي تتعاظم أسبابه في ظل تراجع القيمة الأجتماعية للعلم، في بيئة أجتماعية يتزايد فيها نفوذ الأتجاهات العينية غير العلمية، وأيضاً في ظل الفجوة الكبيرة بين مؤسسات البحث العلمي ومؤسسات الإنتاج بما يحول بين المؤسسات البحثية وتحويل إنجازاتها العلمية إلى قوة تقنية فعالة ومنتجة في الواقع “. ومن أسباب إهدار هذه الملايين: عدم التواصل بين المراكز البحثية في البلد الواحد، ناهيك عن عدم التواصل مع باقي الدول وعمل أكثر من بحث حول الموضوع والمادة الواحدة .لذلك دعوتنا الأن لأصحاب القرار هو الأهتمام بالبحوث التطبيقية في العراق أكثر من غيرها، وهذا لايعني بحال من الأحوال التقليل من شأن البحوث الأساسية، فلها أهميتها في النهوض بالبحث العلمي، ولكن هذه الدعوة تأتي من باب الأولويات والأولويات في المرحلة الحالية يجب أن تعطى للبحوث التطبيقية .
لذلك نقترح هنا أن العراق يحتاج الى قرارات سياسية جريئة تستفيد من الخبرات العلمية العراقية، وتستقطب العلماء العراقيين في الداخل والخارج، حتى يلحق هذا البلد العريق بالركب العلمي المتقدم .رغم أن العراق يواجه العديد من المعوقات، وعلى رأسها التمويل البحثي ونؤكد على ضرورة تجاوز هذه المسألة عملا بمقولة الزعيم الهندي الراحل (نهرو):”إن الهند دولة فقيرة لاتمتلك إلا أن تنفق على العلم بسخاء”. و العراق يمر بظروف مالية صعبة ترغمه أن يتبع مسار دقيق و صحيح بدون أن يتأثر بالظروف الأمنية والأقتصادية وغيرها ، ليحقق نتائجه بنجاح باهر .
ونرى أن الحل ليس بتطويرأوحث الجامعات العراقية الحالية رغم جهودها القيمة المشهود لها، بل على أهمية إنشاء جامعة واحدة متميزه تضم الخبرات العلمية وتعمل على تطوير البحث العلمي ويتم تمويلها بسخاء. ونأمل ذلك من أصحاب القرار في الحكومة العراقية لاسيما جهود البرلمان العراقي الموقرالذي يضم كفاءات علمية يشهد لها التاريخ .
ويفضل أن تكون مستقلة عن جميع الوزاراة وتكون أشبه بهيئة النزاهة أو مفوضية الأنتخابات ، ولكن فعلًا وليس أسمًا فقط .
وأن تكون بعيده كل البعد عن المحاصصه السياسية ، وينظم لها هيكلية رصينة معتمده على الكفاءات فقط من الخبراء و المخترعين والباحثين، سواء في خارج العراق أو داخله ويتم العمل فيها كخلية النحل التي تذهب إلى أبعد الأماكن ثم تعود بالخير الى الخلية (الوطن الأم) .
وأخيرًا أملن أن يتحقق ولو جزء بسيط من ذلك..
اللهم الحمد لك…والشكرلك…والملك لك…أغفر لعبد…قال: الذنب لي والعفو لك.