23 ديسمبر، 2024 6:48 م

ثـــــــم…اقتــــديت -6 / قذيفــــة في الطويســــة

ثـــــــم…اقتــــديت -6 / قذيفــــة في الطويســــة

عام 1991، وصلت الى بغداد.. اخبار عن انتفاضة اهل البصرة.. او انتفاضة الجنود الذين انسحبوا من الكويت..ويبدو ان احدهم ضرب بدبابته صورة للهدام.. في باب بناية..في الطويسة (البصرة).. بناية ضخمة يطلق عليها بيت الحزب..
أنهارت الدولة بقذيفة في الطويسة….!!
وصلت اخبار الانتفاضة.. لكنها..انتفاضة تاخرت كثيرا..
تاخرت عشرات السنين..
تأخرت .. وتأخيرها ادى الى حربين (مع ايران ومع العالم)..
حربين سحقت الاخضر واليابس..
وقتلت الشاب والشايب..
انتظرها الوطنيون ..حتى تفسخوا في سجون ابشع حكم ديكتاتوري عميل..
انتظرها ..والدي منذ كنت صغيرا..
حينها، وعمري لم يتجاوز الست سنوات.. فتحت عيني على أزلام السلطة يسطون على دارنا في حي الحسين (البصرة) عام 1968.. واعتقلوا والدي..
البعثيون وضعوا كتابا ممنوعا بين قصب جدار بيتنا.. وجعلوه دليلا ..لاجل اعتقال والدي..
والدي الذي عاش في النكرة (نقرة السلمان) ..حالما بالانتفاضة الحمراء.. بفطرته الجنوبية الثائرة..
انتظرها والدي حتى ودع الحياة..
انتفاضة انتظرها حميد العاتي.. عامل تجليد للكتب..في سوق المغايز (البصرة)
حميد المجلد.. صديق والدي..الذي سممه النظام بالسيانيد في الثمانينات.. بعد الافراج عنه..
انتفاضة ..انتظرها.. مهدي البصري.. بائع الصحف الحالم بالوطن الحر والشعب السعيد..
ثم أعدموه بتهمة .. انتماء لحزب إسلامي!!
انتفاضة..تاخرت.. حتى استحكم اليأس في الامل..
تأخرت..
ثم قدحت دون توقع..
وانتشرت في هشيم العراق..بأسرع مما نتوقع..
قدحت في البصرة..وانتشرت في محافظات الجنوب… وانتظمت في النجف وكربلاء والحلة..
انتفاضة.. انتظرها السيد محمد باقر الصدر طويلا..
دون ان تاتي..
كان يتوقعها لحظة اعتقاله..
انتفاضة.. جالت  برأسه.. وهم  يثقبون ذاكرته..
انتظرها الصدر.. والدماء تسيل من ثقب رأسه.. وتمر على خده ..ثم تخضب لحيته وشيبته..
انتفاضة.. انتظرتها زينب الصدر (بنت الهدى) طويلا.. 
انتظرتها لحظة الاعتقال..
انتظرتها وهي تسمع الاهانات والسب والشتم..
انتظرتها وهي  تلفظ انفاسها الاخيرة.. في سجون الانتظار..
انتفاضة..
انتظرها السيد محمد الصدر ..  (1)
….هامش…
(1) قد يكون السيد محمد الصدر، اكثر الناس انتظارا لهذه الانتفاضة، بسبب الضغوط التي تعرض اليها، لانه من عائلة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رض),, وهو ابرز طلابه، فضلا عن عزلته الاجتماعية، وشدة تحسسه للظلم الواقع ، من جهات عدة وبمستويات متعددة، وقد يفسر هذا امتياز موقفه الصريح والشجاع في دعم الانتفاضة، وحينها.. صعد الصدر على سطح الحرم العلوي المقدس.. ليعلن بصراحة.. وبصوت عال، دعمه للانتفاضة، وطلب من الجميع مساندتها، وقد انتظمت قيادتها المحلية بشكل سريع، وموضوعي، قيادات للعمل بإمكانيات متواضعة، وانتهت الانتفاضة سريعا، بقرار أمريكي، يقضي بدعم صدام، وإنهاء الانتفاضة بطريقة بشعة وقذرة، لم يشهد التاريخ سابقتها.. واعتقل السيد محمد الصدر والسيد مقتدى الصدر..
[email protected]