22 ديسمبر، 2024 4:35 ص

ثغرات جدّية في قرار القضاء العراقي باعتبار مواقع التواصل الاجتماعي وسائل إعلام يحاسب عليها القانون

ثغرات جدّية في قرار القضاء العراقي باعتبار مواقع التواصل الاجتماعي وسائل إعلام يحاسب عليها القانون

القرار الذي اتخذته الهيئة التمييزية في محكمة استئناف الرصافة باعتبار مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك ) هو أحد وسائل الإعلام وبالتالي فإن أحكام القضاء العراقي الخاصة في هذا الشأن تسري عليه كما تسري على بقية وسائل الإعلام , أثار موجة من ردود الافعال ولغطا كبيرا بين المدافعين عن حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور العراقي , وبين المدافعين عن حماية الأشخاص من القذف والشتم والإساءة في استخدام هذه المواقع , فمنهم من اعتبر هذا القرار تحديدا وتضييقا لحرية الرأي والتعبير المكفولة دستوريا , ومنهم من أبدى مخاوفه من استخدام القضاء كساحة لتصفية الحسابات والضغائن , ومنهم من اعتبر هذا القرار قد جاء ليسدّ فراغا في البناء القانوني لجرائم النشر الذي تغاضى عن ذكر ما يننشر في مواقع التواصل الاجتماعي من قذف وسب وانتهاك للخصوصية وتشهير بالأشخاص تحت مسمى حرية الراي والتعبير .
ومن أجل تسليط الضوء على بعض النقاط المهمة والوصول إلى قرار صائب يحمي الأشخاص من القذف والسب ويمنع المسيئين من استخدام هذا الحق , وأن لا يكون أداة للتضييق على حرية إبداء الرأي والتعبير ويجعل من القضاء العراقي ساحة لتصفية الحسابات والضغائن الشخصية  , لا بدّ لنا من الإشارة لبعض الثغرات الجدّية في هذا القرار ومنها :
أولا / إنّ تطبيق هذا القرار يحتاج إلى تخصيص الآلاف من القضاة للنظر في القضايا والشكاوى التي سترفع للقضاء العراقي .
ثانيا / إنّ الغالبية العظمى من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي  ( الفيسبوك ) يستخدمون أسماءا وهمية وألقابا وتوصيفات لا علاقة لها بأسمائهم الحقيقية .
ثالثا / أنّ هنالك الآلاف من الحسابات المزوّرة بأسماء شخصيات سياسية وأجتماعية ودينية , انشأت من أجل الإساءة إلى أسماء هذه الشخصيات وهم براء منها ولا علاقة لهم بها من قريب أو بعيد .
رابعا / أنّ كل الذين يسيئون استخدام هذه المواقع لا يستخدمون أسمائهم الحقيقية , ويستخدمون أسماءا وهمية .
فكيف يمكن للقضاء العراقي من الوصول للأسماء الحقيقية ومعرفة عنواينهم وأماكنهم ؟ وكيف يمكن مقاضاة من هم يعيشون خارج العراق ويحملون جنسيات بلدان أخرى ؟ وإذا كان القضاء العراقي مستعدا للنظر في هذه القضايا ويملك العدد الكافي من القضاة , فلماذا لا يستخدم هؤلاء القضاة في انجاز القضايا التحقيقية الخاصة بالآلاف من قضايا الفساد المالي والإداري وقضايا الإرهاب ؟ ولماذا نشغل القضاء العراقي بقضايا يصعب الوصول إلى معرفة الحقيقة فيها ؟ , هذه ملاحظات فقط أضعها أمام أنظار السلطة القضائية من أجل تجاوز عقبات استخدام القوانين كوسيلة للحد من الحريات العامة وحرية الراي والتعبير التي كفلها الدستور العراقي .