-1-
شاع على الالسن أنْ يقال :
كان واخواتُها …
وإنّ وأخواتُها …
وجاء عنوان المقالة تمشياً مع ما شاع وذاع وملأ الأسماع ..!!
-2-
و(ثعلبة) بن حاطب ، رجلٌ كان في مقتبل أمره ، ملازماً للمسجد في المدينة المنورة ..!!
كان ذلك يوم كان فقيراً …
وحين تحوّل من خندق الفقر والإفلاس ، الى دنيا الثراء والأموال ، أطغاه المال ، وجعله يطلّق المسجد ..، متبعداً عن كل ما يجري من حوادث وأحداث لاتعودُ عليه بنفعٍ ماديّ محض ..!!
-3-
وبعبارة مختصرة :
أفسده الغنى ، وأخرجه عن الصراط السوّيّ … فباء بالخسران الأبديّ
-4-
لقد قال (ثعلبة) للرسول (ص) :
{ يارسول الله :
والذي بعثك بالحق ، لئن دعوتَ ، الله ان يرزقني ، لأوتيَّن كلّ ذي حقَ حقه}
واستجاب الله دعاء النبي (ص) بحقه ،
فكثر مالُه وتضخمت ثروتُه …
وحين طولب بالزكاة قال :
( ماهذه إلاّ جزية …
ما هذه الا أخت الجزيّة …)!!
-5-
وحين نزل القرآن مُنَدِدِاً به وأيقن بالعار والنار في الدنيا والآخرة ، أقبل الى النبي (ص) معتذراً وطلب منه ان يقبل منه صدقته فقال (ص) :
{ إنَّ الله منعني ان أقبل صَدَقَتَكَ }
فصار يحثو التراب على رأسه ورجع الى منزله خائباً …
{ راجع اسد الغابة /ج1/283
وطرائف الحكم ونوادر الآثارج4/87 }
-6-
هذا الطغيان سببُه الثروة المفاجئة ، وكما قال تعالى :
( ان الانسان ليطغى) العلق /6 .
والذين أطغاهم المال في (العراق الجديد) فصاروا مضرب الأمثال للجحود والفرار من ساحات الواجب الديني والانساني ليسوا بقليلين …. لاسيما مع ما اتسمت به المرحلة من انفلات عجيب في مضمار العقود والمشاريع التي امتصت الثروة الوطنية وأدخلت اللصوص والمفسدين في قوائم أكبر الأثرياء بالعالم ..!!
ولا نريد ان نستعرض الأسماء فتلك مسألة تناقلتْ أخبارها البلدان … وانتشرت في كل مكان ..
ان الملايين من الدولارات لم تعد الا أرقاما بسيطة في معادلات النهب المنظم الذي تجاوز مئات المليارات من الدولارات ..!!
-7-
وهناك طغيان أخطر من الطغيان المالي ، وهو الطغيان السياسي .
ان كثيراً ممن كانوا (كثعلبة) في فقرهم ومكابدتهم للضيق والحرمان والتسكع في بلدان المهجر ، لايحلمون بأكثر من العودة الى الوطن ، بعد تشريدٍ وغربة، تربعوا على الكراسي الوثيرة ، وأصبحوا من السلطويين الذين يديرون دفة الأمور ، وهنا – تنكروا كثعلبة – لمبادئهم وللشعارات التي كانوا يرفعونها، وأنهم حَمَلةُ مشاعل العدل والحق والحرية والنزاهة.. وفرسان الالتزام بكل قيم الاسلام ..!!
واذا كان (ثعلبة) قد سمّى الزكاة جزية ،
فان هؤلاء سموْا الاعتراض على مسالكهم وممارساتهم تآمراً، مرتبطاً بخارج الحدود ، وانقلاباً على مصالح البلاد والعباد ..!!
وهكذا يكون المسخ للحقائق، والسباحة في بحر الدجل والفشل ..!!
وآخر ما أغرقوا به الساحة ،تزامنا مع الانتخابات النيابية التي جرت في 30/4/2014 الاستماته في شراء الأصوات الانتخابية بالمال ، وبالأراضي ، وبالهواتف الذكية ، وبعقود التوظيف وبكل ما يخطر ببال الأبالسة والشياطين، من وسائل لتزوير إرادة العراقيين بالنحو المناسب لغاياتهم المحمومة في الاستحواذ على السلطة والمغانم ..
واذا كان (ثعلبة) قد مات بشخصه، فانه لم يمت بنهجه، وهاهم طلاب مدرسته يسيرون على دربه ويؤكدون انتماءهم لحزبه …!!!
-8-
وكم هو الفرق بين ثعلبة بن حاطب وثعلبة بن عبد الرحمن ، ذلك الشاب المؤمن الذي قارف ذنبا جعله يفر من (المدينة) الى شُعب الجبال ، حياء من الله ورسوله .
وحين افتقده الرسول (ص) بَعَثَ مَنْ يبحث عنه ويعيده الى المدينة، وحين مُثلَ بين يديه قال الرسول (ص) :
ما الذي غَيَبَّكَ عني ؟
قال :
ذنبي
فقال (ص) :
أفلا اعلمك أية تمحو الذنوب والخطايا ؟
قال :
بلى يارسول الله .
قال :
قل : (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) البقرة/201
قال ثعلبة :
يارسول الله ان ذنبي أعظمُ من ذلك
فقال الرسول (ص) :
( بل كلام الله تعالى أعظم )
ثم أَمَرهُ بالانصراف الى منزله ، فانصرف وهو في غمرة من الندم والألم لما صدر منه من ذنب …
أما إخوان (ثعلبة) فانهم لايعترفون بالذنوب ، ويزعمون انهم مبرؤن من العيوب …،
همّهم ملأ الجيوب،
والسيطرة على الشمال والوسط والجنوب ..!!