“كُن حُراً كالبحر ”
بورخيس
1
وانا ابحثُ عن نفسي وجدت باننا نلوذ جميعا بالكتابة هروبا من فوضوية ما حولنا ´بالكتابة نُعّمر ممالك للحب للسلام لطهارة عقولنا لمواجهة هذا الخراب الذي عَمَّ فحين يسود الجهل ونعود لزمن الكهوف والعقول المتحجرة نعاني التشتت بينما العالم يخطو للأمام بخطوات واسعة كما قال ريلكه نكتب حتى لا نشعر اننا وحيدون في هذا العالم المُتداعِ.
2
“أي نوم هذا الذي غلبك وأِستولى عليك ؟”
گلگامش لأنكيدو
الدُخان ُ هنا لا يُطاق وطائر ُ رّخ يترنح في السماء لتظل الأسفار التي خُطت بمسمار شاهدة على زمن وعراقة مكان كانت الارض تدور لمستقرها وحشدٌ من قطيع المراعي تجرُ خطاها كجيوش منّكسِرة تحنُ لأيام خصب وفوران نهرين ومُدن آهلة . مُدن بتنا نخاف بأن على غفلةً نبات لا نعرفها حين داهمها الطوفان فلعب بمحاصيلها بمقاديرها ببيادرها بأنهارها باطمئنان ليل مدنها . والذين ولِدوا بزمن الخيبات . أكان لزاماً عليهم هجرانها ليتركوها عذراء تُباع بالمزاد ؟ عرابها من باعها حين تداخل ليلها بنهارها حين وطئت أقدام همجية أثارت الغبار بقدسية ارضها . فمن أين سيأتي قبس ضياء ؟ ووِلدانها اِصطبغوا بدم قرابينها ورقدوا بمدافن قرب بعض يرتجع صدى نحيب امهات وشيخ حاسر الرأس بخيمة عزاء ومشهد مُعاد بحروب زائلة . من أين يأتي قبس ضياء ؟ و الهوامير الكبيرة ابتلعت حتى اسماك البحر الصغيرة .. لتظل قلوبنا ترفرف على تلك البلاد واهلها الذين لم يتذوقوا من كرموها الا حصرمها . فمن يا ترى يفك خيوط عنكبوتها ومتاهةً تُفضي لأعجاز ليعود يستقيم ميزانها.
3
يا لهذه المدينة
لا الخارج منها أجادَ وصفها
ولا الداخل فيها اتقن السبيل
لفضِ شفرةِ عذابها
مَنْ قالَ أنَ الاماكن َ تشيخ ؟؟ ما كنا نحب الارض لولا طفولة عشناها . المدينة التي كانت لي فضاءٌ من الضوء . وانا برعم صغير اصارع بها الحياة من اجل افكاري .كنتُ فيها كعُشب ينبت بالماء . كان ثمةَ دبيب يسبق وقع اقدامي يوم هطل من السماء مطراً ثقيلا يوم تلطخ في الوحل فُستاني .شعرتُ بشيء آخر غير الأسى . شعورا هائلا سمعتُ صداه بأعماقي ولكن سرعان ما زالَ الم القلب حين كف المطر وانا اعدو لمبتغاي لأنجو بقصائد أليوت مُبللة بقطرات لؤلؤية . ودفتر ذكرياتي وانا التقيه. لا هذي هذيان مقتبل العمر ؛؛ سأرسل لك زفير معبأ بقوارير عطر ابتسم ابتسامة الزاهد . لم أكن اعرف انه كان ينوى أن بهجر هذي البلاد ( يا لخيبة افكاري ) كنت أُحابي عليه كطفل مندفعة بسليقتي . فهل سينسى رويداً الناس كل من مروا بتلك البلاد ؟ او يتذكرونهم لِماماً حين يفسح الخريف للشتاء حيزاً وحين يُغرد الطير فجراً لهواء الصبح الذي سيحدو بكلماتها ومعانيها للبعيد . آواه يا إلهي ما كنا نحب هذي الارض لو لم نعش طفولةً عليها حين دخلنا لحضنها نرسم الشعر بالكلمات وحين فارقناها انقطع الوتر الذي يُدجّن بنا الحنين فخاب ظن الانتظار والنسوة المنتظرات بعتبات البيوت للآتين من الحروب ابنائها
4
“المدينة التي يضيع فيها الإنسان دون أن يعترضه أحد، ولا يشعر بالرقابة أو الحصار، تصبح مدينته، تصبح مأواه وغطاءه ومكانه الأليف”.
عبد الرحمن منيف
5
مرة اخرى اليه
وكأن ريح رعناء تجتاحني
فشطرتني لشطرين
ثم اتت على بقاياي لِتَجتثني
من غابة عميمه بالشجر
كم اتوق ان اللمم اجزائي
ليعيدني الله شجرة مثمرة
ولكن ما العمل وانا تبعثرت
اوراقي واغصاني وثماري
بتلك الريح الرعناء الملعونة
وبقيت جذع يابس ليس قادرا
على التّورد من جديد
سلامّ عليك كلما مرت الريح رخاء
وكلما شدا شاعر ترنيمة حزن
وحلّقَ في السماء طائر